• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : العلامة الطباطبائي وتفسيره "رب أرني كيف تحيي الموتى" (الكيفية، الاطمئنان، الصيرورة) .
                          • الكاتب : د . فاضل حسن شريف .

العلامة الطباطبائي وتفسيره "رب أرني كيف تحيي الموتى" (الكيفية، الاطمئنان، الصيرورة)

 عن تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله جل وعلا "وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ ۖ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن ۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَـٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ۖ قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا ۚ وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" ﴿البقرة 260﴾ ثم قال بعد كلام له طويل: إن الآية تدل على فضل إبراهيم عليه السلام حيث أراه الله سبحانه ما سأله في الحال على أيسر ما يكون من الوجوه، وأرى عزيرا ما أراه بعد ما أماته مائة عام. وأنت بالتدبر في الآية والتأمل فيما قدمناه من البيان تعرف سقوط ما ذكره فإن السؤال إنما وقع عن كيفية إحيائه تعالى لا عن كيفية قبول الأجزاء الحياة ثانيا فقد قيل: "كيف تحيي"، بضم التاء لا بفتحها، على أن إجراء الأمر على يد إبراهيم عليه السلام يدل على ذلك ولوكان السؤال عن كيفية القبول لكفى في ذلك إراءة شيء من الموتى يحييه الله كما في قصة المار على القرية الخاوية في الآية السابقة حيث قال تعالى: "وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما"، ولم تكن حاجة إلى إجراء الإحياء على يد إبراهيم عليه السلام، وهذا ه والذي أشرنا إليه آنفا: أنهم يقيسون نفوس الأنبياء في تلقيهم المعارف الإلهية ومصدريتهم للأمور الخارقة بنفوسهم العادية فينتج ذلك مثلا: أن لا فرق بين تكون الحياة بيد إبراهيم وتكونه في الخارج بالنسبة إلى حال إبراهيم، وهذا أمر لا يخطر على بال الباحث عن الحقائق الخبير بها، لكن هؤلاء لإهمالهم أمر الحقائق وقعوا فيما وقعوا فيه من الفساد، وكلما أمعنوا في البحث زادوا بعدا عن الحق. أ لا ترى أنه فسر الطمأنينة بارتفاع الخطورات في الصور المحتملة في التكون والأشكال المتصورة مع أن هذا التردد الفكري من اللغو الذي لا سبيل له إلى ساحة مثل إبراهيم عليه السلام، مع أن الجواب المنقول في الآية لم يأت في ذلك بشيء فإن إبراهيم عليه السلام قال: كيف تحيي الموتى؟ فأطلق الموتى وهو يريد موتى الإنسان أو الأعم منه ومن غيره والله سبحانه ما أراه إلا تكون الحياة في أربعة من الطير. ثم ذكر فضل إبراهيم عليه السلام على عزير يريد به صاحب القصة في الآية السابقة بما ذكر فأخذ القصة في الآيتين من نوع واحد وهو السؤال عن الكيفية التي فسرها بما فسرها والجواب عنها، فاختلط عليه معنى الآيتين جميعا، مع أن الآيتين جميعا - على ما فيهما من غرر البيان ودقائق المعاني - أجنبيتان عن الكيفية بالمعنى الذي ذكره كل ذلك واضح بالرجوع إلى ما مر فيهما. على أن المناسب لبيان الكيفية ختم الآية بصفة القدرة لا بصفتي العزة والحكمة كما في قوله تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِ الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " (فصلت 39)، فالآية كما ترى في مقام بيان الكيفية وقد ختمت بصفة القدرة المطلقة، ونظيره قوله تعالى: "أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" (الأحقاف 33)، ففيه أيضا بيان الكيفية بإراءة الأمثال ثم ختم الكلام بصفة القدرة.

قوله تعالى: قال: "أَوَلَمْ تُؤْمِن ۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَـٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي" (البقرة 260)، بلى كلمة يرد به النفي ولذلك ينقلب به النفي إثباتا كقوله تعالى: "أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى" (الأعراف 172)، ولو قالوا نعم لكان كفرا، والطمأنينة والاطمينان سكون النفس بعد انزعاجها واضطرابها، وهو مأخوذ من قولهم: اطمأنت الأرض وأرض مطمئنة إذا كانت فيه انخفاض يستقر فيها الماء إذا سال إليها والحجر إذا هبط إليها. وقد قال تعالى: "أ ولم تؤمن"، ولم يقل: أ لم تؤمن للإشعار بأن للسؤال والطلب محلا لكنه لا ينبغي أن يقارن عدم الإيمان بالإحياء: ولو قيل: أ لم تؤمن دل على أن المتكلم تلقى السؤال منبعثا عن عدم الإيمان، فكان عتابا وردعا عن مثل هذا السؤال، وذلك أن الواو للجميع، فكان الاستفهام معه استفهاما عن أن هذا السؤال هل يقارنه عدم الإيمان، لا استفهاما عن وجه السؤال حتى ينتج عتابا وردعا. والإيمان مطلق في كلامه تعالى، وفيه دلالة على أن الإيمان بالله سبحانه لا يتحقق مع الشك في أمر الإحياء والبعث، ولا ينافي ذلك اختصاص المورد بالإحياء لأن المورد لا يوجب تخصيص عموم اللفظ ولا تقييد إطلاقه. وكذا قوله تعالى حكاية عنه عليه السلام: "ليطمئن قلبي"، مطلق يدل على كون مطلوبه عليه السلام من هذا السؤال حصول الاطمينان المطلق وقطع منابت كل خطور قلبي وأعراقه، فإن الوهم في إدراكاتها الجزئية وأحكامها لما كانت معتكفة على باب الحس وكان جل أحكامها وتصديقاتها في المدركات التي تتلقاها من طريق الحواس فهي تنقبض عن مطاوعة ما صدقه العقل، وإن كانت النفس مؤمنة موقنة به، كما في الأحكام الكلية العقلية الحقة من الأمور الخارجة عن المادة الغائبة عن الحس فإنها تستنكف عن قبولها وإن سلمت مقدماتها المنتجة لها، فتخطر بالبال أحكاما مناقضة لها، ثم تثير الأحوال النفسانية المناسبة لاستنكافها فتقوى وتتأيد بذلك في تأثيرها المخالف، وإن كانت النفس من جهة عقلها موقنة بالحكم مؤمنة بالأمر فلا تضرها إلا أذى، كما أن من بات في دار مظلمة فيها جسد ميت فإنه يعلم: أن الميت جماد من غير شعور وإرادة فلا يضر شيئا، لكن الوهم تستنكف عن هذه النتيجة وتستدعي من المتخيلة أن تصور للنفس صورا هائلة موحشة من أمر الميت ثم تهيج صفة الخوف فتتسلط على النفس، وربما بلغ إلى حيث يزول العقل أو تفارق النفس. فقد ظهر: أن وجود الخطورات المنافية للعقائد اليقينية لا ينافي الإيمان والتصديق دائما، غير أنها تؤذي النفس، وتسلب السكون والقرار منها، ولا يزول وجود هذه الخواطر إلا بالحس أو المشاهدة، ولذلك قيل: إن للمعاينة أثرا لا يوجد مع العلم، وقد أخبر الله تعالى موسى في الميقات بضلال قومه بعبادة العجل فلم يوجب ذلك ظهور غضبه حتى إذا جاءهم وشاهدهم وعاين أمرهم غضب وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه. وقد ظهر من هنا ومما مر سابقا أن إبراهيم عليه السلام ما كان يسأل المشاهدة بالحس الذي يتعلق بقبول أجزاء الموتى الحياة بعد فقدها، بل إنما كان يسأل مشاهدة فعل الله سبحانه وأمره في إحياء الموتى، وليس ذلك بمحسوس وإن كان لا ينفك عن الأمر المحسوس الذي هو قبول الأجزاء المادية للحياة بالاجتماع والتصور بصورة الحي، فهوعليه السلام إنما كان يسأل حق اليقين.

قوله تعالى: "فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا" ﴿البقرة 260﴾. صرهن بضم الصاد على إحدى القراءتين من صار يصور إذا قطع أو أمال، أو بكسر الصاد على القراءة الأخرى من صار يصير بأحد المعنيين، وقرائن الكلام يدل على إرادة معنى القطع، وتعديته بإلى تدل على تضمين معنى الإمالة. فالمعنى: أقطعهن مميلا إليك أو أملهن إليك قاطعا إياهن على الخلاف في التضمين من حيث التقدير. وكيف كان فقوله تعالى: "خذ أربعة من الطير" "إلخ"، جواب عن ما سأله إبراهيم عليه السلام بقوله: "رب أرني كيف تحيي الموتى"، ومن المعلوم وجوب مطابقة الجواب للسؤال، فبلاغة الكلام وحكمة المتكلم يمنعان عن اشتمال الكلام على ما هو لغو زائد لا يترتب على وجوده فائدة عائدة إلى الغرض المقصود من الكلام وخاصة القرآن الذي هو خير كلام ألقاه خير متكلم إلى خير سامع واع، وليست القصة على تلك البساطة التي تتراءى منها في بادي النظر، ولوكان كذلك لتم الجواب بإحياء ميت ما كيف كان، ولكان الزائد على ذلك لغوا مستغنى عنه وليس كذلك، ولقد أخذ فيها قيود وخصوصيات زائدة على أصل المعنى، فاعتبر في ما أريد إحياؤه أن يكون طيرا، وأن يكون حيا، وأن يكون ذا عدد أربعة، وأن يقتل ويخلط ويمزج أجزاؤها، وأن يفرق الأجزاء المختلطة أبعاضا ثم يوضع كل بعض في مكان بعيد من الآخر كقلة هذا الجبل وذاك الحبل، وأن يكون الإحياء بيد إبراهيم عليه السلام نفس السائل بدعوته إياهن، وأن يجتمع الجميع عنده. فهذه كما ترى خصوصيات زائدة في القصة، هي لا محالة دخيلة في المعنى المقصود إفادته، وقد ذكروا لها وجوها من النكات لا تزيد الباحث إلا عجبا يعلم صحة ما ذكرناه بالرجوع إلى مفصلات التفاسير. وكيف كان فهذه الخصوصيات لا بد أن تكون مرتبطة بالسؤال، والذي يوجد في السؤال – وهو قوله: "رب أرني كيف تحيي الموتى" - أمران. أحدهما: ما اشتمل عليه قوله: "تحيي" وهو أن المسئول مشاهدة الإحياء من حيث إنه وصف لله سبحانه لا من حيث إنه وصف لأجزاء المادة الحاملة للحياة. وثانيهما: ما اشتمل عليه لفظ الموتى من معنى الجمع فإنه خصوصية زائدة. أما الأول: فيرتبط به في الجواب إجراء هذا الأمر بيد إبراهيم نفسه حيث يقول: فخذ، فصرهن، ثم اجعل، بصيغة الأمر ويقول ثم ادعهن يأتينك، فإنه تعالى جعل إتيانهن سعيا وهو الحياة مرتبطا متفرعا على الدعوة، فهذه الدعوة هي السبب الذي يفيض عنه حياة ما أريد إحياؤه، ولا إحياء إلا بأمر الله، فدعوة إبراهيم إياهن بأمر الله، قد كانت متصلة نحو اتصال بأمر الله الذي منه تترشح حياة الأحياء، وعند ذلك شاهده إبراهيم ورأى كيفية فيضان الأمر بالحياة، ولو كانت دعوة إبراهيم إياهن غير متصلة بأمر الله الذي هو أن يقول لشيء أراده: كن فيكون، كمثل أقوالنا غير المتصلة إلا بالتخيل كان هو أيضا كمثلنا إذ قلنا لشيء كن فلا يكون، فلا تأثير جزافي في الوجود. وأما الثاني: فقوله كيف تحيي الموتى تدل على أن لكثرة الأموات وتعددها دخلا في السؤال، وليس إلا أن الأجساد بموتها وتبدد أجزائها وتغير صورها وتحول أحوالها تفقد حالة التميز والارتباط الذي بينها فتضل في ظلمة الفناء والبوار، وتصير كالأحاديث المنسية لا خبر عنها في خارج ولا ذهن فكيف تحيط بها القوة المحيية ولا محاط في الواقع. وهذا هو الذي أورده فرعون على موسى عليه السلام وأجاب عنه موسى بالعلم كما حكاه الله تعالى بقوله: "قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى" (طه 52).

ويستطرد العلامة السيد الطباطبائي في تفسيره الآية 260 قائلا: تجلّي للمعاد في هذه الدنيا: يذكر القرآن الكريم حول مسألة المعاد بعد قصة عزير قصةً اُخرى عن إبراهيم عليه السلام ليكتمل البحث، ويذكر معظم المفسّرين والمؤرخين في تفسير هذه الآية الحكاية التالية: مرّ إبراهيم عليه السلام يوماً على ساحل البحر فرأى جيفة مرميّة على الساحل نصفها في الماء ونصفها على الأرض تأكل منها الطيور والحيوانات البرّ والبحر من الجانبين وتتنازع أحياناً فيما بينها على الجيفة، عند رؤية إبراهيم عليه السلام هذا المشهد خطرت في ذهنه مسألة يودّ الجميع لو عرفوا جوابها بالتفصيل، وهي كيفيّة عودة الأموات إلى الحياة مرّة اُخرى، ففكّر وتأمّل في نفسه أنّه لو حصل مثل هذا الحادث لبدن الإنسان وأصبح طعاماً لحيوانات كثيرة، وكان بالتالي جزءً من بدن تلك الحيوانات، فكيف يحصل البعث ويعود ذلك الجسد الإنساني نفسه إلى الحياة؟ فخاطب إبراهيم عليه السلام ربّه وقال: "ربّ أرني كيف تحيي الموتى". فأجابه الله تعالى: أوَلم تؤمن بالمعاد ؟ فقال عليه السلام: بلى ولكن ليطمئّن قلبي. فأمره الله أن يأخذ أربعة طيور ويذبحها ويخلط لحمها، ثمّ يقسّمها عدّة أقسام ويضع على كلّ جبل قسماً منها، ثمّ يدعو الطيور إليه، وعندئذ سوف يرى مشهد يوم البعث، فأمتثل إبراهيم للأمر واستولت عليه الدهشة لرؤيته أجزاء الطيور تتجمّع وتأتيه من مختلف النقاط وقد عادت إليها الحياة. وثمّة تفسير آخر للآية نقله الفخر الرازي عن أحد المفسّرين يدعى (أبو مسلم) يخالف آراء بقيّة المفسّرين ولكنّنا نذكره هنا لئنّ مفسّراً معاصراً وهو صاحب المنار قد اختار هذا الرأي. يقول هذا المفسّر: ليس في هذه الآية ما يدلّ على أنّ إبراهيم عليه السلام ذبح الطيور وبعد ذلك عادت إلى الحياة من جديد بأمر الله تعالى، بل أنّ الآية في صدد بيان مثال لتوضيح مسألة المعاد، يعني أنّك يا إبراهيم خذ أربعة من الطير فضمّها إليك حتّى تستأنس بك بحيث تجيب دعوتك إذا دعوتها، فإنّ الطيور من أشدّ الحيوانات إستعداداً لذلك، ثمّ إجعل كلّ واحدة منهنّ على جبل ثمّ ادعها، فإنّها تسرع إليك، وهذه المسألة اليسيرة بالنسبة لك تماثل في سهولتها ويسرها مسألة إحياء الأموات وجمع إجزائها المتناثرة بالنسبة إلى الله تعالى. فعلى هذا يكون أمر الله تعالى لإبراهيم عليه السلام في الطيور الأربعة لا يعني أن يقدم إبراهيم على هذا العمل حتماً، بل أنّه مجرّد بيان مثال وتشبيه كأن يقول شخصٌ لآخر لبيان سهولة الأمر عليه: إشرب هذا القدح من الماء حتّى انهي هذا العمل ويريد بذلك بيان سهولته، لا أنّ الآخر يجب عليه أن يشرب الماء. وأستدلّ أنصار النظريّة الثانية بكلمة (فصرهنّ إليك) وقالوا إنّ هذه الجملة إذا كانت متعدّية بحرف (إلى) فتكون بمعنى الأنس والميل، فعلى هذا يكون مفهوم الجملة أنّه (خذ هذه الطيور وآنسهى بك) مضافاً إلى أنّ الضمائر في (صرهنّ) و(منهنّ) و(ادعهنّ) كلّها تعود إلى الطيور، وهذا لا يكون سليماً إلاّ إذا أخذنا بالتفسير الثاني، لأنّه على التفسير الأوّل تعود بعض هذه الضمائر على نفس الطيور وتعود البعض الآخر على أجزائها، وهذا غير مستساغ في الاستعمال. الجواب على هذه الاستدلالات سيأتي ضمن تفسيرنا للآية الشريفة ولكن ما تجدر الإشارة إليه هنا هو أنّ الآية تبيّن بوضوح هذه الحقيقة، وهي أنّ إبراهيم عليه السلام طلب من الله تعالى المشاهدة الحسيّة للمعاد والبعث لكي يطمئّن قلبه، ولاشكّ أنّ ضرب المثل والتشبيه لا يجسّد مشهداً ولا يكون مدعاة لتطمين الخاطر، وفي الحقيقة أنّ إبراهيم كان مؤمناً عقلاً ومنطقاً بالمعاد، ولكنّه كان يريد أن يدرك ذلك عن طريق الحس أيضاً.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=204638
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 06 / 25
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 06 / 26