كتابات في الميزان / سوء تدريب طلبة التخدير في العراق يثير تحذيرات مهنية ونقابية من خطر تخريج كوادر غير مؤهلة لمسّ أرواح المرضى، وسط غياب الخطط التدريبية، وارتفاع غير مبرر في أجور التدريب العملي داخل المستشفيات الحكومية، التي تحوّلت من بيئة تعليمية إلى عبء مالي على الطلبة.
حذّر المتحدث باسم التقنيين الصحيين في البصرة، محمد أسعد، يوم الأحد، من مخاطر تدهور جودة التدريب العملي لطلبة تقنيات التخدير في العراق.
مؤكدًا أن ما يجري حاليًا داخل المستشفيات الحكومية لا يرتقي إلى الحد الأدنى المطلوب لتأهيل كوادر طبية قادرة على التعامل مع حياة المرضى.
وقال أسعد، إن “أجور التدريب الصيفي ارتفعت بشكل غير مبرر، حيث وصلت في بعض المستشفيات إلى أكثر من 150 ألف دينار عراقي للطالب الواحد، في وقت يفترض أن تكون تلك المؤسسات حاضنة للتعليم وليست عبئًا ماديًا على الطلبة وذويهم”.
وأضاف أن “الطالب يخصص له يوم أو يومان فقط أسبوعيًا للتدريب، ولساعات قليلة لا تتجاوز الحد الأدنى، فضلًا عن غياب خطة تدريبية واضحة أو إشراف أكاديمي حقيقي، وهو ما يحول التدريب إلى عملية شكلية لا تحقق الغاية منها”.
استغلال واضح
كما أوضح أن “الواقع يكشف عن استغلال واضح لحاجة الطالب للتدريب الإلزامي، في ظل غياب الرقابة وعدم وجود نظام موحد، حيث باتت بعض المستشفيات تتعامل مع التدريب كمورد مالي لا كجزء من مسؤوليتها في تأهيل الطلبة”.
وبيّن أن “التجارب في دول مجاورة تظهر الفارق الكبير، ففي مصر يمنح الطلبة تدريبًا مجانيًا داخل المستشفيات التعليمية وتحت إشراف وزارة الصحة، وفي تركيا لا تتجاوز كلف التدريب مبالغ رمزية ومدعومة من الدولة، بينما يعاني الطلبة في العراق من تحميلهم أعباء مضاعفة في مؤسسات يفترض أن تدعمهم”.
وأكد أسعد أن “تخصص التخدير حساس للغاية، لأن من يعمل فيه يتعامل مباشرة مع حياة المريض، والخطأ الناتج عن ضعف التدريب أو نقص الخبرة قد يكون مميتًا”، مضيفًا: “نحن لا نتحدث عن وظيفة مكتبية، بل عن مسؤولية تتعلق بروح بشر”.
ودعا إلى “اتخاذ خطوات إصلاحية عاجلة، تبدأ بتقليل أو إلغاء أجور التدريب في المستشفيات الحكومية، وتوسيع نطاق التدريب الزمني، وبناء مستشفيات تعليمية تستوعب الأعداد المتزايدة، مع ضرورة إشراف أكاديمي ونقابي مباشر لضمان جودة التأهيل”.

|