• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : شهيد قبل الشهادة / سماحة السيد نصر الله المستنبط .
                          • الكاتب : علي حسين الخباز .

شهيد قبل الشهادة / سماحة السيد نصر الله المستنبط

لماذا نقرأ سيرة حياة علماء الحوزة العلمية؟ 
 من الطبيعي أننا نقرأ، لنحصل على بعض المفاهيم التي تعد مرتكزات حياتية وأفكار علمية جادة لتجارب إنسانية قدمت الكثير. 
ولنقرأ مواثيق الوجود المرجعي والشهيد السيد نصر الله المستنبط التبريزي استشهد عام 1985م وهناك تفاصيل سردية مهمة في حياة هذا الشهيد، بناء على وجهة النظر القويمة ودلائل الهوية بمعناها الاعتيادي 
 هو السيد نصر الله بن السيد رضي بن السيد أحمد المستنبط الموسوي، درس العلوم الدينية في مسقط راسه تبريز، ثم أكمل دراسته في قم المقدسة حتى أجيز بالاجتهاد، وسافر إلى النجف لإكمال دراسته العليا فيها، واستقر في النجف الأشرف إلى لحظة التحاقه بركب الشهداء. 
الكتابة عن عالم مجتهد لتسليط الضوء على الأثر العلمي ولترسيخ التجربة العلمية، والاقتداء بالسلوك الإنساني وطريقة صنع الأحداث والصمود بوجه المتغيرات، هذا العمل يعمق الإحساس في التاريخ المرجعي وبحياة العلماء وبصيرتهم، وسمات شخصياتهم وكيف استطاعوا الوصول إلى هذه المنزلة. 
 درس الشهيد نصر الله المستنبط على يد مجموعة من كبار العلماء مثل الشيخ عبد الكريم الحائري اليزدي والسيد محمد الحجه الكوهكمري والسيد ابو الحسن الأصفهاني والشيخ ضياء الدين العراقي والسيد أبو القاسم الخوئي، وأسماء العلماء الذين تخرجوا من مدرسته كثير، بالعشرات ومنهم الشيخ محمد يسبك والسيد عباس الخطيب والسيد محمد علي الطبطبائي الحسيني. 
نحن نكتب سيرة هذا الشهيد المرجعي المبارك وأسماء مدرسيه وأسماء تلاميذه، وهذا الحراك الثقافي علينا أن ندرك الزمن الذي كان شاهدا لهذا الحراك، هو زمن السلطة الجائرة أقصى درجات المحنه والملاحقة لرجال الحوزة، خاصة أيام الحرب مع إيران كانت حالة تضييق على الحريات والسيد مع هذا له الدرس والتأليف والحراك الاجتماعي 
في كتابة السير لرجال المرجعية نبحث عن الإنجازات والأحداث الهامة في تاريخ المرجع والحوزة، أشعر أنه كان شهيدا قبل استشهاده، ويدرك حجم الخطوة، كتب عنه الشيخ محمد هادي الأميني قدس سره (مجتهد عالم جليل من أساتذة الفقه والأصول كثير البحث والتدقيق، من ذوي الخبرة والبصيرة ضابط في العلوم العقلية والنقلية، لفضله طلب منه إقامة الجماعة فكان يصلي في مسجد البهبهاني يمتلأ الجامع على سعته، وكانت لهم مؤلفات مثل الاجتهاد وتعليقه العروة الوثقى خبرة المعاد رسالة، رسالته العملية رسالة لا ضرر ولا ضرار، معارف الاسلام في أصول العقائد، السيرة مبهرة وفيها واقع معلوم. 
مهمتنا فقط تسليط الضوء على بعض الأحداث الخاصة التي تعتبر من الأمور العامة في مجتمع يواجه الطغيان، يقول العلامة السيد محمد صالح الخرسان النجفي [رحمه الله]: 
حين (أغلق) جزار التأريخ في العراق (لعنه الله) أبوب العتبات وخليت البيوت التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه من الرواد والزوار، كان السيد نصر الله المستنبط من الذين يقصدون الحرم الحيدري عند منتصف الليل لأداء الصلاة والزيارة، فسُلمت إليه السدانة مفاتيح الحرم، وأخذ السيد يخرج في كل ليلة إليه ويفتح الأبواب وذلك من (1402هـ=1982م إلى 1406هـ=1985م). 
في أحدى الليالي فتح الأبواب ودخل المشهد واشتغل بالزيارة والصلاة في جهة الرأس الكريم من المرقد، فبينما هو عاكف على عمله شاهد ثلاثة رجال مشغولين بالصلاة والدعاء وفيهم رجل بالبزة العربية جميل الشكل نقي الملبس ربع القامة عاكف على الصلاة يجهر بالبسملة والدعاء في قنوته، فأصغى إليه فكان يقول: 
((اللهم العن معاوية بن أبي سفيان قد عادى عليَّ بن أبي طالب فالعنه لعناً وبيلاً)). 
يقول السيد الشهيد المستنبط: فأصغيت إلى كلامه الرصين وعباراته المتينة فلما قمت إليه للسلام غاب عن عيني وكلما فتشت عنه في الحرم والرواق والصحن لم أجده فعدت إلى مواصلة صلاتي، وأيقنت أنه كان الامام الثاني عشر عليه وعلى آبائه الصلاة والسلام. 
وأما عن قضية استشهاده يقول الدكتور صاحب الحكيم: 
جاء جلاوزة الأمن على خادمه بعد أن تأكدوا من خلو الدار من أي أحد، ذهبت زوجته إلى بيت السيد الخوئي (حيث أنّ آية الله العظمى السيد نصر الله المستنبط متزوج من بنت السيد الخوئي)، وطرقوا الباب وبمجرد أن فتح خادم السيد الشهيد الباب لهم، سحبوه إلى الخارج وقالوا له يجب أن تتطوّع في الجيش الشعبي، قال: أنا أفغاني!... 
قالوا يجب أن نأخذك إلى المعسكر لتكون من أعضاء هذا الجيش، فأخذ يصيح: أنا أفغاني... أنا أفغاني، ولكنهم لم يصغوا إلى كلامه وأخذوه إلى مُعتقل لا يعرف أين هو، وبقي رهن الاعتقال إلى اليوم التالي، ولم يحققوا معه، ولم يسألوه أي سؤال، وأطلقوا سراحه في اليوم التالي.
ولما جاء إلى البيت وأراد أن يقصّ الحادث للشهيد وجده قد فارق الحياة في نفس الوقت تقريباً عندما أُخذ، حيث عادت زوجته من بيت السيد الخوئي وكانت قد حضرت فاتحة أمّها، فوجدت السيد مطروحاً على الأرض وآثار دماء على رسغه وملابسه الداخلية، وقد فقدت نظاراته الطبيّة، ووجد آثار زجاجها المتكسّر على أرض الغرفة، فاتصلت زوجته ببيت السيّد الخوئي، وأخبرتهم بالأمر فنصحوها بعدم الحديث عن التفاصيل وكتمان ما حدث، واحتسبوا ذلك عند الله. 
 ونحن أيضا نحتسب شهداءنا عند الله سبحانه وله الحمد




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=202010
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 04 / 19
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 04 / 20