كتابات في الميزان / رغم أن التلوث البيئي يخنق محافظة واسط، خصوصًا جراء حرق الوقود في محطة الزبيدية الحرارية، تتحرك المحافظة بخطى جديدة لاستعادة أنفاسها عبر احتضان أول مؤتمر للاستثمار في الطاقة النظيفة.
تستعد محافظة واسط لإقامة أول مؤتمر يعنى بالطاقة النظيفة في الثلاثين من الشهر الحالي وذلك في إطار دعم استراتيجية التحول نحو الطاقة النظيفة وتعزيز فرص الاستثمار في المحافظة، ومن المؤمل أن يتم عرض أكثر من 20 فرصة استثمارية في مجال الطاقة النظيفة أهمها استخدام طاقة الرياح والطاقة الشمسية في انتاج الكهرباء.
يأتي ذلك بالتزامن مع نقص كبير تشهده المحافظة في ساعات التجهيز والتحضير لتظاهرات جماهيرية تطالب وزارة الكهرباء بانصاف محافظة واسط بحصتها من الطاقة الكهربائية وهي المحافظة التي تحتوي على أكبر محطات توليد الكهرباء على مستوى البلاد بواقع 2500 ميغا واط تنتج من محطة الزبيدية الحرارية.
ويرى مواطنون أن مشاريع انتاج الطاقة الشمسية المزمع تنفيذها في محافظة واسط عن طريق الاستثمار لا بد أن تأخذ بنظر الاعتبار تأمين احتياج المحافظة من الكهرباء وأن تكون تحت إشراف الحكومة المحلية، مؤكدين أن إحالتها من قبل وزارة الكهرباء سيجعلها مشاريع اتحادية لا فرق بينها وبين محطة الزبيدية التي لم تستفد منها المحافظة بقدر الضرر البيئي الكبير الذي أصاب المناطق القريبة منها.
تعزيز فرص الاستثمار
يقول مستشار محافظ واسط لشؤون الطاقة عمار الطباطبائي: “في إطار دعم استراتيجية التحول نحو الطاقة النظيفة وتعزيز فرص الاستثمار في محافظة واسط، ستشهد محافظتنا أول مؤتمر لعرض فرص الاستثمار في الطاقة النظيفة يعقد في الثلاثين من نيسان الحالي ويشهد عرض أكثر من 20 فرصة استثمارية في مجالي الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ويتضمن عرضاً متكاملاً يشمل الجوانب الفنية والتجارية لكل فرصة استثمارية، إلى جانب استعراض تفصيلي للمواقع الاستثمارية الموزعة على مختلف الأقضية والنواحي في المحافظة”.
وأضاف أن “محافظة واسط وبعد معاناة الأهالي فيها من جرّاءِ شح الكهرباء وازدياد ساعات القطع أخذت تتجه نحو تنمية مواردها والذهاب الى مشاريع انتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وتأتي تلك الخطوة انسجاماً مع قرار مجلس الوزراء الذي تبنى إطلاق سلسلة من مشاريع الطاقة النظيفة في جميع محافظات العراق، سعياً لتعزيز المنظومة الوطنية للطاقة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة”.
مشيراً الى أن “الحكومة المحلية وجهت الدعوة للشركات والمستثمرين الراغبين في الاستثمار في هذا القطاع الحيوي ولاطلاع على الفرص المتاحة والمساهمة في دعم جهود التحول نحو مصادر الطاقة المتجددة”.
وذكر أن “وفدًا يمثل مجموعة شركات كيلن وMSK الصينية، زار المحافظة الاسبوع الحالي وأبدى الرغبة الجادة في الاستثمار بقطاع الطاقة النظيفة وإنشاء محطات عملاقة لتوليد الكهرباء باستخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، في منطقة الشهابي جنوب المحافظة”.
نصب محطات لتوليد الطاقة النظيفة
مؤكداً أن “الشركات الصينية وبعد الاطلاع بعض الجوانب الفنية والتقنية المتعلقة بالمشروع وحاجة المحافظة للكهرباء مع وجود عوامل داعمة أهمها، الموقع أبدت قدرتها على نصب محطات لتوليد الطاقة النظيفة بسعة تتجاوز 2500 ميغاواط، وربطها بالشبكة الوطنية للكهرباء”.
لافتاً الى أن “الحكومة المحلية في واسط خصصت مساحة أكثر من 11 ألف دونم في منطقة الشهابي بناحية شيخ سعد لإنشاء مشروع انتاج الطاقة الكهربائية ونصب محركات تعمل على تحويل طاقة الرياح والطاقة الشمسية الى طاقة كهربائية”.
وكانت هيئة استثمار واسط قد كشفت عن إنجاز الاجراءات الادارية في موقع الشهابي لتنفيذ مشروع استثماري لإنتاج الطاقة الكهربائية من الرياح كون المنطقة تتوافر فيها الجوانب الفنية المطلوبة لتنفيذ مثل تلك المشاريع إضافة الى خلوها من العوائق والعوارض التي تعيق المشروع.
وكانت وزارة الكهرباء العراقية أعلنت مؤخرا اقترابها من توقيع عقد استثماري لإنشاء مشروع محطة كهرباء تعمل بطاقة الرياح والطاقة الشمسية ضمن الحدود الإدارية لمحافظة واسط وأن الشركة المرشحة لإنجاز هذا المشروع هي شركة “إيميا باور” الإماراتية، وتبلغ طاقة المشروع 1000 ميغاواط بواقع 500 ميغاواط من طاقة الرياح، و500 ميغاواط من الطاقة الشمسية.
الطاقة الشمسية
ويرى الناشط، نشوان الناهي وهو من أهالي ناحية شيخ سعد، أن “مشروع انتاج الطاقة الكهربائية عن طريق الرياح أو الطاقة الشمسية بات ضرورة قصوى في ظل تراجع ساعات التجهيز على مستوى جميع المحافظات ومنها واسط التي تعاني نقصًا حادًا في إمدادات التيار الكهربائي ووصول ساعات القطع الى أكثر من 18 ساعة يوميا”.
وقال “نطالب الحكومة المحلية أن تكون حاضرة عند توقيع العقد من قبل وزارة الكهرباء ولابد من تضمينه فقرة تلزم الوزارة بتأمين حصة محافظة واسط من الطاقة الكهربائي قبل أن يتم ربط المشروع بالشبكة الوطنية”.
مؤكداً أن “أبناء المحافظة يتهيئون للتظاهر سلمياً تطالب وزارة الكهرباء بانصاف محافظة واسط بموضوع التجهيز ومنحها حقها الطبيعي الذي يغطي الحاجة الفعلية سيما وأنها تتعرض لتلوث بيئي كبير من جرّاءِ حرق الغاز في محطة الزبيدية التي لم نستفد منها سوى الأذى”.
وتتعرض محافظة واسط الى مظلومية في التجهيز وتدفع ثمناً باهظاً على المستوى الاقتصادي والبيئي من جرّاءِ تأثير المخلفات البيئية الناتجة عن حرق الوقود في محطة الزبيدية الحرارية التي تمتد على مساحات واسعة من المناطق المحيطة بها مقابل قلة تجهيز المحافظة بالتيار الكهربائي.
عدم وجود عدالة في التوزيع
وكان محافظ واسط محمد جميل المياحي، قد تحدث في مرات سابقة عن وجود تمايز واستثناءات في حصص المحافظات وعدم وجود عدالة في التوزيع، داعياً رئيس الوزراء للأشراف شخصيا على غرفة عمليات إدارة أزمة الكهرباء لتلافي المشاكل المتكررة في كل صيف والتي تقود الى عدم استقرار المحافظات.
يذكر أن العراق يعاني نقصاً في الطاقة الكهربائية منذ بداية سنة 1990، وازدادت ساعات تقنين التيار الكهربائي بعد العام 2003، في بغداد والمحافظات، بسبب قدم الكثير من المحطات بالإضافة إلى عمليات التخريب التي تعرضت لها المنشآت خلال السنوات الماضية، حيث ازدادت ساعات انقطاع الكهرباء عن المواطنين إلى نحو عشرين ساعة في اليوم الواحد، لكنه في الأول من تموز 2024 شهد العراق خطوة تاريخية بوصول حجم إنتاج الكهرباء إلى 27 ألف ميغاواط للمرة الأولى، بعد نجاح وزارة الكهرباء في ربط عدد من المشروعات الجديدة بالشبكة الوطنية، لمحاولة تقليل الفجوة بين حجم الطلب والإنتاج.

|