بالرغم من التقدم الذى وصل إليه العقل البشري، إلا أنه مازال يتعلم من الحيوانات والحشرات التى تتواجد فى بيئته، وفى إطار مراقبة الإنسان للحيوان، توصل باحثون إلى أن النمل يمتلك القدرة على إتخاذ قرارات عقلانية عند مواجهة التحديات، حتى إنه قد يتفوق أحيانا على البشر فى هذا الجانب، حسب تقديرهم. لأن الفرد من هذا النوع من النمل يمتلك خياراً واحداً، لكن المجموعة تتخذ قراراً جماعياً، ينجم عن تفاعل أفراد النمل معاً، حيث ينتج قرار واحد يعكس نتائج أكثر دقة، من خلال تقليل الفرص لارتكاب الأخطاء الفردية، التي قد تحدث عند تبني قرارات فردية، وهو ما أسماه الباحثون بحكمة الحشود. ويرى الباحثون أنه عادة ما نعتقد بأن وجود العديد من الخيارات والإستراتيجيات أمر مفيد، إلا أن الأخطاء غير المنطقية تحدث عندما يقوم الأفراد بإجراء مقارنات مباشرة بين الخيارات المتاحة. والنمل يعد أكثر الحشرات تشابها في نمط الحياة الإنسانية بل وأنهم يقومون بالزراعة وتكوين الجيوش وأسر الأعداء. إضافة إلى أن النمل يعد أحد أهم المكونات لجميع الأنظمة البيئية، وأن اختفاءه يعني انهيار أغلبها، مؤكدين أن هذه الفصائل تقوم بتنمية نوع خاص من أنواع البكتريا فوق جسدها ليعمل كمضاد حيوي ضد الأمراض التي قد يسببها النمو النباتي للفطر في ممراتها تحت الأرضية. والنمل يعمل بشكل جماعي لإنتاج هذه المزارع، فنملة واحدة لا يمكنها انشاء هذه المزرعة، مثلما لا يقدر إنسان واحد علي تكوين اقتصاد بلد. وقد أظهرت دراسة حديثة أن النمل مجتمع لا يرضى بالعيش الهين حيث يجهد للعثور على أفضل الأعشاش للإقامة فيها، وهو أمر لم يكن معروفاً من قبل. وقام علماء بتزويد مجموعة من النمل بأجهزةٍ متناهية الصغر ترسل تردّدات لاسلكية لمراقبة تحرّكاتها خلال البحث عن أعشاش جديدة لها. وتكون مجموعة النمل أمام خيارات، منها الاكتفاء بالإقامة في أعشاشٍ رديئة قريبة منها، أو العيش في أخرى جيدة بعيدة بعض الشيء عنها، وكانت المفاجأة أن النمل اختار الأعشاش الأفضل على الرغم من أنها أبعد عنها بحوالي 9 مرات.
|