• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : أحمد الجولاني: الوجه المحلّي لمشروع تكفيري اقليمي .
                          • الكاتب : رياض سعد .

أحمد الجولاني: الوجه المحلّي لمشروع تكفيري اقليمي

في عالم السياسة الدموية، حيث تختلط الأقنعة بالوجوه وتتقاطع المصالح مع الجثث، يبرز اسم "أحمد الجولاني" – أو أحمد الشرع – كأحد أبرز الأدوات التخريبية في المشهدين السوري والعراقي، لا بوصفه قائداً ميدانياً، بل كمنتج استخباراتي مخصص لمهمات سوداء في ساحات ممزقة... ؛ و وصفه بالوجه المحلي  في عنوان المقالة اعلاه , من باب المجاز وليس الحقيقة , فلا يوجد دليل واحد على سوريته ؟!

# صناعة الجولاني: من "الرمادي" إلى غرف العمليات الدولية

الجولاني لم يأتِ من فراغ. إنه خريج مرحلة "الارتطام الكبير" الذي شهدته المنطقة بعد الغزو الأميركي للعراق، مروراً بالحرب السورية، ووصولاً إلى مرحلة تصفية الحسابات الإقليمية... ؛  فلا هو ابن بيئة جهادية حقيقية، ولا حامل مشروع فكري، بل عنصر طُبع على عجل في ورشات التزوير الاستراتيجي ومصانع انتاج القادة والعملاء ، ثم أُطلق في أرض الصراع ككائن وظيفي.

فهو ليس سوى واجهة عربية محلية لمشروع يستهدف المكوّن الشيعي في منطقة الشرق الاوسط فضلا عن تنفيذ الاجندات التركية والاسرائيلية والامريكية ، ويحاول تقويض صلابة الحشد الشعبي في العراق، والمقاومة في لبنان، والعلوية في سوريا، عبر تخطيط إرهابي مدروس بواجهة خطابية براقة , ودعم اعلامي واسناد سياسي .

# الدم كوسيلة: الطائفية كسلاح

لا يمكن فصل مسيرة الجولاني عن الدم الطائفي... ؛  فمن عمليات استهداف العراقيين بالمفخخات والاحزمة الناسفة والذبح على الهوية الى مجازر ريف إدلب، إلى استهداف شيعة نبل والزهراء... ؛ ومن الهجوم على بلدات جنوب حلب، إلى إرسال خلايا ارهابية  إلى البادية السورية... ؛ ثم العمل على ابادة الشيعة والعلوية في حمص وحماة والساحل واللاذقية ؛ حتى وصل الامر بعصابات الجولاني الى تنفيذ اكبر جريمة بيئية في تاريخ سوريا المعاصر , اذ حرقوا غابات الساحل واحالوا مزارع وبساتين اللاذقية الى حطام تذروه الرياح ... الخ ؛  يشتغل الرجل على مشروع واحد: استنزاف المحور الشيعي، بالوكالة عن أطراف لم تعد تخفي رغبتها في تفتيت الجغرافيا الطائفية ومحاربة الشيعة في كل مكان .

ولا اقول ان الجولاني ومن لف لفه " يكره الشيعة أكثر من "إسرائيل" لأنه يحبها فعلا وهو صنيعتها ؛ بل انه : يكره الشيعة أكثر من أي شيء اخر على وجه المعمورة ... ؛  لذا تراه يقاتل محور المقاومة والشيعة أكثر من خصومه التكفيريين، متماهياً مع خطاب يوفّر لأعداء العراق وسوريا  ولبنان وايران مبرراً دائماً لتأجيج الصراع الداخلي والطائفي .

# العراق في مرمى الجولاني

الأكثر خطورة، أن تحركات الجولاني لا تتوقف على الداخل السوري فحسب ؛  فالعراق دائماً على جدول أعماله... ؛ وقد ارسل الجولاني فضلا عن اعوانه ومرتزقته  رسائل مبطنة عبر منابر إعلامية، يلوّح  بالتنديد بالتجربة الديمقراطية العراقية والشعائر الحسينية تارة , و بالتمدد نحو العراق والتصدي للحشد تارة اخرى ، ويُشتبه بتواصله مع خلايا نائمة على الحدود الغربية، في استغلال صريح للفراغ الأمني والتراخي السياسي في بعض المناطق العراقية ... .

فما حكومة الجولاني والتي تدعى كذبا و زورا بالحكومة الوطنية او  "حكومة الإنقاذ" و التابعة لمجرمي الحركات والفصائل الارهابية الاجنبية والتي يشرف عليها الاتراك والامريكان والصهاينة ؛ الا كذبة إعلامية ؛  هدفها التسلل إلى الخطاب الدولي، وشرعنة مشروع هيمنة داخل سوريا قد يُصدّر لاحقاً إلى العراق بلباس مدني مزيف ؛ وقد يصطدم مع شيعة لبنان ويحرض الداخل اللبناني على الاقتتال الطائفي .

# خطاب مزدوج... وظيفي

خطاب الجولاني مليء بالمفارقات والتناقضات والتهافت ... ؛ اذ يتحدث عن "الحرية"، وهو سجّان آلاف المدنيين في إدلب... ؛ و يتغنى بـ"الشرعية الثورية"، بينما يأتمر بأوامر مشغّليه في غرف سوداء خارجية ومعروفة للقاصي والداني ... ؛ و يدّعي الاستقلال، لكنه يلتزم بصمت مريب أمام  التمدد الاسرائيلي فضلا عن القواعد التركية – والأميركية أحياناً – في محيط نفوذه.

باختصار شديد  : الجولاني ممثل محترف في مسرحية قذرة ، لا يهمه الدين ولا الأمة ولا الثورة ولا سوريا ، بل البقاء في مسرح الدم حتى آخر فصل... ؛ فهو ليس سوى أداة تُحرّكها أصابع خفية لتحقيق مشروع تكفيري – صهيوني – استراتيجي في آنٍ واحد... ؛ وتسلمه للحكم وتبوؤه كرسي السلطة في سوريا  ما هو إلا تمهيد لحراك أوسع ، قد يمتد إلى العراق ولبنان وعموم المنطقة، إذا لم تتم مواجهته بالوعي، والمعلومة، والتحصين الأمني والإعلامي.

إن أخطر ما يواجه العراق اليوم ليس عدواً واضحاً بلباس جندي اجنبي ، بل خصماً خبيثاً تكفيريا بوجه عربي ولسان ديني... ؛ كالجولاني وأمثاله من بيادق الخراب وادوات العمالة والخيانة .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=205221
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 07 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 07 / 15