في تطور خطير، يحصل في اقليم كوردستان العراق، بعد تغيير النظام السياسي في العراق في العام 2003 ، لنزاع مسلح على مستوى متقدم من حيث الأسلحة المستخدمة بين عشيريتين كبيرتين ، لهما وزنهما الكبير في المجتمع الكردي ، ألا وهما:؛ عشيرتي ( الهركي ، كوران) لأسباب تتعلق بالخلافات على ملكية أراض زراعية، ومجرى مياه مشترك ، مما أدى الى وقوع خسائر بشرية ومادية كبيرة.
يعد هذا التطور المدني الحاصل في إقليم كوردستان مؤشراً خطيراً ، يثبت اصطدام حكومة الإقليم في سعيها لبناء نظام مدني حديث يسوده القانون، بالنظام العشائري السائد في بعض المناطق، وبديلاً عن سيادة القانون وحل المشاكل من خلال القضاء ، اتجهت الأطراف المتنازعة الى استخدام الجانب العسكري، والنفوذ العشائري لحسم الموقف لصالحها .
لقد بنى الأقليم منذ عام 2003 نظامه الإداري على المدنية، وسيادة القانون، وما الإعمار الذي نشاهده إلا دليلا على ذلك، بغض النظر عن القضايا الخلافية في الإقليم بين الكتل السياسية. أن هذا النزاع المسلح يعيد الإقليم الى الوراء عشرات السنين. لذلك، لا بد وأن تسود المدنية ليس في الاقليم فحسب، بل في كل مناطق العراق، ونترك القضاء يأخذ مجراه في حل النزاعات الداخلية وفق القوانين السائدة، إضافة الى ضرورة حصر السلاح بيد الدولة، وعدم السماح بحمله من قبل الأشخاص خارج المؤسسات العسكرية ، كونه يؤدي الى إضعاف نظام الحكم السياسي للدولة والإقليم، وهذا ما يتطلب من السلطات الاتحادية في بغداد والإقليم والمحافظات لفرض القانون ، وعدم ترك الأمور للمتنفذين من العشائر أو الاشخاص أو التنظيمات السياسية لفرض سطوتها على الشارع العراقي . لذلك؛ على حكومة الإقليم، أن تسلك الطريق الديمقراطي والمدني في نظام الحكم المدني، واستيعاب كل أبناء ومكونات الإقليم في السلطتين التنفيذية والتشريعية، خاصة أن جيل الشباب الجديد المتفتح والمتطلع الى الأنظمة الديمقراطية الحديثة في العالم ، لا يمكن أن يتحمل الأنظمة العشائرية القديمة لإدارة شؤونها السياسية، وممكن أن يتفجر الشارع في أي وقت، ولأبسط الأمور، مالم يتم تغيير طبيعة نظام الحكم الإداي، وإشراك الجميع في تحمل المسؤولية من أجل شعب الإقليم والعراق.
|