• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : دع المجالس لأهلها..  .
                          • الكاتب : حسين فرحان .

دع المجالس لأهلها.. 

 

اصبحنا لا نستغرب هيجان الغباء في جماجم البعض، ولا يذهب بحلمنا حقد من تشيطن وأظهر عورة ثقافته التي استوردها واستهلكها دون النظر في صلاحيتها..

موسم الحزن الذي يرسم هلال محرم نقطة انطلاقه، يصاحبه موسم افتضاح ما في أدمغة المسطولين، وحيارى الانتماء، وفاقدي البوصلة من جميع الاتجاهات الفكرية المخالفة التي لا تقيم وزنا لأدب الحوار، ولا لتقبل الآخر ولا حتى للصمت رعاية للتعايش وإيمانا بالحرية تلك المفردة التي لم يبق أحد الا وتشدق بها فصنع لها من التماثيل رموزا وصاغ لها من الكلمات شعرا ونثرا، وعلق على جدران بيته صورا لمن يحسبهم أيقونات مجدها.

موسم الحزن الكربلائي لا بد أن يعترض طريقه موسم هؤلاء الذين كلما أسكرتهم الكؤوس أو أغوتهم الشياطين؛ صبوا جام غضبهم على كل ما له شأن بالشيعة وبشعائرهم.
ومن جملة ما يتم تداوله - اعتراضا، وحنقا، ونقمة- مع كل موسم حزن أو كل مجلس حسيني، قولهم: "ما الجدوى من حضور هذه المجالس وكل شيء فيها مكرر، إنها نسخ تعاد كل عام، ولا جديد فيها".

إذن، يا صاحب العقل النير!! أنت تنتقد التكرار الذي يصحب هذه المجالس، وتنتقده في كل عام لأننا سمعنا اسطواناتك هذه منذ سنوات، الا ترى أنك تتبنى التكرار!؟ واعلم أنك إذا نهيت عن خلق فلا تأت بمثله، أم أنك تعشق عارا من عيار ثقيل!؟

تتحدث بانفعال ممزوج باضطراب، مختلط بغباء، يخدعك صديقك الأبله المعجب بمصطلحاتك الأجنبية، فصدقت بأنك مثقف!! 

تنتقد تكرار مضامين المجالس الحسينية، رغم أنك لست من جلاسها ولا من روادها، فلا أنت من الباكين ولا أنت من المتباكين.. 
تنتقدها وأنت لا تفقه ما يعنيه هذا التكرار لجوانب من المجالس لا لعموم مضامينها؛ فهي تشترك بتكرار الجانب الرثائي وبتكرار ما جاء في المقاتل و الاحداث التاريخية، لكنها في الوقت ذاته تتضمن أبحاثا يختارها الخطيب وينفرد بها، فلو أمعنت النظر -أيها المثقف- لوجدت أن التكرار ليس الطابع الغالب عليها. 
الأمر الآخر.. أن هذه المجالس المباركة يرتادها في كل عام جيل جديد لم يحضرها قبل ذلك، فالذين هم بعمر السبع سنوات أو من هم دون ذلك أو أكثر بقليل لم يكونوا ليتعلموا منها شيئا لو التزمنا برأيك واستجبنا لحماقتك، الا ترى أن المعلم في المدرسة يلقي بنفس الدروس ويكررها في كل عام، لأن المنهج ثابت والأجيال هي التي تمر عليه لتأخذ منه شيئا وتمضي لتكمل طريقها. 
الأمر الآخر.. التكرار نافع بشهادة العقلاء حتى قيل فيه أن في الإعادة إفادة.. أليس كذلك؟ 

قضية أخرى عليك أن تلتفت إليها.. حضور المجالس لتحصيل الأجر والبركة ورضا الزهراء (عليها السلام)، وتسجيل الحضور للمواساة، اشياء لم تصل أليك بعد، وهي تفوق تصوراتك. 

هنالك أشياء كثيرة في حياتك وحياتنا قائمة على التكرار، عاداتنا اليومية قائمة على التكرار، فتأمل فيما تكرر فعله وانتقد هذا التكرار ولا تصب جام غضبك على مجالس الحسين (صلوات الله وسلامه عليه)، وبعبارة أخرى: "دع المجالس لأهلها". 

حسين فرحان
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=204799
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 06 / 29
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 06 / 29