اغلب الرواد كانوا يعتمرون المسرح من اجل الكوميديا لكن تطور الوعي المسرحي قاد الى الاهتمام السياسي الثوري والفكري...
صدى الروضتين:ـ ما يظهر من خلال البحث ان دور المسرح الان بدأ يظهر كمسرح حقيقي له سماته الواعية، لكن السؤال يدور حول محور المؤلف العربي، فهل تناول المسرح لمؤلفين عرب يعني هل خلا المسرح الكربلائي من مؤلفين محليين او وطنيين؟
الباحث: لا إطلاقا هذا استنتاج لا صحة فيه، فكربلاء لها مؤلفوها في تلك الحقبة، واكثر المسرحيات التي تقدم كانت تتعامل من قبل مديرية المعارف ومن خلال بحثي وجدت في محافظة الحلة تراثا مسرحيا يحمل عين المسرحيات التي قدمت في كربلاء، وهذا ربما يدل على تعميم الوزارة لعدة مسرحيات، ويبدأ الانتقاء منها او ربما هو تأثير مناطقي في المسرح فقدم عمل من اخراج مهدي شمسي مسرحية مستوحاة من قصة اهل الكهف وحضر العرض متصرف اللواء عبد الله علوان... بدأ التأثير بالمسرح العالمي عام 1941م حيث عرضت مسرحية شمعدانات الاسقف تأليف (نورمان ماكمن) ورواية البؤساء (لفكتور هيجو) وتظهر حركة التنامي والتأثر بالمسرح العالمي.
صدى الروضتين: هل نستطيع ان نقول ان هذا التغيير كان ناتجا من نتائج التلاقح الفكري لزيارات الفرق البغدادية؟
الباحث: لا... لأن هذي هي ثقافة مدينة والفرق المسرحية البغدادية هي التي كانت بحاجة الى كربلاء.. وقدمت المسرحية من قبل ثانوية كربلاء، واشهر الممثلين في حينها بدري حسون فريد، شمسي حسون فريد، ومهدي جاسم رشيد الشامي. وقدمت في 1941 مسرحية (شهرزاد) من تأليف توفيق الحكيم، واخراج مهدي جاسم شماسي، محورها الانسان وقد سأم الماديات وتاق الى الروحانيات، وهي رمزية نثرية تقع في سبعة مشاهد، وهذا يعطينا مجسا نقديا في ان عملية البحث تقودنا الى اكتشافات محورية كثيرة لكون اغلب الرواد كانوا يعتمرون المسرح من اجل الكوميديا لكن تطور الوعي المسرحي قاد الى الاهتمام السياسي الثوري والفكري.
صدى الروضتين:ـ أصبحنا في موروث الأربعين أكثر اضاءة، وبدأنا نضع ايدينا على اسماء لمؤلفين ومخرجين وعاملين وايضا اصبحنا نمتلك موضوعة العمل؟
الباحث ابو رسل:ـ بالتأكيد كانت المدرسة تمثل المدينة، وكانت درجة مدير المدرسة اجتماعيا تعادل مرتبة المتصرف حيث كان يعد من كبار شخصيات كربلاء علاوة على أن اغلب ابناء المسؤلين هم في تلك المدارس فترى المسرح يقدم حسنة اجتماعية عندما يجمع جميع تلك الشرائح والطبقات الاجتماعية التي صبت اهتمامها بالمسرح، فلم يكن المسرح وليد فئة دون سواها، فلذلك نؤكد ان مسرحنا لم يكن مسرحا مدرسيا بل كان مسرح مدينة بتراثها وحاضرها ومستقبلها.
صدى الروضتين:ـ من أين كان تمويل تلك المسارح وعروضها؟
الباحث ابو رسل: كان يتم التمويل من المدرسة نفسها لكن علينا ان نقف امام ثلاثة محاور مسرحية كانت موجودة منها المدرسة، والفرق الشعبية، والفرق الزائرة حيث كانت الفرق الزائرة تقدم عروضها بسعر زهيد، ويتم ذلك بالاتفاق مع المتصرفية، أما ان يكون الريع للفرقة كاملا او تصرف الارباح لحالات انسانية مثل توزيع كسوة الشتاء للطلبة او تُعطى لفقراء الطلبة.
صدى الروضتين: واين دور المسرح الحسيني من هذه القضية الفنية؟
الباحث ابو رسل: جميع العاملين في المسرح الكربلائي هم اساسا يعملون في المسرح الحسيني يتحولون في يوم عاشوراء، ليمارسوا الطقوس الحسينية كممثلين، واستدراكا للأمر كان من ضمن حضور العرض المسرحي مسؤولون ووجوه المعروفة والوجهاء، ويعني هذا انه كانت هناك تبرعات وهدايا تدخل ضمن المحور التمويلي، ففي عام 1942 دخلت اعمال اكثر نضوجا وابداعا، وقدمت مسرحية (عدو النور) اخراج مهدي جاسم شماس شاعر ايضا ويهتم باعداد الفنانين المسرحيين وهو الذي رعى تجربة (بدري حسون فريد) وكانت هذه المسرحية من تقديم طلاب مدرسة باب الطاق (السبط حاليا)، ومحتوى المسرحية كان عن ملك متعجرف تنفذ حاشيته اوامره المجحفة، بينما كان هو عدوا للنور، وقدمت في ساحة المدرسة، وكانت كراسي المشاهدين تُجمع من تخوت المقاهي، وقدم هذا العمل من ضمن اسبوع المعارف، فقدمت هذه الفرق ممثلين جدد، وجيلا جديدا واسماء معروفة، وخدمت الحركة المسرحية في كربلاء كرزاق ناجي، والاستاذ المرحوم محمد هادي سعيد، كما قدم العمل في مناسبة زفاف في باب الطاق، وكانت بطاقة المسرحية تباع بـ(عانه)، وكان مدير المدرسة الاستاذ كاظم الطباطبائي يعاونه جاسم الشماس، وقدمت برعاية المتصرف وفيق حبيب وفي سنة 1942 قدمت مسرحية (مجنون ليلى) لأحمد شوقي اخراج مهدي جاسم شماسي وتقديم ثانوية كربلاء.
|