• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : كسرٌ…وردٌّ… ..قصة قصيرة .
                          • الكاتب : د . عباس عبد السَّادة شريف .

كسرٌ…وردٌّ… ..قصة قصيرة

 امتلأت القاعة بالحضور، بدأ الحفل البهيج بمراسم تلاوة القرآن الكريم، والنشيد الوطنيِّ، وقراءة سورة الفاتحة على أرواح الشهداء. 
صدح صوت عريف الحفل الجهوريِّ:
أحبتي نرحب باسمكم بآية الله الشيخ حسين المؤمن، والشاعر الكبير جليل الراضي، الذين يشرفنا حضورهما. 
موجة تصفيق.… 
انحنى شيخ ذو عمة بيضاء وهو جالس واضعًا يده على صدره، ووضع رجل أنيق يجلس قربه يده على رأسه بإشارة احترام تصحبها ابتسامة...
بدأت برامج الحفل، شعراء يتلون قصائدهم، سبقتها كلمات.. 
التفت الشاعر للشيخ المعمم مولانا أرجو أن يتسع صدرك لما سأقول، فلدي نقد لمنهجكم السلطوي الذي يجمد العقل. 
- تفضل أخي الكريم. 
- لماذا يا شيخنا، تنعتون بالانحراف كل من يفكر بطريقة مختلفة، ويحرر عقله من قيودكم، ويسمو بفكره حداثويًا بعيدًا عن الجمود الكلاسيكي؟ لماذا صدرت الأحكام القاسية بحق السيد البيروتي والسيد القمي؟ ولماذا تحاربون غيرهما ولا تعترفون بعلمهم، بل وتكذبون بعض ما ينسبون لأنفسهم؟ 
أطرق الشيخ بدقيقة صمت، وراح يجمع أطراف الجواب بما يناسب المقام. 
كان هنالك شاعر على المنصة يتلو قصيدته، فقال فيها: 
جراح الأرض آيات من دمنا
أحس الشاعر الراضي بخدش موسيقي، وهو منهمك بجلد الشيخ الجالس قربه.. فزَّ قائلًا:
لحظة لحظة شيخنا...
أعد هذا البيت. رفع صوته باتجاه المنصة. 
أعاد الشاعر: 
جراح الأرض آيات من دمنا
بدا الغضب على وجهه، قال مخاطبًا الشيخ: 
هذا البيت مكسور الوزن، كيف يسمحون لشاعر يكسر الوزن بالقراءة في هكذا حفل؟ ماهذا التسيب؟ ألا توجد لجنة لتدقيق القصائد؟
- لماذا أنت غاضب هكذا؟
- كيف لا أغضب؟ أنا شاعر تشهد لي المحافل، والحفاظ على الشعر من مهمتي ومهمة أمثالي، إذا سمحنا بهكذا مخالفات لعمود الشعر ستضيع القصيدة العربية ويخبو وهجها. 

- ولماذا لا تتقبلون هذا البيت من الشاعر، فهو بيت جميل يحمل صورة معبرة؟ 

- يا أخي مع احترامي لك، هذه ليست وظيفتك، أنت تجهل الوزن العروضي، ومادمت تجهل ذلك فلن تدرك المخالفة في البيت، هذا ليس شأنك، فأرجوك لا تتدخل. 

- حسنا، لن أتدخل ولك الحق، لكن اسمح لي أن أجيبك على ما أشكلت به على منهجنا. 
الدين يا أخي منظومة فكرية فيها ثوابت مهمة، تكشف عنها علوم وقواعد، ولتلك العلوم متخصصون من وظيفتهم الحفاظ على ثوابت المنظومة، والدفاع عنها، وهنالك من يخالف ثوابت المنظومة، ويخرج عن أصول العلم فلابدَّ من ردِّه، فكما أنه لك الحق أن تطالب هذا الشاعر بالالتزام بتفعيلة الوافر الأخيرة (فعولن)، نحن أيضا لا نقبل أن تضرب أصول الدين وقواعد العلم فتشيع الفوضى والمزاجات. 
أنت يا أخي الكريم لست متخصصًا في الفقه وغيره من علوم الدين ولا تعرف قواعدها، فكيف تحكم وتتدخل، ألا يحق لي أن أقول لك ليس من شأنك، كما قلت لي. 
- بات الشاعر مبهوتا، فقال:  كيف عرفت موضع كسر الوزن. 

- لأنني لست متخلفا كما ترى في ميزانك.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=203357
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 05 / 23
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 06 / 7