يروي السيد محمد سلطان علي الباكستاني عن والده رحمه الله:
كان والدي يقوم بزيارة النجف الأشرف كل خميس وجمعه إضافة إلى زيارة المراقد المقدسة في بغداد وكربلاء...أبلغني إن المعجزة تأتي على شكل كرامات تمنح إلى أناس يقيمون حدود الله ولا يخافون إلا الله ويلتزمون الطريق الصحيح للوصول إلى مرضاة الله، ويمكن رؤية ذلك على سيماهم حيث يشع النور الرباني منهم، وروى لي والدي ما يلي: (عندما كانت هناك اضطرابات في جنوب ووسط العراق وثورة العشائر على المحتلين كنت في قاعدة الشعيبة برتبة ملازم أول مرافقاً لقائد القوات البريطانية في القاعدة الذي تلقى الأمر بمعالجة الموضوع - من قيادته- وقد حضر المرحوم الملك فيصل الأول إلى النجف الأشرف للقاء رؤساء العشائر في دار الاستراحة في الكوفة وبمعيته القائد البريطاني وكان طلب رؤساء العشائر دعوة المرجع الديني في النجف الأشرف (المرحوم السيد أبو الحسن الموسوي) طيب الله ثراه- لحضور الجلسة ليكون شاهداً على الاتفاق بين العشائر والقوات المحتلة كما أقيمت وليمة غداء كبرى بالمناسبة، وأرسل القائد البريطاني دعوة مع ضابط بريطاني بصحبة مترجم إلى سماحته فرفض وأبلغ الضابط:{أن لا حكم للمستعمر عليهم} وعقب الملك فيصل بدعوة أخرى فرفض سماحته الحضور وأبلغ الرسول:{أن لا حكم عليه لمن نصبه المستعمر لحكم هذه البلاد الطاهرة} فحدثت بلبلة وحالة اضطراب منعت التوصل لحلول لما اجتمعوا من أجله، فاضطرب القائد البريطاني- (تعليق: إنها منة من الله لعباده الصالحين) - فطلب مني القائد باعتباري مرافقه وديانتي مسلم وقادم من بلاد بعيدة، فذهبت إلى سماحته بسيارة جيب انكليزية مع سائق مسلم وانضباط عسكري هندي مسلم أيضاً وعندما دخلت الدار وجدتها داراً بسيطة مبنية بالطين، وكان السيد جالساً على حصير وبيده القرآن الكريم وله من المهابة وشعاع النور الإلهي يشع من محياه الكريم، مما أدخل شخصيته إلى قلبي وروحي دون استئذان وشعرت بقشعريرة تهز جسمي وبعد السلام وتقبيل يده المباركة استأذنته بالكلام وأخبرته بما جرى وإني وردت إليه كمسلم وليس كضابط مأمور للدعوة بل للاسترشاد والنصيحة لكوني كنت خجلاً لإبلاغه الدعوة للحضور وهو أمر عسكري فأبلغني:{لكونك مسلم وجئت من بلاد بعيدة لمجاهدة الرزق لعائلتك وليس غازياً ولا أرغب أن تحرج أمام زمر غازية فسألبي الطلب والحضور وطلب مني العودة}ولكني أبلغت سماحته بأني جئت بسيارة تسهيلاً لأمر وصوله فنحن بخدمته أجابني: (أنا معين بالله فستلقاني أمامك عند دار الاستراحة} استغربت من قوله واستأذنت وخرجت للانطلاق عائداً إلى موقعي... وكم كانت دهشتي وعجبي مما رأيت فقد شاهدت سماحته قرب باب الدار ينتظرني ..!! ولم يدخل لحين وصولي لكي يعلموا بأني أرافقه تكريماً لي عن الحضور والمسئولين، علماً إنني لم أجد معه أية وسيلة نقل... فقلت: سبحان الله على تعظيمه لعباده... وبعد أداء السلام بالكامل على الحضور ألقى القائد البريطاني كلمته الجوفاء حول وجودهم محررين لا فاتحين وتنظيمه إدارة البلد لمواكبة العصر لحين إكمال ما هو مخطط له وسنغادر ولا حاجة إلى الاضطراب والفرقة، ومن ثم طلب من الملك إلقاء كلمته فطلب الملك من سماحته مباركته وإعطاء فتوى بها، لم يوافق سماحة السيد بل أرجأ ذلك إلى حين انتهاء الجلسة بعدها تحدث سماحته: {سمعنا الكثير من الوعود ولم تنفذ فكيف أبارك لكم دون وجود الدليل} ثم طلبوا من سماحته التقدم للغداء فقال:{لا أستطيع أن أضع يدي في مأكل من دم شعبي المسلم في العراق} فضحك القائد البريطاني وقال: ما هذا ألا يرى ما طاب وتنوع ورائحة التمن العنبر؟ أين الدم الذي يعنيه فليرينا ؟ وقبل أن يتم القائد كلامه صاح السيد: (بقوة الله وبركته سترى ذلك) غمس يده المباركة في التمن المطبوخ ورفعه عالياً انظر هذا هو دم الشعب المسلوب الإرادة... وعندما نظر الجميع إلى يد سماحته كانت الدماء تقطر من بين أصابع كفه الماسكة للتمن المطبوخ ...؟! مما جعلني ألتزم بديني كمسلم ومؤمن وأن أبقى في العراق وأتزوج وأنجب. ورحم الله السيد أبو الحسن الموسوي).
أقسم بالله صادقاً إن والدي كان صادقاً في روايته وإنه كان من أهل السنة وإن هذه الحادثة جعلته يعتنق مذهب أهل البيت وصلى الله على محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين.
|