اليعسوب في اللغة بوزن اليعقوب، وجمعه يعاسيب: ملك النحل، وذكرها
أستعير للرئيس الكبير؛ حيث قالوا: هو يعسوب قومه؛ اي رئيسهم وكبيرهم.
ويقال للسيد أيضا: يعسوب قومه. كل ذلك من باب الإستعارة والتوسع.
    قال ابن منظور في (لسان العرب) عن النحل بانه: ذباب العسل، واحدته: نحلة، يذكـّر ويؤنـّث، من ذكـّر النحل؛ فلأن لفظه مذكر، ومن أنـّثه فلأنه جمع نحلة.
وقال (لويس معلوف): في كتابه اللغوي القيِّم: (المنجد في اللغة): قيل: إنما سُمي بذلك؛ لأن اللهَ نحل الناس العسل، الذي يخرج منها.
   وقال ابن الأثير قي (النهاية: 5/29 ): "شبه المؤمن بالنحلة، أي نحلة العسل: (مثل المؤمن مثل النحلة) ثم قال: ووجه المشابهة بينهما: حذق النحل وفطنته، وقلة أذاه، ومنفعته، وقنوعه، وسعيه في الليل، وتنزهه عن الأقذار، وطيب أكله، وأنه لا يأكل من كسب غيره، ونحوله وطاعته لأميره"
   فلهذه الصفات المشتركة بين النحلة والمؤمن، شـُـبّه المؤمن بها.
   قال الدميري في كتابه: (حياة الحيوان الكبرى: 2 / 411): "اليعسوب: ملك النحل وأميرها، الذي لا يتم لها رواح، ولا إياب، ولا عمل، ولا مرعى، إلا به. فهي مؤتمرة بأمره سامعة له، مطيعة، وله عليها تكاليف وأمر ونهي، وهي منقادة لأمره، متبعة لرأيه، يدبّرها كما يدبّر الملك أمر رعيته... وقال النبي لعلي: "أنت يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الكفار. أي يلوذ بك المؤمنون... كما تلوذ النحل بيعسوبها. ومن هنا قيل لأمير المؤمنين علي (كرم الله وجهه) أمير النحل".
    وقال السبط بن الجوزي في كتابه: (تذكرة الخواص: ص 6): "ويسمى – أي علي – يعسوب المؤمنين؛ لأن اليعسوب؛ امير النحل، يقف على باب الكوارة: (الكـُوارة: - بالضم – بيت النحل)، عند رجوع النحل من المرعى، كلما مرت به نحلة شم فاها، فإن وجد منها رائحة منكرة، علم أنها رعت حشيشة خبيثة، فيقطعها نصفين، ويلقيها على باب الكوارة، ليتأدب بها غيرها. وكذا علي عليه السلام يقف على باب الجنة، فيشم أفواه الناس، فمن وجد رائحة بغضه ألقاه في النار".

   ثم قال ابن الجوزي: قال في الصحاح: اليعسوب: ملك النحل... والمؤمنون يتشبهون بالنحل؛ لأن النحل تأكل طيبا، وتضع طيبا؛ وعلي أمير المؤمنين عليه السلام .
   وفي نهاية هذا المطاف، تبيّن لنا بأن (يعسوب المؤمنين)، لقب ألقاه رسول الله (ص) على علي عليه السلام، ولقـّبه به دون سواه من اهل بيته أو صحابته، بل اختصصه به، فاختص أمير المؤمنين (ع) به بمرأى من علية القوم، وجل أصحاب رسول الله (ص)، لذلك نرى عليا عليه السلام يؤكده مفتخرا؛ لأن هذا اللقب مكرمة فريدة أكرمه بها الرسول (ص)؛ حيث قال عليه السلام: كما جاء ذلك في لسان العرب): "انا يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الكفار، وفي رواية (المنافقين) أي يلوذ بي المؤمنون، ويلوذ بالمال الكفار والمنافقون كما يلوذ النحل بيعسوبها".
قال بعض الشعراء:
ولايتي لأمير النحل تكفيني           عند الممات وتغسيلي وتكفيني
وطينتي عجنت من يوم تكويني       بحب حيدر كيف النار تكويني