عن تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله تعالى عن نواة الفكرة "إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ" ﴿المدثر 18﴾ "إنه فكر" ودبر ما ذا يقول في القرآن "وقدر" القول في نفسه وإنما فكر ليحتال به للباطل لأنه لو فكر على وجه طلب الرشاد لكان ممدوحا وقدر فقال إن قلنا شاعر كذبتنا العرب باعتبار ما أتى به وإن قلنا كاهن لم يصدقونا لأن كلامه لا يشبه كلام الكهان فنقول ساحر يؤثر ما أتى به عن غيره من السحرة. وجاء في تفسير الجلالين لجلال الدين السيوطي: قوله تعالى عن نواة الفكرة "إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ" (المدثر 18) "إنه فكر" فيما يقول في القرآن الذي سمعه النبي صلى الله عليه وسلم "وقدر" في نفسه ذلك.
وعن تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تعالى عن نواة الفكرة "إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ" ﴿المدثر 18﴾ التفكير معروف، والتقدير عن تفكير نظم معان وأوصاف في الذهن بالتقديم والتأخير والوضع والرفع لاستنتاج غرض مطلوب، وقد كان الرجل يهوى أن يقول في أمر القرآن شيئا يبطل به دعوته ويرضي به قومه المعاندين ففكر فيه أ يقول: شعر أو كهانة أو هذرة جنون أو أسطورة فقدر أن يقول: سحر من كلام البشر لأنه يفرق بين المرء وأهله وولده ومواليه. وجاء في التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله تعالى عن نواة الفكرة "إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ" ﴿المدثر 18﴾ فكر في أمر القرآن، وأجال فيه رأيه، وهيأ له قول الزور والافتراء، وهوان القرآن سحر يؤثر كما يأتي.
وردت كلمة فكرة ومشتقاتها في القرآن الكريم: تَتَفَكَّرُونَ، وَيَتَفَكَّرُونَ، يَتَفَكَّرُونَ، يَتَفَكَّرُوا تَتَفَكَّرُوا، فَكَّرَ. وجاء في معاني القرآن الكريم: فكر الفكرة: قوة مطرقة للعلم إلى المعلوم، والتفكر: جولان تلك القوة بحسب نظر العقل، وذلك للإنسان دون الحيوان، ولا يقال إلا فيما يمكن أن يحصل له صورة في القلب، ولهذا روي: "تفكروا في آلاء الله ولا تفكروا في الله" الحديث تقدم في مادة "أله" إذ كان الله منزها أن يوصف بصورة. قال تعالى: "أو لم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السموات" (الروم 8)، "أو لم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة" (الأعراف 184)، "إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون" (الرعد 3)، "يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون * في الدنيا والآخرة" (البقرة 219-220). ورجل فكير: كثير الفكرة، قال بعض الأدباء: الفكر مقلوب عن الفرك لكن يستعمل الفكر في المعاني، وهو فرك الأمور وبحثها طلبا للوصول إلى حقيقتها.
وعن تفسير الميسر: قوله تعالى عن نواة الفكرة "إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ" ﴿المدثر 18﴾ فكر فعل، فَكَّرَ وَقَدَّرَ: تروى ماذا يقول في الكيد لمحمد والطعن في القرآن. إنه فكَّر في نفسه، وهيَّأ ما يقوله من الطعن في محمد والقرآن، فَلُعِن، واستحق بذلك الهلاك، كيف أعدَّ في نفسه هذا الطعن؟ ثم لُعِن كذلك، ثم تأمَّل فيما قدَّر وهيَّأ من الطعن في القرآن، ثم قطَّب وجهه، واشتدَّ في العبوس والكُلُوح لـمَّا ضاقت عليه الحيل، ولم يجد مطعنًا يطعن به في القرآن، ثم رجع معرضًا عن الحق، وتعاظم أن يعترف به، فقال عن القرآن: ما هذا الذي يقوله محمد إلا سحر يُنْقل عن الأولين، ما هذا إلا كلام المخلوقين تعلَّمه محمد منهم، ثم ادَّعى أنه من عند الله.
وجاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى عن نواة الفكرة "إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ" ﴿المدثر 18﴾ لا بأس بالتفكير، وهو حسن، ولكن يشترط أن يكون في طريق الحق، وتفكر ساعة أفضل من عبادة أو عمرٌ بكامله، لما يمكن أن يتغير مصير الإنسان فيها، وأمّا إذا كان التفكر في طريق الكفر والفساد فهو مذموم، وتفكر «الوليد» كان من هذه النوع. "قدّر": من التقدير، وهو التهيؤ لنظم أمر في الذهن والتصميم على تطبيقه.
|