الفرزدق أبو فراس همَّام بن غالب التميمي البصري المولود عام ٢٠هج، والمتوفى عام ١١٠هج، اشتهرت (قصيدته الميمية) في مدح الإمام زين العابدين "عليه السلام" أمام هشام بن عبد الملك بن مروان عندما جاء ليتسلم الحجر الأسود في الكعبة المشرَّفة فلم يمكنه ذلك لكثرة الازدحام، فجلس مع حاشيته في مكان يطَّلع على الحجاج يطوفون حول البيت، وعندها جاء الإمام زين العابدين "عليه السلام" وهو شاب أحسن الناس وجهًا، وعليه سيماء العبادة، فانفرج له المسلمون ليصل إلى الحجر الأسود.
-فقال أحد الحاضرين من حاشية هشام وقيل هشام هو نفسه: مَنْ هذا؟
-وكان الجواب لا أعرفه؟
-فتصدى له الفرزدق وقال: أنا اعرفه.
-فأنشد تلك القصيدة الميمية الخالدة:
يا سائِلي أينَ حَلَّ الجودُ والكرَمُ
عندي بيانٌ إذا طُلَّابه قَدِمُوا
هذا الذي تعرفُ البطحاءُ وطأتَهُ
والبيتُ يعرفُهُ والحِلُّ والحَرَمُ
(إلى قوله ..)
وليسَ قولُكَ مَنْ هذا بضائِرِهِ
العُرْبُ تعرفُ مَنْ أنكَرْتَ والعَجَمُ
-فغضب هشام على الفرزدق وحبسه في سجن.
* * * * *
الدروس المستفادة من هذه القصة وهذا الموقف📖:
١-✍🏻 مدى عداء بني أمية لأهل البيت "عليهم السلام"، والعمل على إخفاء أسمائهم وفضائهلم، ونكران مناقبهم، ولكن يأبى الله إلا أنْ يتم نوره، فهم نور الله الذي لا يُطفَأ.
٢-✍🏻 اشتهار أئمة أهل البيت "عليهم السلام" بالفضل والعلم والمقام الرفيع عند المؤمنين برغم حملات الأمويين لتشويه مقامهم، ومعاني أبيات هذه القصيدة الفرزدقية الرائعة تؤكد ذلك، فمثلًا (هذا التقي، النقي، الطاهر، العَلَم).
٣-✍🏻 بيان الأثر العظيم لخِدمة أهل البيت "عليهم السلام" ونصرتهم، فقد خَلُد الفرزدق بهذا النصرة، وهذا الموقف الذي لم يكن إلا لساعات معدودات، أو أقل من ذلك بوجه السلطان الجائر.
٤-✍🏻 التأكيد على أهمية تسخير العلم وكل قوة مادية أو معنوية في خدمة الدين والحق، وأثر ذلك في خلود صاحبه، وهذه أعظم رسالة للأمة للتأسي بهذه المواقف.
٥-✍🏻 ضرورة التأكيد على أهمية الإعلام في نصرة الحق، وتعريف الناس بذلك، ودعوتهم إلى العمل به، وأهمية الاعتناء بالإعلام الإسلامي، فلقد كان الشاعر الفرزدق محطة أعلامية لنصرة الحق.
أخيرًا..
إنَّ للخلود مواقفَ ورجالًا أشدَّاء في الحق، فهنيئًا لمن يكون أهلًا لذلك في نصرة الثقلين. 🤲🏻
خادم الثقلين
الأحد ٢٤ محرم ١٤٤٧هج
٢٠-٧-٢٠٢٥م
|