أقدمت دويلة إسرائيل المحتلة لفلسطين العربية- قبل أيام- بعدوان كبير وواسع النطاق على إيران مستخدمةً، أشد الأسلحة وأحدثها فتكاً، بدواعي ومبررات الدفاع عن دويلتهم المصطنعة، ولوقف تصنيع القنبلة الذرية الإيرانية- التي تهددهم - إن صنعت حسب إدعائهم.
بعيداً عن التشفي من البعض، ونقول: أسفا، أو الآراء والمواقف المختلفة ازاء النظام السياسي في ايران، فالشعوب الإسلامية والعربية لها الأولوية في التعبير عن مواقفها اتجاه هذا النزاع العسكري الدائر في منطقتننا بين الحق والباطل. إن عقيدتنا الإسلامية، تحتم وتوجب علينا الوقوف والمساندة مع الجارة إيران وشعبها المسلم، وشجب واستنكار الكيان الإسرائيلي: الظالم ، الكافر ،القاتل، المجرم، والمغتصب لأرضنا الفلسطينية منذ أكثر من سبعين عاماً، ومهما وصلنا من الخلاف أو تباين في جهات النظر مع مفاهيم وعقيدتهم في الحكم ، فنحن كشعوب مسلمة معهم قلباً وقالباً .
وها؛ نحن نراقب ونشاهد فرحة الشعوب العربية والإسلامية من كل بقاع العالم، تصدح بالدعاء لهم، عندما تنطلق الصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية لتدك أوكار الكيان الصهيوني الغاصب لأرضنا فلسطين، وسيجل التاريخ في أحرف من نور هذه المواقف النبيلة والشجاعة في أرشيفه الذهبي للأجيال المقبلة.
فلو عرجنا جانباً، على تاريخ ومفردة إسرائيل، فقد بعث الله- سبحانه وتعالى- نبينا إبراهيم (ع) الى مدينة بابل في العراق، الذي هاجر لاحقاً منها، واستقر مع زوجته (سارّة) في مدينة الخليل في فلسطين، وهناك رزقه الله بولده إسحاق (ع) ، وتوالت من ذريته نبي الله يعقوب (ع) الذي سمي بـــــ (إسرائيل) ، فذرية يعقوب (ع) وأبنائه هم بنو إسرائيل، وللأسف، فقد أساء اليهود وعبر التاريخ كثيراً لهذه الذرية من أنبياء الله الطاهرين (ع) .
لقد ذكر الله - سبحانه وتعالى– في قراننا الكريم اليهود في العديد من آياته، تشير الى حقدهم وتمردهم على البشرية: فمثلاً ، لم يستطع اليهود الخروج في تصورهم المادي للإله، فبعد أن نجاهم الله تعالى من فرعون وجنوده، طلبوا من موسى (ع) أن يصنع لهم آلهة من حجارة، ليعبدوها كما قال تعالى: (قالوا يا موسى إجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة). (الأعراف 138).
وكذلك، لم يتصورا أن تكون علاقتهم بالله تعالى علاقة عبد برب، وإنما علاقة نسبية، وقد رد القرآن عليهم بإثبات طبيعتهم البشرية في قوله تعالى: ( وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق). (المائدة 18(.
ودعاهم إلى تذكر نعمته عليهم، والوفاء بالعهد الذي أخذه عليهم. بقوله تعالى: ( يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وافوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون).( البقرة 40).
وحذرهم من عقابه الالهي، ولكن اليهود أشدهم عداوة، كما في قوله تعالى: ( لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ). (المائدة:82).
وبالنظر لتصرفاتهم الإجرامية والسيئة على مر العصور، فقد تعرضوا الى القتل والتهجير من شعوب الأرض في مراحل عدة، ففي التاريخ القديم، يذكرنا بالسبي البابلي لليهود، إذ؛ تم ترحيل اليهود من مملكة يهوذا إلى بابل بعد سقوط أورشليم عام 586 قبل الميلاد. أما خلال الحرب العالمية الثانية، فتعرض اليهود للإبادة الجماعية على يد النازيين في أوروبا، والمعروفة باسم الهولوكوست ، وأسبابها الحقيقية معروفة للعالم عامة ولليهود خاصة.
أما؛ في بداية قرننا التاسع عشر، فقد تجمع اليهود من كل بقاع العالم، ليهاجروا الى فلسطين العربية ويتخذونها موطناً دائماً لهم ويطردوا أهلها من ديارهم، ويرتكبوا أبشع الجرائم بحقهم، بعد وعد بلفور المشؤوم في العام 1917، حيث تحولوا من مهاجرين يبحثون عن العيش والاستقرار وفق المفاهيم الأولية لبني صهيون الى عصابات من القتلة، وهذا ما شاهدناه بحق شعوبنا العربية والفلسطينية .
لذلك؛ يتطلب الموقف الصادق الداعم في الوقت الحاضر من كل مسلم وعربي ومحب للسلام في التضامن مع الشعب الإيراني المسلم، واستنكار هذا العدوان الغاشم على هذا البلد المسلم، وحث العالم على ايقافه.
أن ما يحصل اليوم مع الشعب الإيراني ، سيطال غداً شعوبنا العربية والإسلامية جميعهاً، إذ سكتنا، ولا يمكن لهذا السرطان أن يتوقف ويتوسع في منطقتنا ، ما لم يوضع حد نهائي له، وهذا لا يحصل إلا بتضامن ووحدة الموقف الإسلامي والعربي.
أن المعركة الدائرة اليوم بين إيران ودويلة الكيان الإسرائيلي، لا تفسر وتحلل من منطلق الرد والردع، بل هي صراع على مستقبل الدور الإقليمي في هذه المنطقة المهمة من العالم، إذ تسعى دويلة إسرائيل المغتصبة ، لتكريس وجودها الغير شرعي كقوة وحيدة ، وإذا نجحت في تحقيق النصر في هذه الحرب على إيران، فستصبح الدولة المتحكمة والمسيطرة على كل شعوب ودول المنطقة.
بقول الشيخ مصطفى الهادي في مقالته الموسومة ( أسطورة المحارق اليهودية... وقانون جايسو فابيوس ) " أنا لا أتبنى رأياً، ولكني أقول بأن الكثير من المؤرخين كانوا يرون أن (هتلر) لم يكن رجلاً سيئاً، لأن اليهود هم الذين كتبوا تاريخه فقد سودوا صفحات هذا الرجل لكي يتم تمرير عملية القرصنة على فلسطين، وقبله، كتب اليهود تاريخ روما وصوروا القيصر ( نيرون ) بأنه رجل مجنون أحرق روما، لأنه حاول تحجيم دوره ، لقد انطلت كل خدع اليهود على الناس لأن في يد اليهود المال والإعلام والبغاء وهي أقوى الأسلحة للسيطرة على العقول وشراء الذمم" .
نختم مقالتنا، بما قال الله سبحانه وتعالى عن بني إسرائيل: ( وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علواً كبيراً، فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعداً مفعولاً ، ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيراً ) الأسراء: (4 -6) .
) إن شاء الله يتحقق قريباً هذا القول الكريم من الرب الكريم (.
|