اما الشعوب والأمم المختلفة بزعمها فلا صوت لها ولا حظ في هذه المؤسسة، ولا حق لها في ابداء اي رأي او وجهة نظر في أية قضية حتى قضاياها الخاصة بها. ولم تعد تلك الشعوب في حقيقتها متخلفة بقدر ما هي مستضعفة لا أكثر، ولذلك أصبحت هدفا لنفث نزعات الظلم والاذى والحقد الصليبي كالشعب الفلسطيني الذي مرت عليه عشرات السنين تحت مطرقة الكيان الصهيوني، الغاصب لحقوقه وحريته على أرضه ومقدساته، والذي تهرق دماء أبنائه على مرأى ومسمع من هيئة الأمم المتحدة، فلم يسعفه أحد بكلمة نجدة واحدة، تخفف عنه ولو جزءا من الاضطهاد والمعاناة، بل على العكس من ذلك راحت القوى الكبرى تتخذ حق (الفيتو) في وجه أي قرار يمت الى صالح قضيته بصلة، وتصف أية حركة منه لانقاذ حقه، والمطالبة بحريته واستقلاله بالارهاب. اما قتل النساء والاطفال وتشريدهم وتهديم مساكنهم من قبل عدوهم، لم يعد في منطق أمريكا ارهابا.
هذه المفارقة في الموقف بين الاستكبار العالمي وبين الامم والشعوب الاخرى تعود الى اختلاف النظر في تحديد حقيقة الارهاب، ومكابرة الامبريالية العالمية وتعسفها وانانيتها واحقادها على الاسلام والمسلمين، لأن المبدأ الذي تتبناه أمريكا والكيان الصهيوني هو: (أن لا تكون قويا الا ان تأخذ ولا تعطي، وان تعاقب ولا تعاقب، وان نستعبد غيرك لمصالحك فقط، وان تبني علاقتك مع غيرك للعمالة لك لا للصداقة، فهذا اذن شأن من لا تحكمه القيم، ولا توجهه الفضائل، بل تحكمه الدنيا وخيلاؤها، وتوجهه المادة واغراؤها.
ثالثا: من خلال تتبع نصوص الاسلام وبياناته وسيرة قادته العظام، رسول الله ص ومن وليه من خلفائه المرضيين يستطيع المتتبع أن يضع اللمسات على الجانب الانساني الذي اتخذ اساسا لكل المعاملات والعلاقات الاجتماعية.
وقبل بيان تلك الاسس والمفردات لهذه الحقيقة نود بيان بما ورد على ألسنة بعض معتنقي الاسلام من الغربيين الذين شهدوا بهذه الحقيقة من خلال تتبعهم. وعلى سبيل المثال: (الدكتور حميد ماركوس الألماني، الذي جاء في بعض حديثه: (ان القوانين الاسلامية لا تسلب الاختيار والحرية الفردية، بل هي ارشادات تهدف الى تأسيس حرية جماعية عامة. ان الاسلام واسطة ذهبية لربط الحياة الفردية بالحياة الاجتماعية) التكامل في الاسلام 5/175.
والاستاذ (دونالد ركيول) الامريكي الذي جاء في بعض حديثه: والجانب الانساني في الاسلام واضح ملموس في كل وصية من وصاياه. وفي كل تشريع جاء به؛ فالناس وان اختلفوا في حظوظ الدنيا ومتاعها فهم متساوون أمام الله لا فضل لأحد على آخر بسبب غنى أو جنس أو لون، وانما يتفاضلون بالتقوى) نفس المصدر/ 176.
|