• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : لا بد من تسطيح ظاهرة الإلحاد .
                          • الكاتب : صالح حميد الحسناوي .

لا بد من تسطيح ظاهرة الإلحاد

 حين يغالط الاستقراء معناه، يبحث في الإثارة، ويبالغ في عرض الفكرة،  يكبر شأن الشبهات والإشكالات والأسئلة التي يثيرها الملاحدة الجدد، لننتبه إلى هذا المصطلح (الجدد) فبركة إعلامية تمنح المتلقي تصورا بأن الحراك الثقافي عند الملاحدة متفاعل جدا، فهم عبارة عن أجيال تتجدد و بحث مستمر، وهذه الأفكار يعتبرها بغاة الإعلام أنها جديدة متطورة نابعة من أثر الثقافة ومستجداتها العلمية، ويلجأ كتاب الإعلانات إلى تقليل شأن ما كتب من نتاج فكري ضد الإلحاد ومن ثم يقلل من شؤون المعالجة، وكأن صوت المؤمن تلاشى أمام قوة الإلحاد، وهذه هي من الأخطاء القصدية الواضحة، ومن التمويه الذي يستخدمه معظم الكتاب، يرى أن الملاحدة يشتغلون على معطيات العلوم الطبيعية في تبرير الإلحاد، وتضخيم دور نظرية داروين التي تبرا منها مفكرها أولا، ثم أشبعت درسا وتمحيصا، وفي الحقيقة هم ما زالوا يبحثون في فكرة إن العالم ممكن أن يستغني عن الخالق سبحانه تعالى، ومحاولة البرهنة على ذلك بعلوم الفيزياء، هذه فكرة عادية وهي قديمة ولا تملك سوى بهرجة المحاججة والمجادلة، ولا تستطيع أن تؤثر على اليقين العام المؤمن ولا على إقناع الشباب بهذا التضخيم. 
 كان الملحدون سابقا وخاصه عندنا في كربلاء يستغلون عمليات خنق للفكر الاسلامي سياسيا من قبل ذيول السلطة، فكان الفكر الإسلامي متهما بالعمالة، اليوم اختلف الوضع السياسي، الشباب يستطيعون أن يفرقوا بين قشور الثقافة وجوهرها، والإعلام مفتوح والقراءة مفتوحة والخطباء يشتغلون، والعالم كله قد سلط اهتمامه على الشباب كي لا تخدعهم لباقة متحدث. 
في إحدى المحاضرات التي كنت أواظب على متابعتها، كان المحاور ملحدا ينطلق من فكرة إضعاف الشعائر الحسينية وتحريفها لتكون له فسحة الولوج إلى موضوع الإلحاد، وكان المتابعون له بالعشرات فما أن دخلت محاورا ومعقبا حتى انفض عنه الجميع وأيدوا جوهر الفكرة التي عرضتها، ونبذوا القشور التي يسميها البعض بالحداثة. 
بعض من تلك الاستقراءات تذهب إلى قيم معنوية ساعية ألا يكون الموضوع دينيا، وأن يناقش من قبل رجال العلم والإعلام والمعرفة ويعامل معاملة فكرية ثقافية ويشمل جميع الاختصاصات كما فعلوها في (كتاب الله يتجلى في عصر العلم) 
مواضيع لعلماء الفيزياء وعلماء الكيمياء وعلماء الأحياء والرياضيات، والحقيقة أن هناك جهود جبارة في هذا الشأن من قبل منشورات العتبات المقدسة في العراق والمؤسسات الإسلامية، وهناك مؤسسات مختصة وشخصيات اصحاب اختصاص، وناقشت تلك العقول الكثير من المسائل الجبارة وكتبوا في جميع العلوم في الفيزياء ووجود الله واستدلوا بالأدلة العلمية والعقلية، هناك مقالات وبحوث وبرامج إعلامية وخطب وحوارات، والعلماء المسلمون لهم قدرة في تقديم المفاهيم الفلسفية المعقدة بلغة سهلة،  هناك علماء منذ عقود متخصصين في قضية رد الإلحاد والملحدين ، 
منتديات مختصة في موضوع الإلحاد ونلاحظ أن خطب الجمعة وخاصه من العتبات المقدسة، تتناول هذه الظاهرة بأداء متطور مفاهيمي، الملاحظة المهمة أن أغلب الكتاب الجدد من الملحدين هم لا يمتلكون الصدق ولا الموضوعية، ولا حتى الأخلاق في خطاباتهم بينما الخطاب الديني يرى أن الرد واجب شرعي أخلاقي، والشباب يدركون تماما أن المواضيع التي يحتجون بها على وجود الخالق هي مواضيع مكرورة ومطروقة ولا شيء جديد وأغلب قادة الإلحاد تابوا إلى رشدهم وطلبوا المغفرة وأعلنوا الايمان بالله سبحانه، هذا بمعنى أن القضية علاجها فيها، فلماذا ننظر إلى المرض ولا ننظر إلى العلاج ، بعد هذا نجد أن القضية ما مست العمق الوجداني، رجل الدين يريد أن يكسب بإرشاداته الثواب لهداية الملحد، ماذا يريد الملحد من الإغواء، لرفض وجود الله، هل يريد الثواب من الطبيعة، الأمر يحتاج إلى تحصين الشباب وتسليحهم بالمعرفة ودراسة جميع النظريات الإلحادية. 
علينا قراءة النظريات ومحاورتها وخاصة أن أكفأ النظريات التي عندهم مثل نظرية داروين أبطلها علماء الطبيعة المعاصرون ولفظتها المجتمعات الغربية، فصاروا يصدرونها للشباب العربي وأعلنت جامعات العالم أنها ضد النظرية، وحذفت هذه النظرية من مناهجها ولم يبق أحد يذكرها سوا كبار الملحدين، هذا يعني ينشرون المعلومة وهم يعرفون بطلانها وعدم فاعليتها 
 الدارونية أبطلها العلم الحديث ورفضها المجتمع العلمي هذه النظرية التي كانت معتمدة ومقبولة في جل الدوائر العلمية الأكاديمية الغربية يحاول بعض الكتاب أن يبين لنا أن ظاهرة الإلحاد هي ظاهرة معقدة مركبة، ونحن بالمقابل نرى لا بد من تسطيحها، وجعلها غير مهمة، والقضية ليست قضية محاورة الملحدين أنفسهم بل في دراسة الإلحاد.
المريض يحتاج إلى طبيب ليشخص له الحالة ـ لا يشخصها المريض نفسه، وإنما المريض يذكر الأعراض التي يعاني منها. التجربة العراقية في السبعين كانت مركزة على حب الظهور للناس على أنه يمتلك فكرا متطورا وثقافة خاصة أعلى من القيمة المجتمعية التي يمتلكها الشباب الملتزم والبحث عن التميز وهو مؤثر حقيقي عند الشباب، لا أحد في العراق مارس التقية الاجتماعية إطلاقا، وإنما كانوا هم يحتكون في المجتمع لأثارة الجدل القصدي، كانوا يمارسون التقية السياسية خوفا من مديريات الأمن التي تدافع عن قيم الحزب وليس عن قيم الايمان، فهم يعتبرون كل ملحد معارض سياسي ، وأن تركيز الكتب على التقية الاجتماعية هذا غير صحيح، وفعلا هو من التعبيرات الإعلامية المستحدثة، الأمر لا يحتاج إلى الاهتمام الزائد والاعتناء بهم بل هي فورة  تتبع الموضة، بعد فترة تنتهي لتعود لهم الصحوة، أغلب الملحدين عندنا في كربلاء هم الآن في قمة الالتزام ،ولا يغيب عنهم فرض صلاة.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=202219
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 04 / 24
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 04 / 24