لقد تبنى الفلاسفة الوضعين مصطلح الحتمية التاريخية، وسعوا للكشف عن جوهر النبوءة والارتقاء بوعي الإنسان وتفعيل دور الانتظار المهدوي من خلال البحث في قضية صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف، وترسيخ وجوه وجوده المبارك، وكتاب المهدي المنتظر عند الشيعة الإثني عشرية للدكتور (جواد علي) ترجمه عن الالمانية أبو العيد دودو، ولنعرف من هو جواد علي..
عراقي من الكاظمية مواليد 1907م تخرج من دار المعلمين العالية عام 1931 م نال الدكتوراه من جامعة هامبورغ عام 1939 م تعرض للاعتقال عام 1942م لأسباب سياسية مارس التدريس في المعاهد والجامعات العراقية والأجنبية، عين في المجمع العلمي العراقي عام 1948م وعضوا مراسلا في مجمع اللغة العربية في القاهرة عام 1956 م توفى عام 1987م رحمه الله، من أهم مؤلفاته (صورة الأرض )1951 (أصنام العرب 1967م معجم الفاظ الجاهلين 19 68م المفصل من تاريخ العرب قبل الإسلام 1976م تاريخ الصلاة في الإسلام وكانت أطروحته للدكتوراه عام 1939م والتي قدمها باللغة الألمانية.
هذه الدراسة أخذتنا إلى أكثر من قضية مهمة أن الدراسة الإسلامية في أوروبا أحرزت تقدما كبيرا، قدم (غولد تسيهر) دراسة واسعة عن الحديث وهناك بحث القران الكريم وتاريخه ودرس (فيلهاوزن) تاريخ ما قبل الإسلام وصدر الإسلام وهذه الدراسة تختص بالشيعة أتباع علي بن أبي طالب عليه السلام، وقضية الإمام الثاني عشر وغيبته المباركة وسعت لإبراز قضية الغيبة المهدوية حقيقة تاريخية
القضية الأخرى أن المترجم هو أبو العيد دودو مواليد عام 1934م من دوار تمنجر الجزائر لذلك كان بحاجة إلى من يقف لجانبه ويجيب عن أسئلته ويقدم له المعلومات، فكان للسيد هبة الله الشهرستاني وزير الثقافة ورئيس محكمة التمييز الجعفرية والمجتهد محمد حسين كاشف الغطاء جهدا مبذولا في القضية، وقضية أخرى هي المانيا، تسمح السلطة الألمانية بإنجاز الأطروحة وتسهيل أمور المؤلف الدراسية والحياتية، الذين أخذوا بمساعدته والإشراف على الرسالة، وهناك مشاركات تلقائية من الإشراف وأنا أعتقد أن أي جامعة عربية لم ولن تسمح لمثل هذا المنجز أن يولد إلا اللهم يتم تحريفه لوجهة نظر السياسة الطائفية
السعي مدرك من خلال شبكات مفهومية تبحث عن الحقيقة بين التأويلات المتباينة ومحاولة إبعاد حقيقة الوجود المبارك وترحيلها إلى الخرافة، والذي نحتاجه هو الارتكاز على رؤى واضحة ودراسة الواقع الفكري للنبوءة المحمدية.
جاء في تمهيد الكتاب أن الإمامة تنتمي عند الشيعة إلى الأسس الرئيسية الخمسة للدين: التوحيد/ العدل /النبوة/ الإمامة/ والبعث، وعدد الأئمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم إثني عشر إماما، ومنها جاء الاسم (الإثني عشرية) يقول (ا. غ براون) إننا لا نملك عرضا مفهوما موثوقا به عن مبادئ الشيعة في أي لغة أوربية، ويقول (شتروتمان) إن كتابة تاريخ الشيعة وتاريخ عقيدتهم ودراسة طبيعتهم الداخلية بشكل مفصل يعتمد عليه لا تزال غير ممكنة في هذا الوقت في المانيا لأسباب خارجية حتى هذه الدراسة الصغيرة التي هي بين ايدينا تعاني إذَا ما نحن أخذنا بين الاعتبار المجموعة
الضخمة من المصادر الشيعية التي في متناول اليد تعاني من قلة المصادر، المستشرقون اتبعوا منهجا جديدا فلم يعودوا يرجعون كما كانوا في السابق إلى المصادر السنية، صاروا يعتمدون في بحوثهم بالدرجة الأولى على مصادر شيعية، على غرار ما فعله (ستروت مان) في كتابه (الإثني عشرية)
الذي يعالج المشكلة في عهد المغول ويمكن على العموم اعتبار هذا الميدان العلمي أرضا بكرا، الشيعة يرفضون الاعتذار بقلة المراجع بوصفه تهربا، وتحدثوا في الكثير من كتبهم عن المؤاخذ الموجهة إلى الشيعة، حاولت المصادر أن تجعل من الشيعة مسلمين سيئين، فهم يلومون الشيعة لتقديسهم لأئمة أهل البيت وإجلالهم لعلي عليه السلام بوصفه قديسا، وهم أنفسهم يقدسون رموزهم بمثل هذه القداسة وأكثر، سعى المؤلفون إلى اضطهاد الطوائف الأخرى غير التي ينتمون اليها، من أجل أن يرفعوا شان ما يؤمنون به حتى لو لجأوا إلى الكذب والافتراء، المقريزي يرى أن العقيدة الأصلية للشيعة جاءت من اليهودية، ابن حزم الظاهري و الشهرستاني وغيرهم على نفس النهج والحكم لا يختلف عند المؤرخين فابن خلدون يرى أن المهدي الذي عند الشيعة دخل في سرداب بيت متطرفا من بيوت الشيعة في الحلة وغاب فيه، (مقدمة ابن خلدون) 959، الرحالة بن بطوطة ج2 ص69 ،سمع من أهل الحلة يقولون: إن الامام الثاني عشر اختفى بعد دخوله أحد المساجد في الحلة، وهل يعلم المؤلفون أن مدينة الحلة انشأها صدقة بن مزيد بن منصور المزيدي بعد 235 سنة من غيبة المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، هذه المعلومة لم ترد في أي مصدر شيعي، هناك أخطاء كثيرة مثل هذا النوع، السبكي في كتاب طبقات الشافعية الكبرى اعتبر جعفر الطوسي شافعيا، اعتبروا الشريف الرضي زيديا، العالم المتقدم ينظر اليوم إلى أهمية إعادة النظر في مفهوم الشيعة، فما
علاقة الشيعة بمن يعتقدون بإمامه العباس عم رسول الله صلى الله عليه وآله، الشيعة لا يؤمنون إلا بعلي بن أبي طالب عليه السلام وأعقابه ومن الخطأ أن ينسب الرزامية فرع من الراوندية والخرمية والبابكية والسنابدية والحلولية، وغيرها فيكون من الخطأ نسبة هذه العقائد إلى جماعة الشيعة.
لقد حاول بعض المؤرخين أن يتهموا الشيعة بالتشبيه في تصورهم لله سبحانه وتعالى واوضح المرتضى في كتابه (رسالة الانتصار) إلى أولئك الذين يحاولون التفريق بشكل جوهري بين الشيعة والسنة أوضح أن الفرق بالحقيقة ليس أكبر من الفرق بين المدارس السنية نفسها، ودفاع الشيعة أنفسهم سيكشف المسائل المهمة وسيستخلص مفاهيم جديدة عن الإثني عشرية والله ولي التوفيق.
|