من أخطر الأساليب الإعلامية التي تروج للظاهرة الإلحادية، أسلوب تعميم الظاهرة باعتبارها من الأمور المعقدة، ترى أكاديميات الإلحاد المبطن أسباب الإلحاد المتنوعة.
(أولا) نحن نركز ونؤكد على أنهم يسعون إلى الشهرة من خلال الإلحاد، وإلا من يريد أن يلحد ليلحد، لماذا هذا التهريج والتشهير أن لم يكن الإلحاد التقليد؟
عندما يدعي أكاديميو الإلحاد، بأن هناك إلحاد جديد وهناك ملحقات علمية، وهناك أنشطة كبيرة في الصحافة والإعلام والرواية، هل من يقوم بمثل هذه الأنشطة، يمارس التقية الاجتماعية مثل ما يدعون؟
وأما عدم ظهور الإلحاد بقوة الظهور المتدين فهذا طبيعي، يعني لنا أنهم يشعرون بالتجاوز على المجتمع والناس، ماذا يريد الأكاديمي عندما يكتب في مزايا الإلحاد الجديد، يتلاعب بالعنوان ويجعله مثلا لميليشيا الإلحاد الجديد.
لم ينجح الملحدون في العراق لأسباب معينة وخاصة عندنا في المدن المقدسة لأن المجتمع العراقي مجتمع ديني لا يقبل المساس بعقائده والتشهير بالإلحاد، نحن ضد التشهير والتحرك على إغواء الشباب بمصطلحات مستوردة، بالمقابل لدينا هناك حراك ثقافي فكري يناقش ويحاور ليحصن شبابنا من أي تسرب ثقافي مستورد، اليوم صار معلوما للعالم أن الإلحاد فكر نظري لا يستطيع قيادة المجتمعات أمام تجربة الإيمان مهما كانت براعة الإلحاد، هي لم تكن نابعة من رؤى جادة في الواقع.
ما أريد أن أقوله للملحد ليقتنع أكثر مما قاله كبيرهم (انتوني فلو) في كتابه هناك إله والذي أعلن فيه تراجعه عن فكره الإلحادي، هذا الكتاب هو المفتاح الفكري للدخول إلى عوامل ومعرفة الأسباب الحقيقية، سؤال عن الخير والشر كان الباعث للإلحاد في طفولتي، وكتاب (برتراند رسل) شرح فيه أسباب الإلحاد والسؤال الشهير(من خلق الله) التأثر بكتب أخرى مثل (50 صوتا لعدم الإيمان) ( لماذا نحن ملاحدة)، كان الإشكال الفاعل هو ما يتعلق بالخطاب الديني أغلب تلك الخطابات ساذجة وسطحية ومسيئة للأدب، والتلاعب بالأمور العلمية وصياغتها بأسلوب الاندهاش، في حال الأمر يختلف، الداروينية التي طبلوا لها عقود من الزمان، لا علاقة لها بإنكار وجود الخالق سبحانه وتعالى، فالنظرية ترى أن الله سبحانه وتعالى لم يخلق البشر خلقا مباشرا وإنما تدرج بالتطور البشري، هذه النظرية فيها إشكال في الموروث الشرعي، لكنها لا تعني بقضية الإلحاد، هو لا ينكر الخالق عز وجل، وهل ثم تلازم فعلا بين الأمرين؟
داروين حين وضع كتاب أصل الأنواع هو كان مؤمنا بوجود الله سبحانه وتعالى ولم تسبب هذه النظرية في تنكره بأيمانه، والواقع يشهد أن كثيرا من المؤمنين لا يرون في النظرية معارضا حقيقيا بأيمانهم بالله تعالى، يعجبني أحد الكتاب حين يطرح رؤيته بإمكانية أن تكون نظرية داروين جزءًا من سنة الله تعالى في الخلق، ومن أنواع تطورت فعلا وفق هذه السنة، وهناك دراسات جاده كشفت أن النظرية لديها خروقات كثيره هذه الجملة قبل عقدين أو ثلاثة كانت تعتبر تجاوزا على الفكر العلمي.
اليوم العلم نفسه يكتشف خروقات كثيره ومشكلات تجعل النظرية في مأزق حقيقي.
أولا.. عجز التفسير في كثير من الظواهر شديده التعقيد كالإدراك والوعي.
ثانيا.. التنبيه إلى أن الداروينية وأن لم تستلزم الإلحاد إلا أنها قربت الأذهان من الإلحاد وقدمت للمنكرين بديلا ماديا لنظرية الخلق.
يقول دوكنز أن نظرية داروين توجد لنا ملحدا مطمئنا بإلحاده.
من خلال تجربتي مع الملحدين، وخاصه في المدن المقدسة مثل كربلاء/ نجف لم أجد ملحدا مطمئنا لإلحاده، لكن مع هذا يمكن لهذه النظرية أنها عززت الشعور بفضل العلوم الطبيعية، كانوا يحتجون بها لكنهم لا يفهمون النظرية إلا بمعناها السطحي.
|