كتابات في الميزان / تسبب سقوط النظام السوري بفراغ أمني كبير في سوريا فسح المجال واسعاً أمام تنظيم داعش الإرهابي لالتقاط أنفاسه والتحرك من جديد مع ضعف الإدارة الجديدة وتلاقي بعض الفصائل هناك مع الفكر الداعشي.
ففي الميادين شرق سورية قتل وأصيب عدد من رجال الأمن في انفجار سيارة مفخخة.
وذكرت شبكات إخبارية محلية أن ثلاثة من رجال الأمن والشرطة قتلوا وأصيب آخرون مساء أول من أمس الأحد في انفجار استهدف مركز شرطة مدينة الميادين جنوب شرقي دير الزور في أقصى الشرق السوري.
ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن مصدر أمني قوله إنه يعتقد أن سيارة مفخخة وراء هذا الانفجار.مشيرة إلى أنه خلّف دماراً واسعاً وأضراراً مادية كبيرة.
وجاء الانفجار بعد أيام قليلة من حملة قام بها جهاز الأمن العام في وزارة الداخلية السورية على خلايا تابعة إلى تنظيم داعش على أطراف مدينة حلب الشرقية، حيث قام أحد أعضاء هذه الخلايا بتفجير نفسه، ما أدى إلى مقتل وإصابة عدد من عناصر الجهاز.
وذكرت مصادر محلية أن الأمن العام قام بحملة اعتقالات عقب التفجير طاولت العديد من العناصر الذين كانوا ضمن المليشيات التي كانت تسيطر على مجمل ريف دير الزور بين عامي 2017 و2024.
ولم تعلن أي جهة حتى ظهر أمس الاثنين مسؤوليتها عن التفجير الذي ضرب مدينة الميادين، إلا أن الوقائع الميدانية تشير إلى أن خلايا تابعة إلى تنظيم داعش ربما من نقف وراء العملية.
وفي هذا الصدد، رجح الناشط الإعلامي إبراهيم الصالح، أن يكون تنظيم داعش وراء عملية التفجير، مؤكداً أنه لا يزال يمتلك القدرة على شن هجمات محدودة التأثير في ريف دير الزور الشرقي.
تراجع منسوب هجمات خلايا تنظيم داعش
وكان تنظيم داعش سيطر على أغلب مساحة محافظة دير الزور مترامية الأطراف لعدة سنوات، سواء جنوب نهر الفرات أو شماله.
وقد انتهى وجوده جنوب النهر أواخر العام 2017، وفي شمال النهر مطلع 2019، إلا أنه احتفظ بخلايا له في الجانبين شنت عشرات الهجمات، بعضها كان واسع النطاق على القوات السورية و قوات سوريا الديمقراطية (قسد).
ويعتقد أن للتنظيم وجوداً في البادية السورية، ولكن نشاطه تلاشى بشكل شبه كامل بعد سقوط نظام بشار الأسد، حيث لم يشن هجمات على الجيش السوري .
وكانت الإدارة السورية المؤقتة أعلنت مطلع العام الحالي إحباط محاولة تفجير من قبل تنظيم داعش داخل مقام السيدة زينب جنوب دمشق.
ويبدو أن التنظيم أراد إشعال فتنة طائفية لخلط الأوراق في سورية بعد أقل من شهر على سقوط نظام الأسد.
هجوم إعلامي لتنظيم داعش
وفي مقابل خفوت نشاطه العسكري، صعّد تنظيم داعش أخيراً من هجومه الإعلامي على الإدارة السورية، والذي وصل في نيسان الماضي إلى حد تهديد الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع في حال انضمام سورية إلى التحالف الدولي ضد الإرهاب الذي تقوده الولايات المتحدة، وكان وراء القضاء على التنظيم في شمال شرقي سورية.
وأشار الخبير الأمني والعسكري ضياء قدور، إلى أن “عودة نشاط تنظيم داعش في الساحة السورية كانت منتظرة من مراقبي المشهد السوري، وخاصة أنه بعث بعدة رسائل سلبية باتجاه الحكومة السورية الجديدة في دمشق”.
وأعرب عن اعتقاده أن التنظيم “يعتمد أسلوب التوقف التكتيكي في نشاطه في سورية بانتظار ما تؤول إليه الأوضاع في البلاد، وخاصة مع قرب انتهاء عمليات انسحاب القوات الأميركية من شمال شرقي سورية”.
وتابع: ربما يشعر تنظيم داعش أن الانسحاب الأميركي من سورية يساعده على استعادة نشاطه الميداني والعسكري في شمال شرقي سورية.
ولم يستبعد قدور قيام التنظيم في المرحلة المقبلة بعدة عمليات شبيهة بالتفجير الذي حدث في مدينة الميادين بريف دير الزور الشرقي لـ”جس نبض” الإدارة السورية.
فراغ أمني
كما أعرب عن اعتقاده أن “داعش” يرى أن هناك فراغاً أمنياً تشكل في سورية بعد إسقاط نظام الأسد، ما يسهّل عليه القيام بعمليات واسعة النطاق وفرض نفسه لاعباً في الساحة السورية مرة أخرى. وأن التنظيم ينتظر حسم ملف السجون التي يحتجز فيها آلاف القادة والعناصر المنتمين إليه والتي هي في عهدة “قسد” حالياً في شمال شرقي سورية.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب طلب من الشرع أثناء لقائهما منذ أيام في الرياض، استلام السجون التي تضم مقاتلي تنظيم داعش، ما يعني أن واشنطن تريد من دمشق تولي هذا الملف الأمني الحسّاس والذي يثير مخاوف الدول المجاورة لسورية.
وكان الشرع وقد وقع في آذار الماضي اتفاقاً مع قائد “قسد” مظلوم عبدي نص على “دمج كل المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سورية ضمن إدارة الدولة، بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز”.
ولطالما استخدمت هذه القوات ورقة التنظيم والسجون التي تضم قادته وعناصره ومخيم الهول الذي يضم عائلاتهم، ورقة للاستثمار السياسي للحصول على مكاسب، ولا سيما أن كل الدول التي ينتمي إليها هؤلاء ترفض استلامهم لأسباب أمنية.

|