• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع :  لكل عصرٍ عاشوراء ولكل مصرٍ كربلاء / ٣ .
                          • الكاتب : يحيى غالي ياسين .

 لكل عصرٍ عاشوراء ولكل مصرٍ كربلاء / ٣

 لو تتبعنا مسير الركب الحسيني المقدّس من نقطة تحرّكه من مدينة رسول الله صلى الله عليه واله مروراً بمكة وكربلاء والكوفة والشام وحتى رجوع السبايا الى المدينة لوجدنا أن الطف ليس ساحة الثورة الحسينية الوحيدة ومسرح أحداثها بمفرده ، وإنما للطف ما يسبقه ويعقبه من ساحات مهمّة تشكّل بمجموعها كربلاء بمعناها الأشمل والأكمل ، فالمدينة ومكة ساحة شهدت أحداثاً مفصلية للثورة ، والكوفة والشام ساحة ايضاً مثّلت أوراقاً حساسة في ملفّ القضية ..

فينتج لنا - إجمالاً - ساحات ثلاث كبرى لكربلاء ، تشترك بالأهداف وتختلف بالأدوار ، ولكل ساحة دورها وأسلوبها الذي تتكامل به مع الأخرى حتى خرجت لنا اللوحة الإلهية لكربلاء ، هذه اللوحة التي رسمها أبو عبدالله بمواقفه وإباءه ودمه ودماء أصحابه ودخان حرق خيام عياله ..

لكل ساحة دورها الرئيس الى جانب أدوار أخرى تشترك بها مع بقية ساحات القضية ، وكذا لها أبطالها وفصول أحداثها الخاصّة ، وللحسيني أن يختار أي ساحة تناسب ظرفه وحاله ، وأي بطل يستطيع أن يجسد دوره وموقفه وشخصيته فليعمل وفقها :

》أما المدينة ومكة : فدورها الأساسي كان يتمثل في تقعيد الثورة وبناء فكرها وتأصيل أسسها وإعلان أهدافها وفلسفتها .. نعم ، فيها من الرفض وإعلان العصيان والخروج على الدولة الظالمة الشيء الكبير الذي لا يقلّ عن قرع السيوف وطعن الرماح ، ولكن تبقى أدوارها الرئيسة هي بناء القاعدة الفكرية للقضية .. فكلماته التي قالها ابتداءً سلام الله عليه وأجوبته على استفسارات الآخرين وقراراته التي اتخذها تمثل مادّة هذه المرحلة .. فمما قاله سلام الله عليه مثلاً :

● إنَّا أهل بيت النبوة ، ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة ، بنا فتح الله وبنا ختم ، ويزيد فاسق ، فاجر شارب الخمر قاتل النفس المحترمة معلن بالفسق والفجور ، مثلي لا يبايع مثله .
● وإنِّي لم أخرج أشِراً ولا بَطِراً ، ولا مُفسِداً ولا ظَالِماً ، وإنَّما خرجتُ لطلب الإصلاح في أُمَّة جَدِّي ( صلى الله عليه وآله ) ، أُريدُ أنْ آمُرَ بالمعروفِ وأنْهَى عنِ المنكر ، وأسيرَ بِسيرَةِ جَدِّي وأبي علي بن أبي طَالِب .

》وأما كربلاء : فهي ساحة الثورة ، ومعترك الأسنّة ، بها تكللت كل تلك الأفكار والقواعد والأسس التي قامت بها ولأجلها وجسدتها على أرض الطف .. وأي تجسيد ..!! ، وفوق ذلك فإن الطف لم تخلوا من بيانات الثورة ولم ينقطع فيها الإعلان عن أسسها ومستنداتها ، سواء تلك التي جرت على لسان أبي عبدالله عليه السلام أو ما صرّح به أصحابه وأهل بيته .. في هذه الساحة والتي تليها قد صدّق العدو بأفعاله ووحشيته كل منطلقات الثورة وبررها بنفسه ..

》وأما الكوفة والشام : فكان للعاطفة والحزن الحصة الأكبر من هذه الساحة والمرحلة ، لأن أبطالها أيتام وأرامل وثكالى وأسارى وسبايا .. نعم كان لخطب زين العابدين وعمّته أم المصائب والرزايا وما تحلّوا به من صمود وإباء ما جمعوا به كل ساحات كربلاء بفكرها وجهادها ..

أعلم أن هذا الكلام عن ساحات كربلاء الثلاث هو كلام موجز ومختصر كثيراً ولكننا نريد أن نبيّن بأن للقضية كربلاءات لا كربلاء واحدة ، تتعدد أدوارها وتجتمع أهدافها .. وهذا التعدد هو ما يجعل من القضية الحسينية تستوعب البعدين الزماني والمكاني .. وبنفس الوقت يعطينا السعة والفسحة في اللحوق بركبها الأقدس .. يتبع




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=205135
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 07 / 07
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 07 / 14