• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : أثر الانقسام الاختزالي في القرآن الكريم .
                          • الكاتب : ا . د . صباح علي سليمان .

أثر الانقسام الاختزالي في القرآن الكريم


        هو التقليل المتعمد من شأن الشيء، والذي غالبًا ما يتضمن استخدام النفي المزدوج ، نحو :هذا ليس سيئًا، بمعنى  جيد جدًا؛ للتأكيد على روعة شيء ما ،أو الإشارة إليه بسخرية كما في اللهجات المحلية، وذلك بالتلميح إلى عكسه. وهو مصطلح إنجليزي من أواخر العصور الوسطى، نشأ في القرن السادس عشر، وهو مشتق من اليونانية، من كلمة "ميون" بمعنى أقل. وهذا العلم موجود إشاراته في القرآن الكريم ، فمنه قوله تعالى :{ إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى (15)}[طه ] ،أي: استرها ، ولكن قُرأت:{أَكَادُ أُخْفِيهَا}[سورة طه:15] بمعنى: أظهرها. وكذلك مجيء كاد بعد النفي في قوله تعالى:{ قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ (71)} ، أي ذبحوها ، وكما في قوله تعالى : { لَمْ يَكَدْ يَراها }[النور]فمعناه أنه رآها بعد أنْ كاد لا يراها .وفي بعض الأحيان الله تعالى ينفي ثم يثبت في الوقت نفسه ،فمنه قوله تعالى : {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } [الشورى: 11]، ومنه قوله تعالى : {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا } [فاطر: 44] ، فتجد هنا نفيا { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ}  ثُمّ إثبات { وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ،و إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا}، زيادة عن استخدام النفي مع الاستفهام المراد به الاثبات ، ومنه قوله تعالى : {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ (172)}[الأعراف] ، وقوله تعالى : {وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَ لَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (260)}[البقرة]، وقوله تعالى : {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا قالُوا بَلى وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ (71)}[الزمر].فبلى هنا معناها نعم ، ولو جاءت نعم لكان معناها لا ، وهذا مناف لسياق القرآني . ولو دُرِست هذه الظاهرة بالقرآن الكريم ، أو الحديث الشريف ، أو كلام العرب ،وخاصة في اللهجات لوجدت كثيراً من نصوص هذه الظاهرة ، وهو النفي ومعناه الاثبات، أو مجيء النفي ثم يلحقه إثبات. [ينظر: تفسير الطبري 13/383 ، والمحرر الوجيز 4/188 ، وتفسير الماوردي 4/116 ].
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=206131
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 07 / 28
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 07 / 30