• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : مجلس حسيني ــ الامام الحسن بين حماية الدين وكرسي الخلافة .
                          • الكاتب : الشيخ عبد الحافظ البغدادي .

مجلس حسيني ــ الامام الحسن بين حماية الدين وكرسي الخلافة

 بـيـن الـنبوّةِ والإمـامة مَـعقِدُ *** يَـنْـميهِ حـيدرةٌ ويُـنجِبُ أحـمدُ

يا أيها الحسنُ الزكيُّ، وأنت مِن*** هذه الـمصادر للروائع مَـورِدُ

أأبـا مـحمّدَ أيُّـها الامام الـذي *** آواهُ مِــن حِـجْر الـنبوّةِ مَـقعدُ

وشَـدَت لـه الـزهراءُ تملأ مَهدَهُ *** نـغـماً غــداةَ تَـهزُّهُ وتُـهَدهِدُ

ولـك الـمواقفُ والـمشاهدُ واحدٌ يـروي.. وآخَـرُ بـالبطولة يَشهدُ

واـنهروانُ وأرضُ صِفّينٍ بها *** أصداءُ سـيفكَ ما تزال تُعرَبِدُ

وعَـذَرتُ فيك المُرجِفينَ، لأنّهم *** وُتِروا وذو الوِترِ المُدمّى يَحقِدُ

يا تُـربَ طَـيبةَ يا أريجَ محمّدٍ *** يـا قُـدسُ عـطَّرهُ الـبقيعُ الغَرقدُ

 

يتردد سؤال في ذهن المسلمين ما هو الواجب الاساس للأنبياء والائمة المعصومين{ع} والعباد الصالحين .هل هو الوصول الى هرم السلطة ,او الحفاظ على الاصول الفكرية للدين .؟ واذا كان الغاية من ارسال الانبياء عند الله حكم الناس وليس الحفاظ على الدين وهداية الناس , لماذا جعل الله الحكم لدى الانبياء امر ثانوي.ــــــ قال تعالى:﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ﴾ فلا يستطيع الإنسان أن يعرف حقيقة العبادة؛ لو ترك الله الناس ليعبدوه {كل حسب عقله وتقديره لوجدنا عندنا الاف الشرائع}.

لان عقل الانسان كل انسان لا يتعدى حدوده الاجتماعية وما سمعه خلال تربيته في حياته, ولو تركنا الله تعالى سيكون عندنا في كل منطقة مجموعة من الانبياء ومن يسمون انفسهم مصلحين اجتماعيين, فكانت الحكمة الالهية ان اختار الله نخبة من البشر ارسل لهم ملك يبلغهم بمسؤولية الرسالة التي ارسلها الله اليه ويسمى ذلك الاصطفاء.[ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ(عَ)،قَالَ: «كَانَتْ قُرَيْشٌ تُطيب الْأَصْنَامَ الَّتِي كَانَتْ حَوْلَ الْكَعْبَةِ بِالْمِسْكِ وَ الْعَنْبَرِ ،وهي اشكال مختلفة لان كل قبيلة تتخذ صنما معينا تعتبره الاها لها. وهذه الاصنام يلطخونها بالمسك والعتبر .«فَبَعَثَ اللَّهُ ذُبَاباً أَخْضَرَ،يلعق ذلك المسك فَلَمْ يُبْقِ مِنْ ذَلِكَ الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ شَيْئاً إِلاَّ أَكَلَهُ ،فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: [يٰا أَيُّهَا النّٰاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّٰهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبٰاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبٰابُ شَيْئاً لاٰ يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطّٰالِبُ وَ الْمَطْلُوبُ ».ويوضح القران قوله تعالى:[اَللّٰهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلاٰئِكَةِ رُسُلاً ومِنَ النّٰاسِ] عن علي بن إبراهيم :أي يختار من الملائكة :جبرئيل،و ميكائيل،و إسرافيل،وملك الموت، ومن الناس:الأنبياء،والأوصياء؛ من الأنبياء: نوح ،وإبراهيم، وموسى وعيسى ومحمد(ص)،ومن الأوصياء؛ أمير المؤمنين ،والأئمة (ع) .في (الْإِحْتِجَاجِ) :عَنْ أَمِيرِالْمُؤْمِنِينَ(ع) ،سالة زنديق:عن معنى قول الله تعالى :

:1- اَللّٰهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهٰا 2- قَوْلُهُ: يَتَوَفّٰاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ3-وتَوَفَّتْهُ رُسُلُنٰا 4- و تَتَوَفّٰاهُمُ الْمَلاٰئِكَةُ طَيِّبِينَ [5]وَاَلَّذِينَ تَتَوَفّٰاهُمُ الْمَلاٰئِكَةُ ظٰالِمِي أَنْفُسِهِمْ قال الامام{ع} الله تَبَارَكَ وتعالى أجل وأَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَتَوَلَّى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ، لان فِعْلُ رُسُلِهِ وَمَلاَئِكَتِهِ فِعْلُهُ،ياتمرون  بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ، فَاصْطَفَى جَلَّ ذِكْرُهُ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً وَسَفَرَةً(سفراء) بَيْنَهُ وَ بَيْنَ خَلْقِهِ، فيَصْطَفِي مِنَ الْمَلاٰئِكَةِ رُسُلاً. وَمِنَ النّٰاسِ رسلا مهمتهم تختلف عن مهمة الملائكة. وهو قوله:(وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً).

المنظومة العقائدية للأديان: عدد الأنبياء مائة وأربعة وعشرون ألف نبي ومثلهم من الاوصياء كلهم بأمر الله. الأنبياء والأوصياء جاءوا بالحق وكلمة الحق تعني الدين, فيكون قولهم قول الله وأمرهم أمر الله وطاعتهم طاعة الله تعالى ومعصيتهم معصية الله تعالى وأنهم لم ينطقوا إلا عن الله تعالى وما جاء عن وحيه. عن معاوية بن عمار، عن الصادق (ع) في خبر- "لما قال النبي (ص): من كنت مولاه فعلي مولاه قال العدوي: لا    والله ما أمره الله بهذا، وما هو إلا شيء من نفسه، فأنزل الله تعالى: { وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأقاويل لاخذنا منه باليمين الخ}.

موقف الشيعة الامامية من الحكم: رُوِيَ عن الإمام جعفر الصادق (ع) أنهُ قَالَ:" مَلَكَ الْأَرْضَ كُلَّهَا أَرْبَعَةٌ : مُؤْمِنَانِ ، وَكَافِرَانِ .فَأَمَّا الْمُؤْمِنَانِ هما َسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ ، وَذُو الْقَرْنَيْنِ .والْكَافِرَانِ : نُمْرُودُ ، وَبُخْتُ‏ نَصَّرَ اماَ اسْمُ ذُو الْقَرْنَيْنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الضَحَّاكِ" بحار الانوارج12 ص36..

من هو بخت نصر..؟ بختنصر هو نبوخذنصر وهو أحد ملوك الكلدان الذين حكموا بابل، وأقوى الملوك الذين حكموا بلاد الرافدين،جعل  بابل أقوى الإمبراطوريات في العالم في عهده خاض عدة حروب ضد الآشوريين والمصريين، واسقط  مدينة أورشليم (القدس) مرتين، وقام بسبي اليهود وهو الذي أنهى حكم سلالة داود، وقام بأعمال عمرانية في بابل مثل الجنائن المعلقة وبوابة عشتار.

 يرى الشيعة الأمامية أن الأنبياء{ع}لم يبعثوا ملوكًا ولا حكامًا بالمعنى المتعارف، بل كانوا مبعوثين لهداية الناس وتوجيههم، بعضهم تسلم الحكم في ظروف معينة، لكن الهدف الأساسي من بعثتهم لم يكن الحكم بل تبليغ الرسالة الإلهية عن طريق الحكم : مثل يوسف{ع} كانت الظروف الاقتصادية والامنية تعصف بالبلاد , وحين ارسلوا عليه قال: اجعلني على خزائن الارض اني حفيظ عليم .

 هذا هو الفرق بين الشيعة والمذاهب الذين ياتون بشخصيات غير مؤهلة للحكم مما يجعل البلاد في خطر كبير. واكرر :الشيعة الأمامية يعتقدون أن الأنبياء جاؤوا لهداية الناس وليس لتأسيس مملكة أو حكم دنيوي، وإن كان بعضهم قد تولى الحكم في ظروف معينة، مثل داود وسليمان عليهما السلام، نعم للشيعة دولة وحكم يمثل قانون الحق والسماء هو حين يبعث الله الامام المهدي{ع} وقد ذكر رسول الله{ص}ذلك : "انه ميملآ  الارض قسطا وعدلا بعد ان ملئت ظلما وجورا" ذلك من مهمتهم وليس الهدف الأساسي من بعثتهم بناء القصور والاستحواذ على المال. احد الشعراء يخاطب الامام علي{ع} وهو على كرسي الخلافة .

فكان يرتدي ثوبا سعره اقل من سعر ثوب قمبر. وطعامه في كل الروايات انه يساوي اقل فقير في البلدان الاسلامية. ونعله مرقع . فلا يمكن ان نقارنه بمن سبقه ومن جاء بعده . الامام علي {ع} كافل اليتامى والارامل: اجتمعت في شخصيته أسمى معاني الإنسانية والرحمة والمحبة لعباد الله حتى اشتهر عنه انه ابو اليتامى والفقراء .

 يا قائد الفقراء نحو شواطيْ ///////.خضراء فيها ما استلذ وطابا.

 إن كان غيرك في الشراب سميره//اثنين أنت جعلتهم أحبابا .

 قرص الشعير وملحة يا سيدي// وبها غزوت مشاعرا ولبابا  

ولذا حين نذكر الانبياء والمعصومين, لا نذكر ونفتخر بطريقة الحكم بل نستلهم ما بلغوا العباد به من الله. واصلحوا النفوس .يقول في احدى خطبه: ألا وإن لكل مأموم إماما يقتدي به، ويستضيء بنور علمه، ألا وإن إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه، ومن طعمه بقرصيه. آلا وانكم لا تقدرون على ذلك ولكن أعينوني بورع واجتهاد وعفة وسداد ، فوالله ما كنزت من دنياكم تبراً ،ولا ادّخرتُ من غنائمها وفراً يشير الامام في هذه الخطبة: الى الطالبين للبيعة بعد قتل عثمان، ولما كان الناس نسوا سيرة النبي (ص) واعتادوا بما عمل فيهم خلفاء الجور من تفضيل الطلقاء وابعاد الأشراف حتى تنتظم أمورهم , لذلك كانت الثورة ضد عثمان لاستبداده بالأموال.. فلما وصل الامام للسلطة بعض الذين تقربوا اليه كانوا يطمعون منه أن يفضلهم في العطاء والتشريف ولما وجدوه انه يهتم بالانسان وتبليغه الرسالة ,نكث طلحة والزبير في اليوم الثاني من بيعتهم له. ونقموا عليه التسوية في العطاء وقالوا وآسيت بيننا وبين الأعاجم وكذلك عبد الله بن عمر وسعيد بن العاص ومروان وأضرابهم ولم يقبلوا ما قسم لهم فهؤلاء القوم لما طلبوا البيعة بعد قتل عثمان قال(ع) (دعوني والتمسوا غيري) إتماما للحجة عليهم وأعلمهم باستقبال أمور لها وجوه وألوان لا يصبرون عليها وإنه بعد البيعة لا يجيبهم إلى ما طمعوا فيه ولا يصغي إلى قول القائل وعتب العاتب بل يقيمهم على المحجة البيضاء ويسير فيهم بسيرة رسول الله (ص). وبين لهم ان نفوس الناس تغيرت نحو المال..

 **اذن يختلف الانبياء والاولياء والمؤمنون  الصادقون عن غيرهم بالعبودية لله أولًا:وقد يكونون الانبياء والاوصياء حكامًا أو ملوكًا في بعض الفترات، لكن العبودية لله تظل الصفة الأساسية لهم. الإمام علي (ع) في حديثه عن ذي القرنين، يؤكد على أنه كان عبداً لله أحب الله فأحبه، ونصح لله فنصحه. وهذا رسول الله{ص} لما تولى الحكم، كان الهدف هو تطبيق شرع الله والعدل بين الناس، وليس تحقيق مصالح شخصية أو توسيع سلطة دنيوية، وكلنا نتذكر لما جاء وفد اهل مكة يعرضون على ابي طالب {ع} ان يكف عن تسفيه الهتهم . فيعطونه مال ويجعلونه رئيسا عليهم  فقال: والله لويا عم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على ان اترك هذا الامر ما تركته حتى يظهره الله او اهلك دونه . يعني الشمس والقمر أي لو جعلوني حاكما على كل ارض تشرق عليها الشمس ويضيئها القمر ما تركت رسالة الله , لان الرسول{ص} كان يمتلك قاعدة شعبية وعشيرة تحميه من مشركي مكة. فرفض السلطة وتمسك بالرسالة .وهكذا قتل جميع ال بيت محمد{ص} على نفس الهدف الا ان ظروف كل واحد منهم تختلف عن الظروف الاخرى . لان القاعدة لها تاثير كبير حين تحمل الفكرة السماوية . اقرب لكم المثال : لما زحف الشر المتمثل بداعش واحتلوا ثلث العراق واصدرت المرجعية الفتوى الكفائية لدفع داعش وتحرير العراق. لو لم يخرج المجاهدون للقتال. فما قيمة الفتوى..؟

ما هي الظروف التي عاشها الامام الحسن بن علي [ع] ؟.تعتبر المرحلة التي صالح فيها الإمام الحسن{ع} معاوية بن أبي سفيان من أصعب مراحل حياته وأكثرها تعقيداً وحسّاسية وأشدها إيلاماً, تلك الفترة التي تكللت بخيانة الاقرباء وركضهم وراء المناصب والمال , ابعدت اهل البيت {ع} عن مسؤولية قيادة الامة سياسيا. وقد تصدى باحثون معاصرون من مثل المرحوم الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء والشيخ راضي آل ياسين والشيخ باقر شريف القرشي للكتابة عن الإمام {ع} وظروف صلحه الذي قام به من أجل الإسلام. وسنبدأ بالحديث عمّا ورد عن هذا الصلح تأريخياً, ثم ننقل كلمات الإمام عليه السلام في الأسباب الكامنة وراء قبوله بالصلح, وبعد ذلك نقوم بالتحليل...

 ذكر المؤرّخون: أنّ الإمام الحسن{ع}بعد أن رأى خيانات جيشه من جانب والمحيطين به ونفاقهم من جانب اخر, لم يبق له أمل في ثباتهم وصمودهم في مواجهة العدو, وعرف جيدا ما تنطوي عليه تلك الضمائر الانتهازية من رغبات, لكنّه لكي يتمّ الحجة ألقى فيهم الخطاب الآتي: "ويلكم ! والله إنّ معاوية لا يفي لأحد منكم بما ضمنه في قتلي, حتى لو وضعتُ يدي في يده أسلمه الامر لم يتركني لأني أدين بدين جَدّي, وإنّي اَقدِرُ أن أعبدَ الله عز وجلّ وحدي, ولكن كأنّي أنظر إلى أبنائكم واقفين على أبواب أبنائهم يستسقونهم ويطعمونهم بما جعل الله لهم فلا يسقون ولا يطعمون, فبُعداً وسحقاً لما كسبته أيديهم, وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون" .مرّةً اُخرى, وقبل أن يقبل باقتراح معاوية للصلح قام الإمام{ع}بإتمام الحجّة, من خلال خطاب يتضمّن استطلاعاً لآراء أصحابه, واستخباراً لنيّاتهم, فقد فقال :بعد أن حمد الله تعالى وأثنى عليه: "أما والله ما ثنانا عن قتال أهل الشام ذلّة ولا قلّة, ولكن كنّا نقاتلهم بالسلامة والصبر, وكنتم تتوجَّهون معنا ودينُكم أمام دنياكم, وقد أصبحتم الآن ودنياكم أمام دينكم, وكنّا لكم وكنتم لنا, وصرتم اليوم علينا, ثمّ أصبحتم تصدّون قتيلَين: قتيلاً بصفّين تبكون عليهم, وقتيلاً بالنهروان تطلبون بثأرهم, فأمّا الباكي فخاذل, وأمّا الطالب فثائر". بعد ذلك عرض عليهم اقتراح معاوية الصلح, فقال: "وإنّ معاوية دعا إلى أمر ليس فيه عزٌّ ولا نَصَفَةٌ, فإن أردتم الحياة قبلناه منه, , وإن أردتم الموت بذلناه في ذات الله, وحاكمناه إلى الله ؟". وأضاف الراوي :"فنادى القوم بأجمعهم: بل البقيةُ والحياة" ...

** القبول بالصلح: لم يبق أمام الإمام الحسن{ع}سبيلٌ غير القبول بالصلح, وترك أمر الحكم لمعاوية فترةً من الزمن, وهذا مثبت في بنود معاهدة الصلح أنّ الإمام [ع]لم يقدّم أيّ امتياز لمعاوية, ولم يعترف به رسمياً باعتباره خليفةً وحاكماً للمسلمين, بل اعتبر الحكم وقيادة الامة حقّه الشرعي, دون معاوية وبني امية .اما بنود معاهدة الصلح: لم تذكر المصادر التاريخية نصّاً صريحاً لكتاب الصلح, الذي يعتبر الوثيقة التاريخية لنهاية مرحلة من أهم مراحل التأريخ الإسلامي, وبخاصة في عصوره الاُوَل, ولا نعرف سبباً وجيهاً لهذا التعمد في اخفاءها تاريخيا. نعم ذكرت بعض المصادر بعض النصوص مع إهمال البعض الآخر, ويمكن أن تؤلف من مجموعها صورة الشروط التي أخذها الإمام{ع}على معاوية في الصلح, وقد نسّقها بعض الباحثين وأوردها على صورة شروط خمس, نذكرها كما جاءت, ونهمل ذكر المصادر التي ذكروها في الهامش وهي كما يلي:

اولا: تسليم الأمر إلى معاوية على أن يعمل بكتاب الله وبسنّة رسوله {ص} وبسيرة الخلفاء الصالحين.

ثانيا: أن يكون الأمر للحسن من بعده, فإن حدث به حدث فلأخيه الحسين, وليس لمعاوية أن يعهد إلى أحد.

ثالثا: أن يترك سبّ أمير المؤمنين {ع} كشعيرة في القنوت في الصلاة, وأن لا يذكر عليّاً إلاّ بخير.

رابعا: استثناء ما في بيت مال الكوفة وهو خمسة آلاف ألف, فلا يشمله تسليم الأمر, وعلى معاوية أن يحمل إلى الحسن ألفي ألف درهم, وأن يُفضّل بني هاشم في العطاء والصِلات على بني عبد شمس, وأن يفرِّق في أولاد من قتل مع أمير المؤمنين يوم الجمل, وأولاد من قتل معه بصفّين ألف ألف درهم, وأن يجعل ذلك من خراج دار أبجر. تقع بالقرب من مدينة شيراز في محافظة فارس في إيران..

خامسا :يكون الناس آمنون حيث كانوا من أرض الله في شامهم وعراقهم, وأن يؤمن الأسود والأحمر, وأن يتحمل معاوية ما يكون من هفواتهم, وأن لا يتبع أحداً بما مضى, ولا يأخذ أهل العراق بضغينة. ويكون أمان لأصحاب عليّ حيث كانوا, وأن لا ينال أحداً من شيعة عليّ بمكروه,

** ما هي الاسباب الموضوعية التي  اجبرت الامام الحسن للصلح مع معاوية. روى الشيخ الصدوق في"علل الشرايع" عن أبي سعيد  الذي سأل الإمام الحسن{ع}عن السبب الذي دفعه إلى الصلح مع معاوية من أنّه يعلم أنّه على الحقّ ومعاوية ضالّ وظالم, فأجابه الإمام عليه السلام:"يا أبا سعيد, ألستُ حجّة الله تعالى ذكره على خلقه, وإماماً عليهم بعد أبي{ع} ؟ قلتُ: بلى، قال: ألستُ الذي قال رسولُ الله{ص}لي ولأخي: الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا ؟ قلتُ: بلى, قال: فأنا إذن إمام لو قمتُ, وأنا إمام إذا قعدتُ, يا أبا سعيد عِلّةُ مصالحتي لمعاوية علّة مصالحة رسول الله {ص}لبني ضُمْرة وبني أشجع, ولأهل مكة حين انصرف من الحديبية, اُولئك كفّار بالتنزيل ومعاوية وأصحابه كفّار بالتأويل, يا أبا سعيد إذا كنتُ إماماً من قبل الله تعالى ذكره لم يجب أن يُسَفَّه رأيي فيما أتيته, ألا ترى الخضر{ع}لمَّا خرق السفينة وقتل الغلام وأقام الجدار سخط موسى على   فعله؟ لاشتباه وجه الحكمة عليه حتى أخبره فرضي. هكذا أنا، سخطتم عليّ بجهلكم بوجه الحكمة فيه, ولو لا ما أتيت لما ترك من شيعتنا على وجه الأرض أحدٌ إلاّ قُتِل".واسباب صلح الامام الحسن ضعف أنصاره وتخاذلهم وعدم انصياعهم لأوامره بعد تأثير دسائس معاوية فيهم، وبهذا سوف لا تجدي المقاومة بل سوف تتحطم الرسالة بانتكاسة أمام مكر معاوية, وعلى الإمام أن يحافظ على بقاء هذا الخط ويحميه في مجتمع يسوده مكر معاوية وخفيت الأسباب الحقيقية التي كانت وراء الموقف الذي اتّخذّه الإمام الحسن على كثير من الناس المعاصرين واللاحقين..

استلم الإمام الحسن تركة ثقيلة جدًا بعد أمير المؤمنين (ع)حيث الاغتيالات التي مارسها معاوية ضد النخبة من الشيعة كاغتيال الأشتر ومحمد بن أبي بكر وعمار واغلب قيادات الامام علي {ع} ثم ظهور الخوارج والتحكيم وخيانة الحكم الممثل لجيش الامام علي{ع} ابو موسى الاشعري.

ثم اقدم معاوية بدس السم على يد زوجة الامام الحسن جعدة بنت الاشعث  وهكذا انتهت تلك الحياة الطيبة الكريمة

لـم أنـسَ يومَ عميد الدّينِ دس به // لـجـعـدةَ الـسمَّ سرّاً عابدُ الوَثنِ

 فـقـطـعـت كـبداً ممّن غدا كبداً //  لـفـاطـمِ وحـشاً من واحدِ الزَّمَنِ

حـتـى قـضى بنقيعِ السُمِّ ممتثلاً //  لأمـر بـارئـهِ فـي السرِّ والعلنِ

مـن مبلغُ المصطفى والطهرَ فاطمة// أنّ احسينَ دماً يبكي على الحسنِ

لـهـفـي لـزينبَ تدعوهُ ومقلتُها // عبرى وأدمعُها كالعارضِ الهَتُن

أما زينب فـ تنعى أخاها المسموم و لسان حالها يقول :

أويلي اعله خويه الحسن مسموم /// مـنّه الـكبد والگلـب مهموم

راح الـلي گضه العمر مظلوم/////// وظـلـينه‏ بعده بـسـود الهدوم

نـبكي وتـسيل دموعنه دموم  //////وانـعه وتـجاوبني أم كـلثوم

المَدامعْ بِـاحـِزِنْ تِجْـري وَهْومَيتْ// آوعَلَى آمْصابِ الحَسَنْ هاجَتْ وَهْو مَيتْ

الملاعين الْـرِمَتْ نَعْشَـه وَهْومَيتْ // رِمَـتْ عَـيـنِ الگُـمَـرْ بِـالْغَاضِرِيَّه

*يـخـويـه الـفـرقـتـك دلالـي بسهام //عـقـبـك  هـالـدهـر  رامـيني بسهام

ابـيـوم  الـصـوبـوا  لـلـنعش بسهام// دلـيـلـي  انـصـاب بـسـهـام المنيه

الـدهـر مـن عـقـب ولـيـاني و سمني// ابـسـهـم  صـوبـه الـدلالـي و سمني

سـم الـحـسـن صـوبـنـي و سـمني// فـجـع قـلـبـي و هـدم بـيـتي عليه




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=206235
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 07 / 30
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 08 / 1