قبل سنوات قليلة خرجت علينا الإعلامية شهد الشمري بمقطع لا يزال محفورًا في ذاكرة كل عراقي مقطع تجاوزت فيه كل القيم والأعراف والتقاليد. يومها انتفض الشارع العراقي غاضبًا ومستنكرًا لكن الحكومة لم تحرّك ساكنًا. بل على العكس صعد نجمها أكثر وأصبحت تتربع اليوم على شاشات أغلب القنوات العراقية وكأن شيئًا لم يكن وكأننا شعب بلا ذاكرة ولا كرامة.

ويوم أمس تكرر المشهد – ولكن من قبة البرلمان هذه المرة. أعلى منصب تشريعي في العراق رئيس البرلمان المشهداني دخل في مشادة كلامية مع النائب المندلاوي وإذا به يشتم العراق بأقذر لفظة يمكن أن يسمعها إنسان عن وطنه. كلمة لا ينطقها إلا من تربى على مثل هذه القاذورات اللفظية. ومع ذلك مرّ الأمر وكأنه مزحة عابرة تحت قبة البرلمان لا مساءلة، لا محاسبة ولا حتى بيان اعتذار للشعب العراقي.

في المقابل نرى القضاء يتحرك بسرعة البرق عندما يتعلق الأمر بصحفي أو إعلامي يكتب منشورًا أو ينشر تقريرًا يفضح فيه الفاسدين. فتُرفع عليه دعاوى القذف والتشهير ويُستدعى للتحقيق أو يُزج به في السجن وكأن حرية التعبير جريمة لا تغتفر في عراق اليوم.

ولم ننسَ بعد ما حدث قبل أيام حين اتصل شقيق أحد النواب بمواطن عراقي بسيط وهدده بالقتل لمجرد منشور انتقد فيه أخاه. تهديد صريح بالتصفية دون خوف من قانون أو محكمة أو دولة وكأن العراق أصبح غابة يحكمها من يملك السلاح والسلطة والمال.

فأين العدالة إذًا؟ ولمن نشتكي؟

عندما يصبح الإعلام أداة تلميع للفاسدين والقضاء عصا غليظة على الضعفاء والبرلمان مرتعًا للشتائم والصفقات والشعب مسحوقًا بين فقره وخوفه فاعلموا أننا نعيش زمنًا لا يليق بالعراق ولا بتاريخ العراق ولا بأبناء العراق.