يمثل شهر رمضان المبارك سياحة ايمانية وروحية عظيمة لمن اراد التزود من الفضائل, والتحلي بالمكرمات من الخصال, فهو شهر عظيم شَرَّفَهُ الباري عز وجل بمواهب, وحباه من التمييز ما جعله يتسيد الشهور, فهو شهر الله, كما ان شهر شعبان شهر رسول الله صلى الله عليه واله وسلم.
شهر دعيتم فيه الى ضيافة الله, وجعلتم من اهل كرامته, هكذا وصف النبي صلى الله عليه واله وسلم الشهر الفضيل, اذ ان العباد في هذا الشهر هم في محضر الرحمة الالهية التامة, وهم ضيوف عند خالقهم اكرم به من مُضيف.
تلقف المؤمنون الشهر بعناية فائقة, فاخذوا يؤدون الفرائض, والنوافل, والادعية, والزيارات, واحياء ليلة القدر المباركة, واخذوا يقيمون المجالس, وجلسات الوعظ والارشاد, وكان لطلبة العلم خطباء المنبر الكرام قصب السبق في انجاح هذه المجالس, فهم يؤدون حقها, ويعلون من شأنها ويرسمون منها خطَ شروعٍ لهداية الناس.
إن خطباء المنبر الكرام, من طلبة العلم واهل الدين –وكل طلبة الحوزة العلمية- لهم الفضل الكبير علينا, فهم الذين تحملوا عناء مشقة الامر الكفائي, فتصدوا له, وكفونا المؤونة, فطبقوا قول الله تعالى "وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ" سورة التوبة الآية (122) وفسحوا لنا المجال لننشغل بأعمالنا ونتمتع بملذات الحياة مطمئنين, بينما هم يلاقون الضنك, ويتحملون الضيم, ويتعرضون للتخوين والتسقيط في سبيل نشر الدين واداء الواجب, دون ان يضجروا او يتكاسلوا او يتهاونوا في تبليغ الشريعة.
أقل واجب نقدمه لأهل الدين ولخطباء المنبر –ولطلبة الحوزة العلمية الشريفة- هو عرفان فضلهم, وشكر فعلهم, والدفاع عنهم, والدعاء لهم ولأهليهم بان يوفقوا, وان يرتقوا في مراتب العلم اكثر واكثر, وايضا من حقهم علينا ان نستمع لهم, وأن نأخذ بنصحهم, وان نعرف اهل الدين الحقيقيين ونتبعهم, ونفرز المدعين ونجتنبهم, كي لا نقع في المحذور ونهوي في غياهب الشبهات, فشكرا لخطباء المنبر الكرام, شكرا لأصحاب الفضل علينا. شكرا لمن تحمل الواجب الكفائي في تبليغ الدين, شكرا لمن يمسكون بأزمة قلوب المؤمنين ويأخذونها الى جادة الصواب.
اللهم فأجزهم عنا خيرا, وسدد خطاهم, واشركهم في اعمالنا وطاعاتنا وعبادتنا قربة لوجهك الكريم.
|