كتابات في الميزان / وسط تصاعد الجدل حول أزمة تأخر صرف رواتب الحشد الشعبي في العراق، تباينت الروايات بين حديث عن “ضغوط أمريكية” ونفي رسمي يؤكد أن الأزمة إدارية بحتة.
تسود حالة من الغموض مصير رواتب منتسبي هيئة الحشد الشعبي في العراق، برغم بدء توزيع رواتب بقية الدوائر الحكومية منذ العشرين من حزيران الجاري، في وقت تتحدث فيه مصادر سياسية ومصرفية عن “ضغوط أمريكية” حالت دون صرف المرتبات، في خطوة أثارت جدلاً واسعاً وطرحت تساؤلات حول الخلفيات السياسية والمالية للقرار.
ويبدأ عادة صرف رواتب الحشد الشعبي بين يومي 22 و24 من كل شهر، لكن التأخير الحاصل هذا الشهر أثار ضجة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط تحذيرات من تداعيات التأخير على أكثر من 200 ألف منتسب، غالبيتهم من أصحاب العقود والمقاتلين في جبهات القتال أو المعسكرات، إضافة إلى اتهامات لقوى داخلية وخارجية بمحاولة “استهداف الهيئة”.
تدخل أمريكي
وفي الوقت الذي تؤكد فيه قيادات الحشد الشعبي أن المسألة “فنية وإدارية”، كشف القيادي في الهيئة ميثم الزيدي عن أن “الأزمة الأخيرة تعود إلى إنذار وجهته وزارة الخزانة الأمريكية إلى الشركة الموطنة لرواتب الحشد، ما دفعها إلى الانسحاب وإبلاغ مصرف الرافدين والهيئة”.
بدوره، رأى الخبير في الشأن الأمني علاء النشوع، أن “الارتباك المالي قد يكون مقدّمة لتغييرات أكبر تمس مستقبل الحشد الشعبي في العراق، في ظل مؤشرات على وجود توافق دولي ضمني لإنهاء دور الفصائل المسلحة الخارجة عن سيطرة الدولة”.
وأضاف النشوع أن “ما بعد الحرب الإيرانية – الإسرائيلية، شهد متغيرات في المواقف العسكرية والإعلامية، بما فيها مواقف فصائل الحشد، التي بدت باهتة رغم التهديدات التي كانت تطلق قبل الضربة”،
مشيراً إلى أن “حكومة السوداني لعبت دوراً في تحييد هذه الفصائل، ومنعتها من أي تدخل مباشر ضد إسرائيل أو المصالح الأمريكية، وهو ما جاء على ما يبدو بتوصيات أمريكية صريحة”.
ولفت إلى أن “هذا التحرك، وإن بدا مؤقتاً، يكشف أن الفصائل لم تعد تمثل أداة ضغط فعالة كما كانت في السابق، بل تحولت إلى عبء داخلي وإقليمي، خاصة مع تزايد الشكوك الإيرانية بشأن جدوى استمرار دعمها”.
مواقف متباينة ونفي
وبرزت مواقف متباينة داخل البرلمان العراقي، حيث حمّل نواب عن الإطار التنسيقي الحكومة مسؤولية “الارتباك”، وطالبوا بتوضيحات عاجلة.
وقال النائب ثائر الجبوري إن “الهيئة والجهات المالية مطالبة بتفسير الخلل واتخاذ إجراءات عاجلة”، محذرًا من “موقف تصعيدي داخل البرلمان في حال استمر التعطيل”
في المقابل، أشار النائب مصطفى سند إلى “تدخل خارجي أوقف تفعيل بطاقات الدفع الخاصة برواتب الحشد”، مبينًا أن “الهيئة أتمت التحويلات المالية، لكن البطاقات لم تفعّل بفعل ضغط خارجي”.
وتشير تقارير إلى أن ملف حل الحشد الشعبي عاد إلى الواجهة مجدداً بعد توقف الحرب الإيرانية – الإسرائيلية، إذ بدأت الدوائر السياسية والدبلوماسية تتحدث عن “توقيت مناسب” لإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية العراقية، وفصل الفصائل المسلحة عن القرار العسكري.
من جهته، نفى النائب في البرلمان، مختار الموسوي، وجود أي دور أو تدخل أميركي في أزمة تأخر صرف رواتب منتسبي الحشد الشعبي،
مؤكداً أن “المشكلة داخلية بالكامل وتتعلق بإجراءات إدارية داخل هيئة الحشد، ولا علاقة لها بالخزانة الأميركية أو أي جهة مصرفية خارجية”.
وقال الموسوي إن “الحديث عن ضغوط تمارسها واشنطن على الشركة المواطنة لرواتب الحشد، أو تدخل البنك الفدرالي الأميركي، غير دقيق ولا يستند إلى معلومات رسمية”.
كما بين أن “المشكلة الحقيقية تكمن في ضعف التنسيق داخل الهيئة، ووجود خلل إداري في آليات صرف الرواتب”.
وأضاف، “نتوقع أن يتم تجاوز هذه الأزمة خلال خمسة إلى ستة أيام، ونأمل أن تتحمل الجهات المعنية في الهيئة، خصوصاً المديرية الإدارية والمالية، مسؤولياتها بشكل أسرع لمنع تكرار مثل هذه الحالات مستقبلاً”.

|