• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : لنعرف الحسين أولا .
                          • الكاتب : علي حسين الخباز .

لنعرف الحسين أولا

  هل تعرف الحسين عليه السلام؟ 
نعم أعرفه، ومن منا لا يعرف مولاي الحسين عليه السلام؟ 
أعرفه تمام المعرفة هكذا كنت أسأل نفسي كلما أمر على سيرة مولاي الإمام الحسين عليه السلام، يتراءى لي التأريخ جزيرة بعيدة المدى واسعة الأطراف، لا يعرف حدودها إلا من تفرس معانيها. 
حتى لو، على الحرف أن يصرخ فيك حد الوجع 
ـ ماذا تقرأ؟ 
ـ سيرة الأئمة عليهم السلام  
ـ هل أصخت السمع لأنين الحرف؟ دعني اسألك   
 الجميع يعرف كيف اضطهد معاوية الشيعة وأساء معاملتهم في جميع البلاد الإسلامية، وقتل أعلام الصحابة والتابعين ممن كانوا يوالون عليا عليه السلام، كحجر بن عدي ورشيد الهجري وعمرو بن الحمق الخزاعي، وعبد الله بن الحضرمي وغيرهم الكثير. 
ـ وكأنك تقرأ لي جراح الحسين جرحا جرحا، تمر على النزف المبارك وجعا وجعا. 
ـ هل تعرف أنه هدم دور الشيعة دارا دارا، وحرمهم من العطاء، وأصدر أمرا بعدم قبول شهادتهم، وأبعاد بعضهم إلى خراسان، وأصدر أمرا أقسى وأمر من جميع الأوامر السابقة حيث أمر بسب أمير المؤمنين من فوق المنابر، قلت وأنا أصرخ بالدمع، كأني عرفت السؤال. 
ـ لماذا لم تندلع الثورة الحسينية في عهد معاوية؟ 
 بقوة هدير البحر ويقين المؤمن كان الجواب، احترام الإمام الحسين عليه السلام لمعاهدة الصلح مع معاوية التي وقعها الحسن عليه السلام، بالرغم من عدم التزام معاوية ببنود الصلح، إلا أن الإمام الحسين عليه السلام كان مصرا على الوفاء بالمعاهدة والميثاق، وإلا لكانت فرصة لمعاوية تمكنه من تشويه صورة الإمام الحسين عليه السلام، وإظهاره أمام الرأي العام على أنه متمرد وضد الحكم والنظام، وأنه نقض العهد والميثاق   
ـ هل مم المكن أن تقول أن سبب مأساة الحسين عليه السلام معاوية لعنه الله؟ 
 ـ بل هو سبب مأساة الدين والإنسانية، عطل مدرسة الرسالة المحمدية وحارب الجهد المعصوم في الأمة، كان أحد أهم بنود معاهدة الصلح ولاية العهد للإمام الحسن عليه السلام فهو ولي العهد حسب الاتفاق حسب الوثيقة بإمضاء معاوية بنفسه  
ـ هذا يعني أنه ليس من حق معاوية أن ينصب ولي العهد كما يشاء،  
ـ معاوية لم يلتزم بهذا الشرط ولا ببقية الشروط، أقال الإمام الحسين عليه السلام عن ولاية العهد وعين يزيد بن معاوية وليا للعهد من بعده، ومن أبى فأن السيف بانتظاره. 
وكانت هناك العديد من الدعوات للثورة على معاوية، ونقض الصلح، جاء عدي بن حاتم ومعه عبيدة  بن غمر  فدعا الإمام عليه السلام، للثورة وإعلان الحرب على معاوية،(يا أبا عبد الله، ولني وصاحبي مقدمة الشيعة  للثورة فلا يشعر ابن هند إلا ونحن نقارعه السيوف)، أجابهم الحسين عليه السلام (أنا قد بايعنا وعاهدنا ولا سبيل إلى نقض بيعتنا)، وكذلك قال الحسين عليه السلام لسليمان بن صرد الخزاعي (ليكن كل رجل منكم حلسا من أحلاس بيته ما دام معاوية حيا، فأنها بيعة كنت والله لها كارها، فأن هلك معاوية نظرنا ونظرتم ورأينا ورأيتم)، حديث إمام معصوم قائد يهتم بإنسانية أنصاره وإلا يكفي أن يقول نظرنا ورأينا كونه إمام  قائد صاحب عصمة، لكن هم من أسسوا الديمقراطية في الكون، في جميع اللغات وفي كل مصادر الكون اقرأ وتأمل علامات الاستفهام ليلد السؤال مثمرا. 
ـ أين كان العالم عن الحسين عليه السلام؟ كيف اقتنع الناس بمعاوية خليفة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، هل كان في الكون أشياء غير صحيحة؟ 
 تسري الرعشات إلى جسدي وأنا أسأل مثل هذا السؤال، أحمل الحنق على التأريخ وأقرأ: 
 ـ تظاهر معاوية بالتمسك بشعائر الدين وكأنه الحريص على نشره، كان يظهر أمام الناس بمظهر المدافع عن الإسلام، المقاتل من أجل فتح البلدان، بمعنى أن معاوية تميز بالمكر والدهاء، وعمل مع حزبه على ممارسة التضليل الإعلامي، وخلق الشائعات، وتشويه الحقائق وشراء الذمم، وإغداق الوجهاء والأعيان بالأموال الطائلة مما جعل الكثير من محبي الدنيا يلتفون حوله. 
ـ هل تنكر المجتمع الإسلامي لدينه؟ أم تغير مفهوم الدين ليتبع مقومات القبلية وتجارها؟ 
 فلو ثار الإمام الحسين عليه السلام على معاوية فإن ثورته محكومة بالفشل، ولن يكون لها هذا التأثير، ولا الخلود الذي صار من نصيب النهضة الحسينية، يزيد لم يكترث حتى بالتظاهر بالدين الذي كان يتظاهر به معاوية، كان يسعى بشكل علني إلى المجون والانحراف والفساد والظلم ويبين عدم أهلية الخلافة. 
يريدوني أن أرمي التاريخ خلف ظهري، ومنهم من يرى ليس هناك أهمية تذكر للتاريخ وتذكر الأحداث التي لها فعل الماضي دون أن يدركوا أن الماضي جذر المستقبل ولا بد من رصانة الأساس، والبعض الآخر يريدني أن أبكي الحسين لأنه قتل مظلوما، وكأن الحسين قتل منكسرا، أشياء تحتاج إلى عمق فكري لنفهم معنى الحسين لنعرف الحسين أولا.
وهناك من يتحدث عنه ثائرا من الثوار ليحرف لنا قدسية الانتماء، فيصر أن لا فرق بينه وبين أي ثائر، وأن كان لا علاقة له بدين أو منهج رسالي، وثورة الإمام الحسين لو لم تفرق عن الثورات التاريخية التي مرت على مدى التأريخ
وكونت فرادتها لما تخلدت كل هذا الخلود، ثورة الإمام الحسين عليه السلام كانت لها أهداف بعيدة المدى، ولم تكن ثورة لمجرد الثورة، وإنما كانت وسيلة تحقيق أهداف كبرى لولاها ما كان الدين. 
صرت أؤمن  بأن الدخول إلى ثورة الحسين عليه السلام، لا بد أن يمر من معرفة هذه الحيثيات، التأريخ  ليس تابوتا تغفو فيه الذاكرة، ذاكرة التأريخ يقظة تدرك تماما أن المجتمع المسلم أصابه ملل من الحروب والصراعات والرغبة في السكون والدعة، الحسين عليه السلام يعرف تماما أن الجراح لا بد أن تتحمل النزف إلى حين، الأمور غير مهيئة لأي ثورة، لو نتابع الحروب التي مرت على الامة، (الجمل، صفين، النهروان) والحروب الخاطفة التي نشبت بين قوات معاوية ومراكز الحدود في العراق وفي الحجاز واليمن، بعد التحكيم مالت الناس إلى الدعة وإلى السلم، تثاقلوا بالاستجابة للإمام علي عليه السلام للخروج  ثانية بصفين، وبرزت ظاهرة التثاقل حين دعاهم الإمام الحسن عليه السلام، كانت الاستجابة بطيئة، كان الإمام الحسين عليه السلام يمتلك الرؤية الواضحة لا ثورة في عهد معاوية لأن المجتمع الإسلامي غير مهيئا للثورة، ويحتاج إلى تربية جيل جديد من الكوادر الرسالية الموالية بصدق بمدرسة أهل البيت عليهم السلام، رفض أن ينقض المعاهدة، وأن الثورة لها ظروفها وشروطها ووقتها ومعانيها في كربلاء والطف المبارك.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=202631
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 05 / 04
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 05 / 4