• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : عندما تتحول الورقة الى قلب .
                          • الكاتب : سوسن عبدالله .

عندما تتحول الورقة الى قلب

 أكتب عن أحدى ليالي جريش  من حاوي الحجاج مقابل ناحية  العلم  ، تستيقظ الورقة على صراخ جريح  ، مجرد فكرة  طرأت على بالي  أن أمسح ما كتبت ، تمرد حينها الجريح  ، وهو يعترض علي :ـ ليس كل ما يكتب  يمسح  ، ويبدو إنكِ لا تفهمين  معنى الجراح  التي  تغوص في أعماق  الإنسان  لتصير ضميراً ، كل شيء يمكن أن تمحيه من وجه الورقة  إلا الضمائر ؛ لهذا قررت  أن أغادر الورقة  محاولة  مني لتأجيل  الوجع ، اكتشفت حينها إن الأمر  ليس مزاجياً  ولا يتبع  رغبة فاتنة ،  والكتابة حنين  يشدنا إلى الجراح ، والاحساس بوجع المكابدة . الأحداث التي جرت  في حاوي الحجاج  كأنها جرت  في بيتي ، أحداثها الدامية  تنزف في غرفتي  ، هذا  ما دونته  أم سعد على جبين الورقة ، تتسارع نبضات  القلب  الى الفكرة  . القصة من مذكرات جرح من جراح  العراقيات  ، ربما  رحلة  من رحلات  الألم  التي تسامت  على زمن  المزايدات ،  أخذت شكل شاعر يمجد  قبيلته ، وأنا ؟ :ـ لك الله يا أم سعد ، ولك العراق والناس ، توجهت الى منزلها في اعلى الورقة ، سلمت ، عانقتها  بحرارة ، يبدو أنها  كانت  في قيلولة  ما قبل الغداء ، أستيقظت مبتسمة  ، وهي تقول :ـ نسيت القدر على الطباخ  ونمت ، لولاك لأحترق الأكل  ولبقينا  بلا غداء ، عاملتني المرأة كواحدة من أهل البيت ، لم تسألني من أين أنت ؟ وماذا تريدين ؟ ذكرتني بأمي حين تستقبل ضيوفها لا تسألهم   اطلاقا  حتى لو انقضت فترة الضيافة ، الى أن تتكلم الضيفة بحاجتها ، أسترخى القلم في يدي ، وبدأت الحروف  تتحدث مع نفسها ، وأنا لا أعرف ماذا أقول ، قلت كنت أظن أني سأزور  بيتا غادرته الحياة  ، وتلاشت عنه الإبتسامة ، أجابتني  هل قرأت  شيئا عن الخضر عليه السلام ؟ قلت نعم ، قالت  خرق السفينة كي تنجو من جرم طاغية  ، أبصرت  السطور  تزدحم بالكلمات ، ماذا لو عدنا الى ما قبل السطر الأول عند منطقة جريش  من حاوي الحجاج ، قالت أم سعد منبت الجرح  وصوت الصرخة  أذا أنتخى الضمير  ، يروي لنا أبو سعد  أننا أدركنا في منطقة جريش ما لم ندركه في كل المناطق التي حاربنا فيها  ، كوننا أدركنا فيها واقعة الطف الحسيني ، رأينا كيف  تلتحم الأزمنة  ، وهناك  في طف الجريش  تصوب أبو سعد في جراح بليغة أقعدته عن الحركة ، صرت أبصر به جراح أصحاب الحسين عليه السلام ، أذا أردتِ ان تعرفي حقيقة الحشد ،عليك أن تعرفي حقيقة نساء الحشد وذوي الشهداء والقتلى والجرحى ، جبين  الحشد المرفوع  ، بنا يستمر التحدي و تعمر المقاومة ، كلما أرفع زوجي  الجريح على كتفي  أشعر باني  دخلت الطف ناصرة الحسين عليه السلام  ، إذ اخذت مني الجريش قدميه حملته كربلاء على أكتاف الدعاء ، جعلت كتفي له قدمين ينهض عليهما  ، يمشي إلى أي مكان يريد  أنا وابنه سعد وابنته يقين  ، نقبل الجرح كل صباح نتبرك به  وكل مساء  ، صار عليّ ان أكف عن الكتابة فقد امتلأ وجه الورقة بالدمع  فما عادت الكلمات  تبصر أين  تضع الحرف  وهي تكتب لبيك يا حسين.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=203113
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 05 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 05 / 19