• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : عندما يمطر الزمن احزان في المجموعة القصصية ( عواطف على لائحة الاغتراب ) ذكرى لعيبي .
                          • الكاتب : جمعة عبد الله .

عندما يمطر الزمن احزان في المجموعة القصصية ( عواطف على لائحة الاغتراب ) ذكرى لعيبي

  محور النصوص القصصية , هي تمثل  رحلة الاحزان في تعاسة التهميش في  كيان المرأة وتمزيقه بلا رحمة . حكايات سردية صادمة , تكشف المجتمع الذكوري القبلي في عاداته وتقاليده , تكشف بشاعة الفقر وما يفعله بالانسان ( الفقر كافر ) من الامتهان والمذلة  , بالحرمان والظلم وخاصة للمرأة , كأنها تواجه الوحشية متعددة الاطراف كالاخطبوط , في جعلها غنيمة سهلة الانصياع , شخصيات نسائية انتشلن  من قاع البئر , يروين  حكاياتهن الحقيقية والصادقة , وكيف تجرعن كأس الخيبة والإحباط  حتى آخر قطرة , شخصيات نسائية يحملن الانكسار  والهزيمة , بحيث تثير تعاطف القارئ وحزنه الشديد  , هن ضحايا باشكال مختلفة , الى حد المحنة والازمة النفسية , نتيجة الفقر . الحروب , المجتمع الظالم بعادات وأعراف العشيرة , وجوه محرومة من حق الحياة والوجود, في حالاتها المختلفة والمتنوعة , جئن من المجتمعات الشرقية الزاخرة بالحيف والحرمان , يعشن خلف الكواليس , أبجديته تهميش المرأة وزعزعة كيانها الإنساني , سواء كان ذلك في بلدانهن أو في الغربة والاغتراب , في البحث لقمة العيش لإعالة عوائلهن الفقيرة , وهي بحاجة ضرورية لدعم المالي , ولهذا السبب ذهبن الى بلدان الخليج, كخادمات في البيوت, عاملات في إدارة شؤون البيت , من طبخ وتنظيف وتسويق , يشتغلن طوال النهار بدون انقطاع , لكن يقعن في براثن نوازع  المتعة الجنسية , أو يتعاملن بقسوة ووحشية والإهانات في أسلوب التعذيب النفسي , وبالتهديد بالطرد حتى من البلاد , إذا لم يشبع رغبات ربة البيت , او رب البيت , يقبعن في زاوية الحياة المنسية , ولهذا السبب من اجل الخروج من البئر المظلم , يخاطرن بالهجرة إلى أوروبا , يجازفن في العبور في قوارب الموت , وكثير من الأحيان ينتهي بهن المطاف الغرق  في أعماق البحر , الذي اصبح مقبرة كبيرة ترقد في أعماقه , . .. صياغة هذه الحكايات السردية في لغة شفافة وواضحة في بساطتها وفهمها بشكل مباشر دون غموض وإبهام , بل بالرصد والتقصي وسماع صاحبة المشكلة , في سرد مكثف ومركز , حتى يسلط الضوء الكاشف في معاملة القاسية في الاهانة , لذلك نجد نساء النصوص القصصية مهمشات , رغم ما يحملن من الامل والحلم  , بالخروج من الظلام الى النور, رغم أنه صعب المنال , لكن هن يقاومن  ويصمدن . نحن أمام عالم المرأة مهمش بالظلم والحرمان . نحن أمام قصص واقعية في عبودية المرأة في أي مكان يتواجدن فيه , مخالفة  للقول المأثور ( متى استعبدتم الناس, وقد ولدتهم امهاتهم احراراً ) وفي هذا السياق لابد ان نذكر الاهداء بما يحمل معنى بليغ في الإيحاء والرمز :   الاهداء :  ... إلى الارواح التواقة لسمو الوجد ...... غير ان خبايا القدر قوضت رؤاها ) . 

لنأخذ بعض نصوص القصص :  
1- قصة (  أكاتشي ) 
الشخصيات النسائية . اكاتشي . تشينو . أديسا . فيمي . ايبيل .هن من البلدان الاسيوية الفقيرة , اضطرت الظروف القاهرة والعوز والفقر , الى الحاجة الضرورية لدعم المادي , لذلك هاجرن من بلدانهن للعمل إلى العمل في دول الخليج  , لمساعدة عوائلهن بالدعم المادي لتخفيف العبء  الثقيل عن عوائلهن  , يشتغلن  كخادمات  في التنظيف والطبخ والتسويق , وكل ما يحتاجه البيت , لكنهن يتعرضن للاستغلال البشع وغير الانساني , بما فيها اشباع المتعة الجنسية , او المعاملة الوحشة في الاهانة والاحتقار , مثل سكب الماء المغلي على أرجلهن لحرقها  , هذا الفقر المدقع يدفع ان يفقدن كرامتهن الانسانية , ولهذا السبب يفتشن عن مخرج لهذه المحنة الإنسانية , في استغلال السفر مع العوائل التي تسافر إلى أوروبا لسفرة سياحية , يستغلن هذه الفرصة السانحة بالهروب وطلب اللجوء , او بعضهن يجازفن في مغارة العبور إلى أوروبا في قوارب الموت , وبعض لحالات يتعرض للموت للغرق , لذلك أصبح اعماق البحر مقبرة كبيرة , للذين يجازفون في حياتهم في الوصول الى اوروبا لطلب اللجوء , لكي يتخلصون من عسر وشدة الحياة والمعيشة الصعبة , لكن تطول فترة قبول الطلب في المخيم , ولهذا يعيشن بهواجس القلق من الانتظار المرير. وكل طالب لجوء سواء كان رجلاً ام امرأة يحمل قصة لم تنتهي فصولها , في الظلم وخاصة  المرأة ,  ان تكون ضحية المجتمع الشرقي , الذي يعطي كل الحق للذكور , ويسلب كل الحق  للمرأة , يدفعها الى الاستسلام , لكن البعض من النساء يتمردن على الاستسلام والخضوع , ولهذا السبب يختارن الهجرة , كحالة إنقاذ ,  كالغريق الذي يفتش عن قشة الانقاذ . 
2 - قصة ( رسائل قيد الإرسال ) : 
تواصل كتابة خواطر جميلة من الغزل لرجل واحد , لكن يقرأها الجميع ما عداه , مع ذلك تواصل الكتابة بكل شوق وحب , لعلها تجد مرامها من الصدى المسموع , في شهقات الروح التي اتعبها الانتظار بعدم الرد , كأن عشقها  مثل الطير الذي لم يجد عشاً يستقر فيه , وما اقسى على الروح من هموم في هجران الحب وسد منافذه ,  ان الذاكرة محملة بذكريات الحب , الذي يشعر بالظمأ , وان الفراق بمثابة النهر الذي تجف مياهه , مما يشعر القلب بالاسى والحزن , ويبحث عن وسيلة في سبيل  احياء الحب , لكن الفشل يكون نصيبه , كأنهما غريبان عن بعضهما البعض , وتصمت تراتيل الحب وانغامه عن العزف , وتصبح ثقيلة على النفس , كأن كان الحب اصبح  وهماً من أوهام الخيال , وبالتالي لم يبق سوى ان   يسدل ستار النهاية . 
 3 - قصة ( القاتل في الاحلام ) : 
 حارس  ليلي يؤدي مهمة الحراسة بكل جدارة ومسؤولية , ماتت زوجته وهاجر ابناءه الاربعة وهو على أبواب التقاعد ,  بعد سنين طويلة من العمل المرهق , مسالم ومطيع بالطاعة  التامة , ليس له عداوة ولا يكره احداً , حتى حين يكتشف  بوجود لص  يحاول السرقة , يكتفي , بإطلاق صوت صفارته ليتيح له فرصة  الهرب , يرجع الى بيته في الصباح منهك بالتعب والارهاق , وفي احد الايام طرقوا بابه داهمته مجموعة من الرجال الملثمين , واختطفه الى جهة مجهولة , , نظفوا جسمه في  الحمام   تطهير  جسده ,  والبسوه ملابس جديدة , وحملوه الى قصر جلالة السلطان , وقف أمام جلالة السلطان بالخوف والحيرة والتخبط , لكن السلطان وجه اليه هذا السؤال الصادم ( - هل ما زلت تفكر بقتلي ؟ ؟ ) ارتبك من السؤال الذي لم يخطر في باله مطلقاً , وحاول ان يتنفس الصعداء ويسيطر على خوفه وحيرته , في محاولة تبرئة نفسه بأنه مسالم , لكن جلالة السلطان أمر في بقائه  في قصره  سبعة ايام  , وبعد ذلك يقرر مصيره , وبعد انتهاء مهلة سبعة أيام وقف أمام جلالة السلطان ثانية ليقول له : طالما أنه   في القصر  توقف الحلم , الذي يهم بقتله . هذا يدل بأن لا أمان للطغاة والظالمين , الذين يراودهم في الحلم ضحايا العسف والاضهاد من المحرومين , مهما بلغت قوتهم وجبروتهم  . 
4 - قصة ( شيء من اللوعة ) 
حياة مخيمات اللجوء هي معتقلات اختيارية في فضاء المنفى والغربة , يعيشون داخل أسوار مسيجة بالخرسانة الكونكريتية تعلوها أسلاك شائكة , يحرس أبوابها رجال الأمن . وتكون فترة انتظار طويلة , في قبول الطلب أو رفضه , فترة مرهقة مليئة بهواجس القلق , تنعدم في هذه المخيمات الكثير في   الحياة السوية ,  ولا يسمح بفرص العمل لهم  , يعطى ثلاث وجبات طعام في وقت محدد , ومن يتأخر عن الوقت يخسر وجبته , وبعض البلدان الاوربية تكون اقسى واصعب , حتى انعدام اعطاء المعونة الشهرية , هذه محنة المهاجرين , لكنها ارحم بكثير , ما يعانيه الفرد في الوطن , او في المجتمعات الشرقية المبتلية بلعنة الفقر والحروب والتفجيرات اليومية والتمييز الطائفي , الذي يؤدي بعض الاحيان الى الاقتتال والتشرد , ارحم من عادات المجتمع وتقاليد العشيرة في ظلم المرأة وحرمان من حقوقهم الانسانية , . يستغلن النساء هذه فترة الانتظار غير المحددة , في الدردشة وسرد حكاياتهن  في بلدانهن , أو كيفية المجازفة الصعبة حتى الوصول الى بلدان اللجوء, وكل منهن يحملن قصص تراجيدية مأساوية , ولكن يدركن ان بلدان الغرب ليس حمائم , في الشأن الإنساني في التضامن والإسناد بل ( الغرب وما يدعون به من أنسانية , عبارة عن فقاعة كبيرة , المنتصر من خرج من تلك الفقاعة وهو سليم العقل والنفس ) . 
 5 - قصة ( غرابيب الايام ) : 
 تعيش عائلة ( رباب )  في حالة ميسورة و لا ينقصها أي شيء , بفضل رعاية وتربية الأب بالحب والاعتزاز , فكان خيمة البيت العامرة  , وفتح المجال إلى اولاده وبناته في مواصلة المراحل الدراسية  حتى مراحلها العليا , في بيت يسوده  الحب من كل جانب , ولكن الأقدار المشؤومة عصفت بخيمة البيت ,  وتحول  الفرح الى حزن بعد موت الاب , او بالاحرى مقتله , داهمت البيت الغيوم السوداء ,  وفتحت شهية ابناء العم في افتراس البنات , كالذئب الجائع حين يفترس ضحيته  , بحجة الدفاع عن العائلة وشرفها , يتطلب تزويج البنات , او البنت ( رباب ) دون رغبتها وارادتها , وطلب من العائلة الانتقال من مدينتهم , ليكونوا بالقرب من ابناء العم , هذه النوايا غير سليمة يكمن وراءها اغراض خبيثة , واخبروا (  رباب ) بالقبول بالزواج من احد ابناء العم , حتى  لا تبقى مطلقة وهذا عار على العشيرة والعائلة , لكنها رفضت الزواج بإصرار عنيد , لا يمكن قتل إرادتها ورغبتها في الارغام على الزواج , لم يبق لها طرق للتخلص إلا الانتحار , ولكنها اختارت الهجرة من مدينتها بل من بلدها ايضاً . 
 6-  قصة ( كون رمادي ) : 
كان موت الاب فاجعة كبرى للعائلة شلت كيانهم , واختلط الحابل بالنابل في دواعي موته أو مقتله , بين الحقيقة والباطل , بما يكمن وراء جريمة القتل في هذا الخبر المشؤوم , فزت الأم مذعورة من سماعها الخبر الصادم ( حتى أنكفأنا على الأرض جميعاً . عندما سمعنا والدتي وهي تصرخ : 
 - كيف مات ؟ قتلوه ؟ 
 كان أبي بكل اسم الاب من جبروت وهيبة ...... كان الفقيد أبي  ......مات مغدوراً بثلاث عشر رصاصة في الصدر ) وتوجهت أصابع الاتهام بالجريمة الى أحد أولاد العم , الذي كان متواجداً معه في تلك الليلة المشؤومة  , لكن شيخ  العشيرة التزم الصمت , الصمت الذي يغطي الجريمة والقاتل في طي الكتمان , بذريعة : بأن اللصوص هاجموا البيت وكان الأب نائماً فاردوه قتيلاً , لم تصدق ( رباب ) هذه الذريعة المزعومة برواية القتل ( لا اصدق..... قتل أبي بسببي ........ هذا جنون .. إشاعة نشروها تبرأ ساحتهم ) أبن العم المتهم أنكر تواجده في تلك الليلة المشؤومة, وبعض الشهود أكدوا كلامه ,  ولا دليل على الجريمة ( بعدك من يحمي ظهري يا أبي ) في هذا الكون الرمادي . 
  جمعة عبدالله
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=206128
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 07 / 28
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 07 / 31