• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : أخبار وتقارير .
              • القسم الفرعي : أخبار وتقارير .
                    • الموضوع : «الاتجار بالبشر» في العراق.. ضحايا تزداد وسط مطالبات بالتنسيق الدولي .

«الاتجار بالبشر» في العراق.. ضحايا تزداد وسط مطالبات بالتنسيق الدولي

تتفاقم جرائم الاتجار بالبشر في العراق يوما بعد آخر نتيجة عوامل ومسببات عديدة في مقدمتها الفقر والفساد وانتشار العصابات والمافيات المتخصصة في هذا المجال في غالبية المحافظات، فيما تبقى الإجراءات الحكومية “ضئيلة”، مقابل تفاقم هذه الجرائم.

وبأرقام صادمة ومهولة، كشف رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الانسان في العراق فاضل الغراوي، اليوم الاثنين، عن تسجيل العراق 2300 ضحية، وتمكن من القبض على أكثر من 1800 شبكة ومجرم بالاتجار بالبشر، خلال السنوات الثلاث الماضية، فيما أكدت جهات حكومية بإرتباط مافيا الاتجار بالبشر في العراق بأخرى في الخارج مما يتطلب الملف تنسيقاً إقليمياً ودولياً للحدّ من عمل هذه المافيات داخل العراق وخارجه.
يشار إلى أن القانون العراقي رقم 11 لعام 2016 وقانون رقم 28 لسنة 2012 منع الاتجار بالأعضاء البشرية، وأجاز عملية التبرع بالأعضاء لأغراض إنسانية دون مقابل، فيما يُعاقب القانون على تجارة الأعضاء البشرية بالسجن المؤبد وغرامة مالية كبيرة.

وتتنوع أشكال الإتجار بالبشر في العراق بين الاستغلال الجنسي والعمل القسري، واستغلال الأطفال وبيعِهم وصولًا إلى تجارةِ الأعضاء البشرية، وهي من أكثر الجرائم المأساويةِ في البلاد، وتصل عقوبتُها إلى الإعدام في حال موت الضحية.

وقال الغراوي، في بيان إن “أحدث الإحصاءات تشير إلى أن عدد ضحايا الاتجار بالبشر تجاوز 28 مليون شخص حول العالم خلال عام 2024، بزيادة قدرت بنسبة 12% عن عام 2023”.

وأضاف أن “صور الاتجار بالبشر العالمية تركزت بين العمل القسري بنسبة 50%، والاستغلال الجنسي بنسبة 38%، فيما تمثل الأنماط الأخرى كالزواج القسري والاتجار بالأعضاء نحو 12% من الحالات المسجلة”، مبيناً أن “البيانات تشير إلى أن النساء والفتيات يشكلن حوالي 65% من الضحايا، فيما يمثل الأطفال نحو 25%، ما يعكس هشاشة هذه الفئات أمام مخاطر الاتجار، خاصة في مناطق النزاعات والكوارث الإنسانية”.

وأوضح الغراوي، أن “ضحايا الاتجار بالبشر في العراق للأعوام 2022 – 2023، و2023 – 2024 بلغوا 2300 ضحية وقد تم تسجيل نسبة زيادة مقدارها 18% في عام 2023 مقارنة في عامي 2024 ولم تعلن أية احصائيات رسمية لعام 2025 لغاية هذه اللحظة”.

وأكد الغراوي، أن “أبرز أنماط الاتجار في العراق تركزت في العمل القسري ضمن قطاعات الزراعة والبناء والخدمات المنزلية، إلى جانب التسول القسري واستغلال الأطفال والنساء في أنشطة غير مشروعة، إضافة إلى بيع الأعضاء البشرية”.

ولفت الغراوي، إلى أن “السلطات العراقية المختصة تمكنت في عام 2024 من إلقاء القبض على أكثر من 1,800 شبكة ومجرم متهمين بجرائم الاتجار بالبشر والتسول بما في ذلك تفكيك شبكات إجرامية دولية واعتقال 162 متهماً بقضايا بيع الأعضاء البشرية، وتسجيل 158 ضحية للاتجار بالبشر، تم ايداعهم في دور الحماية”.

وأضاف أنه “على الرغم من أن العراق قد أقر قانون مكافحة الاتجار بالبشر رقم (28) لسنة 2012، وأنشأ لجانًا وطنية متخصصة ومراكز لإيواء الضحايا، إلا أن التحديات لا تزال قائمة، فقد أشار تقرير وزارة الخارجية الأمريكية لعام 2024 إلى أن العراق ما زال مدرجاً ضمن (الفئة الثانية تحت المراقبة)، ما يدل على استمرار الحاجة إلى تعزيز قدرات إنفاذ القانون، وتوسيع نطاق التحقيقات، وزيادة الجهود في ملاحقة المتاجرين، وحماية حقوق الضحايا”.

وطالب الغراوي، الحكومة والبرلمان العراقي والسلطات المختصة، بـ”ضرورة تطوير التشريعات الوطنية بما يتماشى مع البروتوكولات الدولية، وتكثيف برامج التوعية المجتمعية، لا سيما في المناطق المعرضة للخطر، كما دعا إلى تعزيز التنسيق بين السلطات العراقية والمنظمات الدولية من أجل ملاحقة الشبكات الإجرامية العابرة للحدود، وتقديم الحماية الشاملة للضحايا، بما في ذلك الدعم النفسي والاجتماعي والقانوني وتعزيز آليات الإنذار المبكر”.

وتتكثف جرائم الاتّجار بالبشر في العراق منذ سنوات، وتُسجل السلطات حوادث شبه يومية يجري فيها استغلال فئات مثل معوّقين ومشرّدين وفقراء للعمل في ظروف صعبة، أو في مجالات غير قانونية مثل الدعارة أو التسوّل أو تهريب الممنوعات.

إلى ذلك، قال عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية علي نعمة، إنه “تعمل مافيات كبيرة للاتّجار بالبشر على استغلال المتسوّلين في عملياتهم المختلفة ما يشكل خطراً كبيراً على المجتمع، لذا يجب تكثيف الجهد الأمني في ملاحقة المافيات التي تنشط في أعمال كثيرة غير قانونية، من بينها سرقة الأعضاء البشرية، مع تواصل تسجيل حالات كثيرة رغم كل الحملات الأمنية وتلك للتوعية، ما يستدعي تكثيف الجهود المبذولة للحدّ من هذه الظواهر الدخيلة على المجتمع العراقي”.

ويتابع: “ترتبط بعض مافيات الاتّجار بالبشر بأخرى كبيرة وخطيرة في دول العالم، وهذا ما كشفته تحقيقات مع عناصر مافيات اعتقلوا خلال الآونة الأخيرة، لذا يتطلب الملف تنسيقاً إقليمياً ودولياً للحدّ من عمل هذه المافيات داخل العراق وخارجه، كما يجب إنهاء ظاهرة التسوّل التي أصبحت مصدراً أساسياً لاستغلال الأشخاص من مافيات الاتّجار بالبشر”.

وكانت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية أعلنت رصد حالات تسوّل وتشرّد لأحداث دون السن القانونية، وأكدت أنّها تنسّق مع الجهات الأمنية، تحديداً وزارة الداخلية، من أجل إيداع من تتراوح أعمارهم بين 12 و17 عاماً في دور للمشرّدين تابعة لها بغرض إعادة تأهيلهم وتدريبهم للحصول على عمل في حال الإفراج عنهم.

يشار إلى أنّ الحكومات العراقية المتعاقبة واجهت انتقادات حادة بسبب تقصيرها في متابعة ملفّ التسول، ما دفع الحكومة الحالية إلى تنفيذ حملات اعتقال وفتح تحقيقات مع متسوّلين.

وحذرت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، في 4 آب أغسطس 2024، من تطور أساليب وأشكال جرائم الاتجار بالبشر، مشيرة إلى أنها نسقت مع وزارة الداخلية لإعادة الأحداث والضحايا من الأجانب إلى بلدانهم.

يشار إلى أن تجارة الأعضاء البشرية لم تعد كما في السابق، بل أصبحت تدار الآن من قبل شبكات واسعة وبعضها متنفذة ولها أذرع في بغداد وجميع المحافظات الأخرى، كما تعلن وزارة الداخلية والجهات ذات العلاقة بين فترة وأخرى عن اعتقال العديد من المتاجرين بالأعضاء البشرية، والسماسرة الذين يقومون بتسهيل عمليات تبادل الأشخاص والأموال، مقابل نسب معينة من الأموال يحصلون عليها.

وينص قانون مكافحة الاتجار بالبشر في العراق، على عقوبات تصل إلى السجن لمدة 15 عاما وغرامات مالية بالنسبة للجرائم التي تتعلق بضحايا بالغين من الذكور، وتصل إلى السجن مدى الحياة وغرامة إذا كانت الجريمة تتعلق بأنثى بالغة أو ضحية من الأطفال.

وأعلن الناطق باسم وزارة الداخلية وخلية الإعلام الأمني العميد مقداد ميري، في 25 نيسان أبريل 2024، انطلاق عملية أمنية هي الاولى من نوعها لتطهير منطقة البتاوين وسط بغداد، مبينا أن الحصيلة الأولية أسفرت عن القبض على 207 مخالفين وفق أوامر مختلفة، كما أسفرت أيضا ضبط أسلحة وشبكات دعارة ومخدرات وفنادق غير مرخصة”.

وتشير البيانات والتقارير، خلال السنوات القليلة الماضية، إلى وجود حالات متعددة لتجارة الأعضاء البشرية، حيث يتم اختطاف الأفراد أو استدراجهم بوعود كاذبة، ثم يتم استخراج الأعضاء منهم دون رحمة أو شفقة، حيث يتم ترويج هذه الأعضاء في أسواق سوداء دولية لتحقيق أرباح طائلة.

وعلى الرغم من مرور أكثر من 10 سنوات على تشريع العراق قانون مكافحة الإتجار بالبشر في عام 2012، إلا أن العراق يبدو حديث عهد في مجال مكافحة هذا النوع من الجرائم المصنف على أنه من الجرائم المنظمة والعابرة للحدود، حيث لا توفر الدولة إحصاءات واضحة عن الحالات أو المعتقلين أو الأصناف الأكثر شيوعا من حالات الإتجار بالبشر.

حيث أن غياب الإحصاءات بالرغم من المؤشرات المتزايدة على مدى شيوع وخطورة هذه الجرائم في العراق، دفع إلى بروز اهتمام بعض المنظمات المحلية غير الحكومية برصد هذه الحالات، ولكنها سرعان ما اختفت، أو اقتصر عملها على مساعدة الضحايا فقط بدون توفير إحصاءات واضحة وشاملة وحديثة.

ويعرّف قانون مكافحة الإتجار بالبشر العراقي، على انه تجنيد أشخاص أو نقلهم أو إيوائهم أو استقبالهم، بواسطة التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال السلطة، أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سلطة أو ولاية على شخص آخر، بهدف بيعهم أو استغلالهم في أعمال الدعارة أو الاستغلال الجنسي أو السخرة أو العمل القسري أو الاسترقاق أو التسول أو المتاجرة بأعضائهم البشرية أو لأغراض التجارب الطبية.

وكان الخبير القانوني سعد البخاتي، أكد في تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، أن “الاتجار بالأعضاء البشرية، بأنه “من الجرائم المعقدة جدا في العراق، على اعتبارها تجري بشكل سري بين الضحية وشبكات المتاجرة، ولهذا أصبحت شائعة خصوصا في مدن إقليم كردستان، وعلى المشرع العراقي، أن يقنن قانونا فيه ظرفا مشددا لمن يعمل بهكذا جرائم”.

وينبه إلى أن “هناك قانون رقم 11 لسنة 2016 الذي حدد كيفية العقوبة لمن يتاجر بالأعضاء البشرية أو الإجهار بهذا الموضوع والمشاركة فيه والترويج له، حيث تصل عقوبة السجن لمدة لا تقل عن 7 سنوات، ودور وزارة الداخلية الآن هو منح أهمية كبرى لهذه الجريمة التي انتشرت في الآونة الأخيرة بشكل واسع وإعادة النظر بالقانون الحالي والمواد التي يحتويها”.

وشدد على أن “العراق يحتاج إلى حالة تنظيمية في هذا الموضوع كأن تكون موافقة الشخص قبل موته للتبرع ببعض أعضائه وليست على شكل متاجرة لمعالجة الكثير من الحالات المرضية، ولهذا يمكن تأطيرها بشكل قانوني وأصولي بموافقة صاحب العضو”.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=202095
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 04 / 21
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 04 / 23