
المؤلّف:
أستاذ البحث الخارج في حوزة النجف الأشرف سماحة آية الله السيّد محمّد باقر السيستانيّ (دامت بركاته).
عبارة من المقدّمة:
أما بعد:
...فإنّ على الإنسان الباحث عن الحقيقة في هذه الحياة أن يسعى فعلاً إلى البحث والتحرّي حول ذلك..
سبب التأليف:
أن ينفع بذلك المتبصرين في هذه الحياة الباحثين عن حقيقتها وآفاقها بجد وأناة.
منهجه:
يجمع بين الفطرة والعقل، ويشترط في المعرفة تزكية النفس وسلامة الباطن، لا مجرّد التحليل العقلي. يركّز على وقاية الذهن من المؤثرات غير الموضوعية، ويُصنّف مراتب المعرفة بدقة.
وهو بذلك يقدّم مشروعًا تربويًا–معرفيًا متكاملاً لبناء الباحث الديني المتثبّت.
المحتوى العام:
يتناول (دامت بركاته) جملة من القواعد الفطريّة للمعرفة الإنسانيّة والدينيّة، ويُمهّد لها بملاحظات منهجيّة أوجبت طرحها، محتواه يحتاج الى دقّة وصبر ، كما قال: والمأمول من الناظرين مرّة أخرى أن يصبروا على متابعة هذا البحث بتأمّل وتفكير إلى نهايته. ص٧.
القاعدة١: حول قيمة المعرفة الإنسانيّة والدينيّة ومراتبها وحدودها. القاعدة٢: في انقسام المعرفة الإنسانيّة ثلاثة اقسام. والقاعدة٣: في أهمّيّة استثارة الشحنات الدلاليّة الكامنة في العقلانيّة العامّة واهتمام الدين بها. القاعدة٤: في تقسيم المعرفة الإنسانيّة إلى المعرفة البديهيّة الفطريّة والمعرفة الاستدلاليّة النظريّة.
القاعدة٥: في تنوع المعرفة الإنسانيّة إلى المعرفة الارتكازيّة والمعرفة التفصيليّة وكفاية الأولى في المعرفة الدينيّة،انظر ص١٢٠. القاعدة٦:في اختلاف المعلومات والعلوم في المناهج المناسبة لتحقيقها وبيان المنهج الملائم مع الدين.
القاعدة٧: في الموازنة بين المؤشرات المتناقضة في الموضوع الواحد. القاعدة٨: في انقسام الإدراك الإنسانيّ إلى سليم ومختل والضابط في خلل الإدراك وخطأه، انظر ص١٨٤.
القاعدة٩: في الفرق بين نوعين من الخلل في الإدراك: ١- خطأ محض ناشئ عن القصور غير المقصود. ٢- خطيئة ناتجة عن مخالفة إراديّة لمقتضيات الفهم السليم.
القاعدة١٠: في تأثير المؤهلات الإنسانيّة على سلامة الإدراك.
يتّضح من خلال هذه القاعدة، كما من سائر القواعد التي نظمها السيّد المؤلف (دامت بركاته)، أنّ مشروع القواعد الفطرية لا يقتصر على تقنين أدوات المعرفة، بل يتّجه إلى تأهيل الذات البشرية لتكون أهلاً لتلقّي الحقيقة. فالمعرفة الدينية، بحسب هذا المنهج هي نتاج تفاعل بين العقل المنهجي، والفطرة السليمة، والنفس المصفّاة من شوائب الهوى والاندفاع والانفعال وأمثالها.
ومن خلال ذلك تتضح منهج التثبّت كمشروعٍ تربويٍّ شاملٍ يشترط في طالب المعرفة أن يُزكّي باطنه كما يُنمّي عقله، وأن يتطهّر من المؤثرات النفسية والميول غير الموضوعيّة التي تشوّه صورة الحقيقة. وهذا هو التحدّي الأكبر في زمن كثُرت فيه الوسائل، وقلّت فيه المؤهّلات، وتلبّس فيه الظنّ بلباس اليقين.
ويختمها بخاتمة هامّة من صفحة ( ٣٧٢ _ ٤٣١)، تستعرض أبرز العوامل غير الموضوعية التي تحجب الحقيقة عن الدين، كالفهم الخاطئ، والخلط بين الأصول والفروع، والتأثر بالنزعات النفسية والثقافية، وتوهم التكاليف أو المصاعب، كما ترد على اتهام الدين بتأخير العلم أو تعطيل العقل، وتفند دعاوى نَسبة الفشل الاجتماعيّ والسياسيّ إليه، مؤكدة ضرورة التثبّت العقليّ والنفسيّ لتحصيل الفهم الديني السليم.
والقاعدة ١١: في المعرفة التاريخيّة وأهمّيّتها في شأن الدين. والقاعدة ١٢: في مناهج البحث والإقناع ثمّ خاتمة يذكر فيها العوامل غير الموضوعيّة التي يمكن أن تحجب الحقيقة حول الدين.
الأهمّيّة:
ويُفهم من مجموع هذه القواعد أن المؤلّف (دامت بركاته) بصدد رسم منهج معرفيّ رصين، لفهم الدين وإدراك حقيقته، يقوم على أسس عقلانيّة وفطريّة، ويحتاط من الوقوع تحت تأثير العوامل غير الموضوعيّة التي تحجب الوصول الى الحقيقة.
يجيب عن أسئلة معاصرة .. ويبرز اهمّيّة الأمور الفطريّة وأهمّيّة البديهيّات واقسامها، ويذكر قيمة الاخلاق ودفع الشبهات عن قيمتها كما في ص ١١١ و١١٢.
القواعد الاثنتا عشرة تمثّل منهجاً فطريّاً عقليّاً تربويّاً متكاملاً، يُرسي أسس التثبّت، ويقوّي قدرة الباحث على التمييز بين الحق والباطل، ويحصّنه من المؤثّرات النفسيّة والثقافيّة المعوّقة للفهم الدينيّ الرشيد.
لذا فالكتاب نافع للمؤمنين فضلاً عن الطلبة المبلّغين والباحثين، حيث يُمثّل رحلةً علميّة تُعين طالبَ العلمِ على تهذيب فكره وتثبّيت فهمه الدينيّ الصحيح.
رياض السيّد عبدالأمير الفاضليّ
١٤- ذو الحجة _١٤٤٦ هــ
النجف الأشرف
|