ثمة أبنية استثنائية تدعمها استثنائية التجربة الإيمانية كتلك التي شملت الإيمان بنزول عيسى (ع) وخروج الدجال وظهور الدابة وغيرها من التجارب التي لا تعالج بأسلوب المحسوبات، حيث يرتكز مفهوم البرهنة على التجربة الروحية في ضوء المعروض التاريخي المطمئن ما يقابل القرن الهجري الثالث وانقسم رجال الفكر في هذه القضية إلى فريقين ما يقابل القرن الهجري إيماناً جازماً بخروج المهدي رائدهم التسليم بما ارتكزت عليه أحاديث الرسول (ص) والبراهين لإثبات موضوع المهدي (ع) لكون الإيمان الذي يعتمر الصدور حمل الإيمان الكامل درجة التصديق- وهو موقف عقائدي يهبه الله إلى من يشاء إلى عباده المميزين باليقين- قال الرسول (ص) لم تـُعطَ أمة من اليقين ما أعُطيت أمتي- وفريق آخر رغم قلته صار كالذي يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض الذين يتخبطون في قياس أمور الدين بمنطق عقلي وكأن المغيبات تقاس كغيرها من الأمور الكونية، وهؤلاء بطبيعة الحال أصحاب العلم الذي لا ينفع ينقصهم العقل المدبر (العقل الشرعي) الذي وهبه الله الفاعلية والقدرة التوفيقية بين المنقول والمعقول. لقد أجمع القدماء (سنة وشيعة) على حقيقة الإمام المهدي (ع) وأنه من بيت النبوة وأنه من آل الحسين (ع) وأن الله يملأ الأرض به قسطاً وعدلا كما مُلئت ظلماً وجوراً- وأنه يقود الناس إلى السعادة بعد أن عمهم الشقاء وأنه يستقبل نزول سيدنا عيسى بن مريم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام، وأن عيسى يصلي خلفه إلى آخر ما جاء من نعوته التي أشارت إليها أحاديث المغيبات، والفارق إن الشيعة يرونه قد غابَ بعد سنوات معدودة من مولده المبارك، وهو ابن الإمام أبي الحسن العسكري (عليه السلام) وأهل السنة يعتقدون إن الله يخلقه في زمانه قبيل الساعة، ومعجزة الغيبة تعتبر جائزة الوقوع من الناحية الفلسفية وليس من المستحيل علمياً وجود حالات خاصة تتغلب فيها الخلايا الحية على عوالم الهدم والفناء- وقد دلت تجارب علماء الأحياء ما يدل على أن المفروض علمي وممكن الوقوع في نظر الأمم السالفة من حيث المعجزات والخوارق، والمقصود إن ما جرى في الأمم السالفة من خوارق كقصة العزير الذي مات مائة عام ثم أحياه الله تعالى وحدوث مثل ذلك مع أصحاب الكهف حيث ناموا ثلاثمائة عام في سبات عميق لم يتخلله يقظة أو شراب، فأن الله تبارك وتعالى فعل مثل ذلك في أمة حبيبه محمد (ص) في شخص المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه وسهل مخرجه.
|