تمثل حكاية الحاج عيد عندي فصلاً من فصول عفويتنا التي كنا نرى بها الأشياء على سجيتنا، وأتذكر أن حكاية الحاج عيد لازمتني فترة طفولتي، سأل المعلم ونحن في الصف الرابع الابتدائي: من منكم يعرف لماذا سمي العيد بالأضحى..؟ رفعت يدي واثقاً من اجابتي: أستاذ، كان الحاج عيد يحج بيت الله كل سنة، ونفرح نحن ونحتفل بالعيد..! ابتسم حينها الأستاذ، وضحك التلاميذ، لتلازمني فكرة الحاج عيد، وتصبح نادرة من نوادر محلتنا.
قال المعلم: يرتبط هذا العيد بقصة إبراهيم الخليل (عليه السلام) الذي أمره الله تعالى بأن يضحي بابنه إسماعيل، وحين امتثل نبي الله للأمر الالهي فداه الله بكبش, ولهذا كانت التضحية في الحج، حيث يضحي الحجاج بأحد الأنعام: (خروف، أو بقرة، أو ناقة) بعد عودتهم من عرفات, ولذلك سمّي بعيد الأضحى.
وللاضحية فضل كبير، حيث يقول الإمام علي (عليه السلام) في فضلها: ((لو علم الناس ما في الأضحية لاستدانوا وضحّوا، إنّه ليغفر لصاحب الأضحية عند أوّل قطرة تقطر من دمها))، سألت المعلم حينها: ولهذا نحن نفرح ونعيد، والكبار ماذا عليهم ان يعملوا..؟ أجاب المعلم بهدوء: وجد وكأنه يشجعني ليخفف عني حمل النادرة الأولى.
يستحب إحياء ليلة عيد الأضحى بالصلاة، وقراءة القرآن، وزيارة الإمام الحسين (عليه السلام) وقراءة بعض الأدعية، ففي هذا اليوم تفتح فيه أبواب السماء, وحين كبرت عرفت أن الحاج عيد هو ثمرة رحلة عبادية في طاعة الله تعالى، تتمثَّل بالهجرة إليه، والتخلّي عن كل ما يربطه بعالم الدنيا، حيث ينزع عن نفسه كلّ مظاهرها وزينتها، ويلبس ثوب الإحرام، الذي لا يفترق كثيرًا عن كفنه حين موته، بل هو إشارة إليه وكناية عنه، وتشبيه به، كأنّه يستعد للقاء الأكبر طائعًا مختارًا، متنقلاً بين المشاعر المقدسة والأماكن المطهرة، فإذا أنهى رحلته برمي الجمرات ورجم الشياطين، تأسيًّا بأبي الأنبياء إبراهيم (عليه السلام) عندما تمثّل له الشيطان في هذه الاماكن، ثم أتمَّها بالذبح أو النحر، خرج إلى العيد معلنًا فرحه، ومحتفلاً بنجاحه؛ لأنّه قد فاز بغفران الله تعالى.
|