تعد الأسرة من المراحل المهمة في تشكيل شخصية الطفل، واكسابه العادات التي تبقى ملازمة له طوال حياته .
إن أول خطوات بناء الذات للطفل هو أن يثق بنفسه ، فعلى الوالدان أن يسقياهُ الثقةَ من صدور عامرة بالرحمة ، قلوب مفعمة بالحب، و يمداه بها عبر نظراتهما له ،وبالإطراء ، والتشجيع ، والثناء على افعاله الحسنه، فالكلمة الطيبة تحمل العجائب ، وتملأ عاطفة الطفل ثقة بالنفس.
لكي ينشأ الطفل نشأة اجتماعية سوية يحتاج إلى أسرة تسودها علاقات الود ، والمحبة، والتعاطف بين أفرادها، فالأسرة هي المصدر الأساسي الذي يغذي شخصية الطفل ؛ لان الطفل يتأثر بالظروف التي تحيط به ،فالشعور بالأمن والاستقرار من أهم العوامل في بناء شخصية الطفل بناء سويا متزنا .
إن الاسرة التي تستطيع أن توفر لأطفالها مناخا صحيا ملائما لنمو الشخصية الاجتماعية السوية المحصنة بالثقافة و الوعي هي اسرة واعية لمسؤوليتها تدرك ان دورها لا يقتصر على توفر المسكن ، والملبس ، والمأكل، وسائر المتطلبات المادية. بل يتعداه الى الجوانب النفسية والمعنوية.
نعم فالأسر الواعية تحرص على تثقيف الطفل دينيا، وارساء القيم الأخلاقية فيه ، فكلما تدعم بناء الطفل بالرعاية والاشراف والتوجيه، كلما كانت شخصيته اثبت ، وارسخ امام الهزات المستقبلية .
ومن أجل بناء شخصية الطفل و تعزيز ثقته بنفسه يجب على الأسرة إشعار الطفل بمكانته الاجتماعية، والإحسان إليه وتكريمه ، فكلما أحس الطفل بأنه محبوب من والديه أو المجتمع يشعر بمكانته وذاته و يكون اكثر ثقه بنفسه. فالحب والتقدير الذي يحس به الطفل له تأثير كبير على جميع جوانب حياته، فالطفل يقلد من يحبه، ويتقبل التعليمات والنصائح ممن يحبه، فيتعلم قواعد السلوك الصالحة من أبويه وتنعكس على سلوكه إذا كان يشعر بالمحبة والتقدير من قبلهما. وهذا الاقتداء هو الذي يجعل الطفل انسانا عظيما تبعا لمن يقتدي بهم. فالواجب على الوالدين توجيه انظار الطفل وأفكاره وعواطفه نحو الشخصيات النموذجية من العظماء المعاصرين، أو الأنبياء او الأئمة ليقتدي بهم.
كما أن للأسرة دور كبير في إحياء الخصائص الفردية وتعزيزها. فالأطفال ليسوا متفاوتين فيما بينهم من ناحية المنظر والبناء الخارجي فقط ، بل يختلفون من حيث معنوياتهم ونفسياتهم أيضا .
أن بعض الأطفال يولدون مع صفات وخصائص معينة لا توجد عند الأطفال الاعتياديين .أي لديهم نبوغ أكثر من المعتاد. ولما للأسرة من أهمية في تكوين الطفل،وتقويم الخصائص الفردية وتقويم سلوكه نجزم بأن الإمام الجواد عليه السلام كان أعجوبة في خصائصه ومقوماته التي استمدها من أسرته فقد نشأ في أسرة تنتهي إليها كل مكرمة وفضيلة في الاسلام، فما أظلت قبة السماء أسرة أسمى ولا أزكى من أسرة آل الرسول (ص)
لقد نشأ الإمام الجواد عليه السلام في ظل هذه الأسرة وتغذى بطباعها وأخلاقها، فكان أعلم أهل زمانه ، وأدراهم بشؤون الشريعة وأحكام الدين ونصب اماما وعمره تسع سنوات وخاض في مختلف العلوم ، وسأله العلماء والفقهاء عن أعقد المسائل الشرعية والعلمية فأجاب عنها بكل احاطة ودقة .
.نستنتج مما سبق ان الطفل الذي ينشأ في أسرة تتسم بالاتزان والثقافة الدينية وتقتدي بالصالحين و يسودها الاستقرار والمودة والرحمة والبعيدة عن الانحراف والعنف والكراهية تكون شخصيته قوية قد وجهت من جميع جوانبها وهذبت من كل اقطارها.
|