كان النعمان بن بشير والياً على الكوفة وقد تجاهل حركه مسلم بن عقيل مما ادى بجواسيس بني اميه لارسال رسائل الى يزيد مطالبين بعزله
فعزله يزيد وولى عبيد الله بن زياد الذي شدد من قبضته على الكوفة أول دخوله لها فاضطر مسلم لمغادرة دار المختار واللجوء إلى دار هانئ بن عروة المذحجي صاحب أمير المؤمنين كإجراء احترازي فقد كثف ابن زياد من جواسيسه لاقتفاء أثر مسلم ومعرفة مكانه حتى دله أحد الجواسيس على مكانه.
ارسل اليه ابن زياد حسان بن أسماء بن خارجة, ومحمد بن الأشعث, و عمرو بن الحجاج الزبيدي صهر هانئ, فلمّا ألحّوا على هانئ بالحضور جاء معهم فكشف ابن زياد عن أمر الجاسوس وعرض على هانئ تسليم مسلم لكن هاني قال له:
والله لو كنت وحدي ليس لي ناصر لما سلمته إليك أبدا حتى أموت دونه.
فغضب ابن زياد من هذا القول فأمر جلاوزته بتكتيفه و(استعرض وجهه بالقضيب فلم يزل يضرب أنفه وجبينه وخده حتى كسر أنفه وسالت الدماء على ثيابه ونثر لحم خديه وجبينه على لحيته حتى كسر القضيب) ثم زجه في السجن
الحمله الاعلاميه الامويه الاولى تنجح في افشال محاوله مذحج اقتحام القصر واستنقاذ زعيمها هاني بن عروه
وردت الاخبار الى قبيله مذحج بان زعيمها هاني بن عروه قد قتل او على وشك ان يقتل فاحاطوا بالقصر وهموا باقتحامه واستنقاذ زعيمهم
وكان عمروبن الحجاج الزبيدي صهر هاني بن عروه فتقدم جموع مذحج ونادى من خلف اسوار القصر قائلا :
(أنا عمرو بن الحجاج وهذه فرسان مذحج وقد بلغهم أن صاحبهم قُتل فأعظموا ذلك)
فقال ابن زياد لشريح القاضي :
(أدخل على صاحبهم فانظر إليه ثم اخرج فاعلمهم أنه حي لم يقتل وأنك قد رأيته)
فلما دخل شريح على هانئ وهو بتلك الحالة قال له هانئ
(يا شريح إني لأظنها أصوات مذحج وشيعتي من المسلمين, إن دخل علي عشرة نفر أنقذوني, يا شريح إتق الله إنه قاتلي )
لكن شريحاً تجاهل قول هانئ وقال له بعدم اكتراث: أراك حيّاً
فحمّله هانئ أمانة وهي قوله: أخبر قومي إن انصرفوا قتلني .. ولكن أنى لمن باع دينه وضميره لبني أمية من إداء الأمانة فلما خرج شريح قال لابن زياد: قد رأيته حياً ورأيت أثراً سيئاً. فأسكته ابن زياد وقال له أخرج إلى هؤلاء وأخبرهم كما أمرتك وارسل معه غلامه لكي لا يقول لهم شريح غير ماقاله له ابن زياد
قام هذا القاضي الضال المضل بدوره وأطل من على القصر مخاطباً أكبر قبيلة في الكوفة
ما هذه الرعة السيئة .. الرجل حي
وهكذا بكل بساطة سكتت هذه (الرعة) وعجّل عمرو بن الحجاج الزبيدي بأمر انسحابها قائلا أما إذا لم يقتل فالحمد لله
وهكذا افشل الاعلام الاموي الكاذب بمساعده المجرمين الثلاثه عمروبن الحجاج وشريح القاضي وابن زياد غضب قبيله مذحج واخمدوا ثورتهم
الحمله الاعلاميه الامويه الثانيه تفرّق ثمانيه عشر الف مقاتل عن مسلم بن عقيل اخذ منهم البيعه للامام الحسين (ع)
بعد الانسحاب المخزي لمذحج وصلت أخبار هانئ إلى مسلم فأمر مناديه برفع شعار الثورة ووزع الألوية على أصحابه وتوجه نحو القصر فدخل ابن زياد القصر وأغلق أبوابه, وقد أشار عليه أحد أصحابه وهو كثير بن شهاب بقتال مسلم لكنه رفض جبناً وخوفاً من مواجهة مسلم ولجأ إلى حرب الإشاعات الجبانة بأن جيش الشام قادم !
كما أمر ابن زياد برفع راية أمان لكل من يترك مسلماً وينضم إليها فقال لهم:
أشرفوا على الناس فمنّوا أهل الطاعة الزيادة والكرامة وخوفوا أهل المعصية الحرمان والعقوبة وأعلموهم وصول جند الشام إليهم
فكان منادي ابن زياد ينادي من على القصر:
أيها الناس إلحقوا بأهليكم ولا تعجلوا الشر ولا تعرضوا أنفسكم للقتل فإن هذه جنود يزيد قد أقبلت وقد أعطى الأمير عهداً لئن أتممتم على حربه ولم تنصرفوا من عشيتكم أن يحرم ذريتكم العطاء ويفرق مقاتلتكم في مغازي أهل الشام على غير طمع وأن يأخذ البريء بالسقيم والشاهد بالغائب حتى لا يبقى له فيكم بقية من أهل المعصية إلا أذاقها وبال ما جرت أيديها.
وقد كان لهذه الاشاعات والتهديدات أثرها في النفوس ووجدت صدىً وتجاوباً من قبل النفوس الخانعة والمريضة, وكان للمرأة دور في هذا التقاعس والتخاذل فكانت تتعلق بثياب زوجها أو أخيها أو ابنها فلا تتركه حتى يرجع إلى بيته ! وقد خدم الاعلام الاموي ابن زياد فكانت كل امرأة تقول لمن يخصها: (الناس يكفونك) وهكذا تفرّق الناس عن مسلم حتى صلى المغرب من ذلك اليوم وليس معه إلا ثلاثون رجلاً وخرج من المسجد فسار باتجاه حي كنده فالتفت فلم يجد وراءه احدا
* فقرات من كتاب (الاعلام الاموي غيّرَ دينا ..وهزم جيشا ..واسقط دوله ) للكاتب
|