كتابات في الميزان / من أعماق القصب والبردي، يعلو صوت الهور مستنجِدًا بالعالم. هور الحويزة، تراثٌ طبيعي وثقافي يئن تحت ضغط الحفارات ومشاريع النفط، لم يعد مجرد قضية محلية بل تحول إلى صرخة عالمية.
أطلق ناشطون بيئيون في ميسان الدعوة الى تنفيذ حملة دولية للمطالبة بانقاذ هور الحويزة، الواقع جنوب شرق مدينة العمارة المندرج على لائحة التراث العالمي بسبب تجاوزات وزارة النفط، على الممتلك الثقافي والطبيعي له وحظيت الدعوة باستجابة العديد من المتضامنين من كل دول العالم، وعبروا عبر مقاطع فيديوية بثت على مواقع التواصل عن مواقفهم الداعية الى ايقاف اية مشاريع تهدد وجود الاهوار.
الدعوة الى حماية اهم المعالم البيئية في ميسان انطلقت من المدينة، وساهم باطلاقها سكان الاهوار أنفسهم للوقوف بوجه تحويله الى حقل نفطي، بل والمطالبة بزيادة الاطلاقات المائية له بما يضمن الحفاظ على تنوعه البيئي.
وبين الناشط الاهواري واحد سكان هور الحويزة مصطفى هاشم “انطلقت الدعوة الى تنظيم الحملة من هور الحويزة نفسه، حيث ساهم سكان الهور بنقل معاناتهم الى العالم عبر مقاطع فيديوية وصور، على مواقع التواصل تبين وضعهم الصعب، مما ادى الى تفاعل ناشطين بيئيين في مختلف الدول معهم وتزايد عددهم، بعد إطلاق (هاشتاغ) الوسم على تلك المواقع بدعم من ناشطين بيئيين عراقيين”.
انقاذ هور الحويزة
مضيفا “حملة الدعوة الى انقاذ هور الحويزة مستمرة، ستنتشر بشكل أوسع وبأمكان اي شخص الانضمام لها من خلال تصوير مقطع فيديو يطالب فيه انقاذ الهور، وانضمت لها شخصيات معروفة بنشاطها البيئي من اوروبا وستتوسع في الايام القادمة”.
وفي خضم تدويل موضوع انقاذ هور الحويزة فاتحت اللجنة القانونية في مجلس النواب رئيس مجلس الوزراء، لطلب تحقيق في شأن التجاوزات على محرمات الممتلك الثقافي والطبيعي في هور الحويزة، خصوصا بعد رصدها لتجاوزات من قبل اليات تابعة الى وزارة النفط على تلك المحرمات، وطلبت القانونية النيابية إلزام الجهات كافة بايقاف التجاوزات، واستكمال استحصال الموافقات بشأن اي عمل يقع في منطقة المحرم.
وفي وقت سابق اعلنت شركة نفط ميسان في شهر كانون الاول من عام 2024 عن استقبالها لوفد من شركة جيو جيد الصينية بهدف تطوير حقل الحويزة النفطي ضمن الحقول النفطية الواقعة في الجنوب الشرقي للمحافظة اثر اعلان الحكومة العراقية توقيع عقود الجولة الخامسة من جولات التراخيص النفطية في شهر شباط من عام 2023 وتضمنت تطوير ستة حقول ورقع استكشافية بينها حقل الحويزة ما اثار حفيظة ناشطي البيئة واعتبروا “قضية تجفيف الاهوار عملية مقصودة ومدروسة والغاية من ورائها تحويلها من اراضي تغمرها المياه الى اراضي جرداء لاجل استثمارها في استخراج النفط كما حصل في حقل الحلقاية النفطي”.
تشييد المنشآت النفطية
وبينت تقارير اعلامية ان “الاهوار تشكل خزانا طبيعيا يضبط مناسيب المياه في المنطقة، وعند تجفيف اجزاء منها لفتح الطرق او لتشييد المنشآت النفطية تتقلص مساحة الهور، وتتراجع معدلات تغذية المياه الجوفية والسطحية”.
وفي هذا الصدد اوضح النائب عن محافظة ميسان جاسم الموسوي، خلال تصريحات اعلامية انه “قام بتقديم عددا من المقترحات في مجلس النواب بشأن مخاطر تطوير حقل الحويزة النفطي من دون جدوى، وان الحكومة تريد تطوير الحقل في خطوة تعكس جهلا بقيمة الاهوار، وتجاهلا لتداعياتها الصحية والبيئية والاقتصادية على المواطنين”.
ولم تكن مطالبات الناشطين البيئيين لانقاذ هور الحويزة الاولى من نوعها، فقد بادر ناشطين اوروبيين من روما عاصمة ايطاليا مطلع شهر ابريل نيسان الجاري برفع شعارات المطالبة بأنقاذ الهور، وايقاف الانتهاكات التي يتعرض لها.
حملات الدفاع الهبت حماس المناصرين للبيئة في المحافظة، وبان ذلك واضحا عبر تدويناتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي هذا الصدد تابعنا بعض تلك التدوينات منها ما كتبه الناشط عباس محمد، على صفحته الشخصية على منصة الفيس بوك “نثمن جهود كل النشطاء والافراد والنواب والاساتذة الذين ما زالو يدافعون عن هوية الجنوب وشريان حياته، وعنوانه الثقافي وارثه الحضاري وكل هذه الجهود ستثمر وستعلو كلمة القصب والبردي على دخان النفط وملوثاته، وحتى وان كانت مجرد كلمة سنبقى ندافع عن هوية الجنوب وفينسيا الشرق وقيثارة ميسان وارثها”.
اهمية الدفاع عن الاهوار
وعن نشاط بيئيي المحافظة في الدفاع عن اهوارهم، أكد الخبير البيئي الميساني احمد صالح نعمة “تتزايد في الآونة الاخيرة ضرورة واحتياج كبير جدا الى اهمية الدفاع عن الاهوار، وتنظيم حملات دفاعية من ابناء الاهوار سواء كانت من سكان الاهوار او من المثقفين والنخب، وإذا كان عبر النشطاء في مجال البيئة وضروري جدا وجود جهات تنظم هذه الحملات، وجهات تبدأ بها على اعتبار ان جزء من السكان يعانون ولكن ليس لديهم اسلحة فكرية من هذا الجانب، ومن الممكن جدا تنظيم حملات دفاعية وحملات مناصرة على الاهوار”.
مؤكدا على انه “لابد من تنظيم تلك الحملات سيما ونحن نمر بفترة جفاف قاسية جدا، وفترة اهمال الى مكون الاهوار كونه تراث عالمي وكونه جزء من فولكلور وتراث العراق المهم جدا، وبالتالي لا يمكن لن نسمح للوضع ان بستمر ولا يمكن ان نبقى مكتوفي الايدي تجاه التدهور البيئي، وتدهور النظام البيولوجي وفقدان الكثير من الموروثات الاجتماعية والفولكلورية في المجتمع العراقي الريفي”.

|