
المناقشات والمحاورات ووهج الأسئلة، عين العقل التي يمكن بها رؤية الورشة بما تمتلك من مقاربات فكرية، كان الطابع الشفهي مسعىً من مساعي التأمل.
المقالة فن نثري قصير ينتمي إلى الفنون السردية على مستوى البناء والشكل، لون جديد من النثر ظهر في عصر النهضة الأوروبية على يد الفرنسي (ميشيل دي مونتين) وارتبط تطوره مع ظهور الصحافة وتطورها.
نبحث عن الإبداع الفكري، اختزالات تنقلنا إلى المسمع المدرك، تعرفنا الورشة أن الثقلَ الحقيقي للإبداع هو فن الإقناع، عبر بذر فكرة ثم السعي لتناميها لتصبح جزءًا من الهوية، بها أقنع هتلر الألمان أنهم أهل لحكم العالم، بذر الأفكار النازية وأغواهم بها لحد الامتثال الكلي بالإطاعة العمياء، حتى أنه فاخر بانقيادهم (بهؤلاء أقود العالم) ليضعنا أمام مسائل معنوية، عبر سلسلة من الأسئلة تكسر النمطية والرتابة.
- كيف يُغيّر مثل هؤلاء الناس قناعاتهم؟
الخطاب السياسي يحتاج إلى الأفكار، عملية خلق التأثير بالمفاهيم والآراء والأفكار والأذواق،
سؤال الورشة: ـ كيف نكون كُتَّاب مقالات محترفين؟
مفهوم الاحتراف يعني التطور الذي طرأ على مجال الإعلام
الاحتراف: ـ مراعاة الضوابط المهنية في صناعة الرأي، وفي البرامج الحوارية والرأي هوية، والإعلام المحترف يمتلك القدرة على تشكيل وعي الناس وترسيخ القيم والثوابت.
الاحترافية في حقل الإعلام مرتبطة بمستويات التحكم في اللغة والأسلوب والتقنيات المختلفة، والقدرة على الالتزام بالمبادئ والانتصار للحقيقة.
والاحتراف عند د. إحسان التميمي عفوية كتابة المقالة وخلوها من التكلف، وأن تكون تعبيرا صادقا عن شخصية الكاتب، التعبير عن إحساس شخصي أو أثر يعالج بعض القضايا الخاصة والعامة، ركز الإنجليزي فرنسيس باكون على التوجه إلى الموضوعية... الأخلاقية والاجتماعية وأن تكون المقالة مؤثرة في المتلقي تمنحه هويته ومعناه، تشكل وجوده وأن تعبر عن مكنون الناس، وتذهب الورشة إلى اختزال منابع الأفكار وتضفي روح التهكم الأسلوبي المرن، لأن الجاد الجامد يفقد عملية الجذب، ومواصفات كاتب المقالة، شخص يعبر عن الحياة بأسلوبه الخاص، ولا ينظر إلى الحياة نظرة المؤرخ والشاعر أو الفيلسوف أو القاص، بل يتوفر في مقالته شيء من كل ذلك، يعتمد الأسلوب التحليلي، يراقب، يسجل، يعبر عن الأشياء كما تبدو له، ثم يدع خياله يمرح في مغزاها، والكتابة هي فن الإقناع، كانت الرغبة في الإصلاح الغاية الأساسية لفن المقالة، واتسع في القرن التاسع عشر نطاق المقالة لتشمل نواحي الحياه كلها.
سؤال... نقرأ دائما بأن المقالة فن غربي، بينما نقرأ الكثير من المقالات في التراث القديم؟
ـ في الأدب العربي القديم هناك شكل الرسائل التي تتناول موضوعا في إيجاز، مثل رسائل عبد الحميد الكاتب، وابن المقفع في كتابه الأدب الصغير والأدب الكبير الجاحظ، انحدرت هذه الأنماط شكلا ومضمونا، حفلت بالزخارف اللفظية والأساليب المتحجرة.
مرت المقالة العربية بعدة مراحل
المرحلة الأولى... المقالة السياسية رفاعة الطهطاوي.
والمرحلة الثانية... ظهرت الصحافة في الوطن العربي، تخففوا من قيود الصنعة اللفظية، وقدموا الفكرة الواضحة في أسلوب خالٍ من التكلف والتعقيد بتأثير دعوة جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده، ومن رواد هذه المرحلة عبد الرحمن الكواكبي / مصطفى صادق الرافعي/ طه حسين / محمد حسنين هيكل / عباس محمود العقاد.
المرحلة الثالثة... طلائع المدرسة الصحفية الحديثة في ظل الاحتلال الأوروبي، تأثرت بالنزعات الحزبية مثل الرافعي، طه حسين، عباس العقاد.
المرحلة الرابعة... ظهرت على يد الأدباء الذين تأثروا بالثقافة الغربية مثل جبران / ميخائيل نعيمة / الزيات / مي زيادة.
ربما يرى البعض ارتباك المقالة مع ظهور الصورة وقلة التفاعل مع الكتابة، لكن ذلك لن يستمر.
تقديم الورشة لأهل الاختصاص المعرفي ملاكات مجلة صدى الروضتين أي الفئة المستهدفة شديدة الاتصال بهذا العنوان.
بعض الكتّاب يجمعون في مقالاتهم بين الذات والموضوع، يضعون على مقالاتهم الموضوعية مسحة ذاتية أو العكس، فهناك مقالة تقليدية أو الرسمية / والمقالة غير التقليدية / المقالة التأملية / والشخصية والاجتماعية والمقالة الخلقية والمقالة الوصفية، كلها ترتبط بالتوجه أو الهدف أو المعالجة ذات طبيعة مهنية، تقسم المقالة إلى قسمين، مقالة ذاتية ومقالة موضوعية، فالمقالة الذاتية تقوم على انطباع عفوي دون فلسفه وتعميق
وجود قوانين ثابتة وضوابط أكاديمية وشروط وحدود، ألا يؤدي هذا إلى التنميط وتشابه المنجز العام عند الصحفيين؟
- الأسلوب هو الرجل للدخول إلى أحاسيس هذا الشعار أو المصطلح والجملة، نجد هناك مستوى توزيعي ومستوى اختياري.
التوزيعي لكل كاتب له أسلوبه ويذهب إلى الاستشهاد القرآني ﴿لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ﴾ حوار بين هابيل وقابيل توضيح أن أغلب الآفات من الحسد فاستخدم (بسطت... فعل، باسط... أسم فاعل)
الفعل حدث زائل، زمن ويختفي، أما الاسم له قرار الثبوت، وإذا القول المشهور الأسلوب هو الرجل، فالدكتور إحسان التميمي يؤكد أن الأسلوب هو الرجلان، هناك قانون تناص، عملية أخذ وتداخل، والقوانين إذا اتفقت تختلف في الأسلوب من يمتلك أدوات اللغة يبدع، ومن يقرا أكثر يتأثر بالأساليب، وخاصة قراءة القران والتبحر فيه، والتناص عبارة عن هدم وبناء، وغاية كل كاتب هو البحث عن الذات والطريقة التي تميز أعماله وأسلوبه عن غيره، مثلا تنوع الكتابات في مقالات عاشوراء، كل يبحث عن فكرة وموضوع وأسلوب يميزه، يقول الأمام الحسين "عليه السلام"
(بنا فتح الله وبنا يختم)
أسلوب مبدع انفتح على فعل ماضٍ (فتح) ليختم بفعل مضارع مستقبل دلالة على الرمز المهدوي المبارك، فجمعت الجملة بين رمزين رمز الحسين "عليه السلام" وأهل البيت والمهدي المنتظر الحجة "عجل الله تعالى فرجه"
ارتكزت الورشة على تنوع الأساليب والمحاور وتميزت بالفكر والجمال.
|