هناك شعار تكفّلت به احدى القنوات الفضائية الكبيرة بالترويج له من خلال برنامج بث لاسبوعين متتاليين... وهو (دجاج الكفيل تخريب للاقتصاد الوطني!!) ولكي نحسن الظن بمقدم البرنامج وبضيوفه من الاقتصاديين سنخوض في مناقشة سر الاهتمام، والتوقيت، وهذه الحمية المتعالية، ونركز على شعار الحلقتين.
أقول: إن تخريب الاقتصاد الوطني يعني هناك اقتصاد وطني، وجاء دجاج الكفيل ليخرب ذلك الإقتصاد؟! والجميع يعرف أن حال العراق منذ أربعة عقود الى يومنا هذا، في كونه يبيع نفطه ليشتري من العالم كل شي. وهي حالة اقتصادية شاذة بحيث يحار من يفكر في خطط التنمية فيه؛ من أين تكون البداية، وشواهد هذا الشذوذ عديدة منها لا على سبيل الحصر قضية خمسمائة الف موظف من موظفي التصنيع العسكري الذين يتقاضون راتبا، وهم عاطلون طوال هذه الفترة ولم ينتفض احد لمناقشة تأثيرهم على الاقتصاد الوطني فضلا عن اثارهم الاجتماعية؟ كذلك الحال في مصانعه الكبرى التي لا ربحية لها والدولة عاجزة عن تسريح موظفيها، ومشروع خصخصتها لا يكاد يسمع، لأن دعاة اصلاح الاقتصاد الوطني يضعونه شرطا للاصلاح..!
ولو سلمنا ان اقتصادنا في تمام عافيته وان دجاج الكفيل يساهم في تخريبه، فعجبي لا ينقضي كيف يساهم استيراد الفواكه والخضر ومواد البناء وغيرها، وهذا الغزو المهول للبضاعة الصينية الرخيصة التي أوقفت حتى الورش الصغيرة ووصلت الى حد ان تكون (الحاجة بربع).
والامر الاخر الاعجب ان دجاج الكفيل انما يغطي حاجة فئة معينة من الناس، وهي التي تلتزم بأن لا تأكل الا الحلال، والظاهر ان اكلهم للدجاج هو الذي يساهم في تخريب الاقتصاد الوطني.
حملة كبيرة وقد انخرط فيها بعض اهل هذه الفئة بدعوى ان هذا الدجاج لا يجوز أكله من قبل الفقراء لأنه اغنى منهم، فأصحابه لا يطعمونه الا لحم الخنزير، عجيب..!
ومع هذا سنحسن الظن بالمقدم وبضيوفه وبهذا البعض الاخير.
|