زيارة الأربعين هي واحدة من الشعائر الكثيرة التي تقود الإنسان إلى ربه، وقد أمر الله تعالى بتعظيم هذه الشعائر المرتبطة به (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب). وبيان هذه الشعائر هو من اختصاص العلماء. فلا نستغرب إذا جعل الله تعالى (ذبح بعير) شعيرة ترتبط به . (والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير).(1) فما بالك بذبح انسان بحجم الإمام الحسين عليه السلام وأهل بيته. فإذا كان ذبح بدنة جعل الله فيها خير، فما بالك بالخير الذي تفيضه قضية الإمام الحسين عليه السلام.
والوصول إلى الله عن طريق هذه الشعائر يتم عبر وسائل كثيرة اقرها الشرع ومنها زيارة سيد الشهداء كما ورد عن المعصوم ولانه من أولياء الله وكأن السير نحوه بمثابة السير نحو الله تعالى لأن الحسين إنما كانت تضحيته خالصة لوجه الله وهذا ما يتجسد في قول العقيلة عليها السلام : (اللهم تقبل مِنّا هذا القربان). فكما أن القبلة في الصلاة تقودك نحو الله فإن الحسين عليه السلام بما أنه مرتبط بالله تعالى (حبلٌ ممدود بين السماء والأرض).فإنه يقودك إلى ألله أيضا. (رضا الله رضانا اهل البيت).
(إن الصفا والمروة من شعائر الله). فماذا بين الصفا والمروة غير السعي والهرولة بين جبلين. ومع ذلك جعل الله ذلك من شعائره ، وهكذا السعي في زيارة الأربعين بما أنهُ أرتبط بتضحية الإمام الحسين عليه السلام، بهذا اصبح من شعائر الله. لأن الإمام الحسين عليه السلام حبلٌ ممدود بين السماء والأرض.وقد أوصى نبينا الأعظم (ص) بأن نتمسك بهذا الحبل لكي لا نتيه (ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي ابدا).فهو العاصم لنا من الضلالة في عصور الفتن التي تعصف بنا من كل جانب ومكان وهو القائد لنا نحو الله.وهو الذي أحيى روح التشيع عبر العصور ، ولذلك فإن زيارته عليه السلام تُحيي في الإنسان روح الإيمان.
فلنجعل من زيارة الأربعين طريقا يقودنا إلى الله عبر الحسين عليه السلام لأن الحسين وسيلة من الوسائل التي تقودنا إليه وهو تعالى امرنا بذلك فقال : (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة).فلم يُحدد الله لنا ما هية تلك الوسيلة فالدعوة عامة بل تأمر التمسك بكل وسيلة توجب التقرب إلى الله وتقود إليه وأحد هذه الوسائل هو ما بيّنهُ المعصوم حيث قال : (نحن الوسيلة).(2)
المصادر :
1- سورة الحج آية : 36.
2- وفي بيان أنهم (ع) الوسيلة قال رسول الله (ص) : (الائمة من ولد الحسين (ع) ، من أطاعهم فقد أطاع الله ، ومن عصاهم فقد عصى الله ، هم العروة الوثقى وهم الوسيلة الى الله تعالى). وفي دعاء الندبة : (وجعلتهم الذريعة اليك والوسيلة الى رضوانك). ويُشاركنا اهل السنة بذلك فقد ذكر ابن حجر في كتابه (الصواعق المحرقة :ص 180 ، ط مكتبة القاهرة) فذكر : توسل الامام الشافعي بآل بيت النبي (ص) فقال
آل النبـي ذريعتـي ـــ وهم إليـه وسيلتـي
أرجو بهم اعطى غداً ـــ بيدي اليمين صحيفتي.