بناءا على مقترح وزير التربية ، اصدر مجلس الوزراء قرارا في جلسته المنعقدة يوم الثلاثاء 15 نيسان 2025 سمح بموجبه الدخول الشامل لطلبة الصفوف المنتهية بامتحانات البكالوريا لهذا العام ، وأعقب صدور هذا القرار تعليقات وتحليلات وتفسيرات ربما تبتعد نوعا عن جوهر ومغزى القرار ، فالبعض عده دعاية انتخابية والبعض الآخر اعتبره سرقة لجهود الطلبة المجتهدين ، ولم تخلو بعض التعليقات من الإشارة إلى إن هذا القرار سيؤثر على ( مستقبل ) التربية والتعليم في العراق ، ومن خلال متابعة بعض التعليقات وجد بان اغلب الآراء لم تركز على الجوانب الايجابية وإنما ركزت على السلبيات ، والجانب الايجابي في هذا القرار انه أعطى الحق الطبيعي للطالب في أداء الامتحانات الوزارية كما هو الحال في الامتحانات النهائية للصفوف عي المنتهية التي يؤديها الجميع بغض النظر عن درجات السعي السنوي ، وعدم السماح بعدم أداء هذه الامتحانات ربما يحجب الفرصة عن البعض ربما بسبب عدم حصوله على درجات النجاح في أكثر من درسين او ثلاث ، والبعض يسال ومن قال إن الطالب الذي لم يسمح له بالامتحان لا تتوفر له الفرصة في النجاح في الدورين الأول او الثاني ومن يعطي الحكم الصحيح بان نتيجة الطالب في السعي السنوي لم تتخللها بعض الظروف او الضغوط وكم هو عدد الطلبة الذي سوف لا يسمح لهم الامتحان من عدد الطلبة في تلك المرحلة وهل إن نسبتهم التي لا نتوقع إنها لا تزيد عن 5% بالمجمل ستشكل عبئا على التربية وغيرها عند أداء الامتحانات ؟! ، وتلك الأسئلة لا تحتاج إلى جهد كبير في الإجابة عنها ، فمن لا يسمح لهم بدخول البكالوريا لا يشكلون أعدادا كبيرة ومنحهم الفرصة يمكن تبويبه في عدة أبواب ومنها مراعاة الجانب الإنساني لفئات عمرية تستحق من الجميع الرعاية و الاهتمام ، فالراسبون بأكثر من درسين او ثلاث ممن لا يحق لهم المشاركة بامتحان البكالوريا ربما لهم الكثير من الظروف ، فمنهم الفقير الذي يضطر للعمل ليلا ونهار ومنهم محدودي الدخل ممن لا تتوفر لهم الفرص كإقرانهم في الراحة والطعام والخصوصي ومنهم من ضحايا الفساد ، ومنهم الذين أهملتهم الإدارة او مجالس الآباء في متابعتهم مع عوائلهم لتعديل مستوياتهم منذ الفصل الأول من العام الدراسي ومنهم أيضا المهملين والمتكاسلين بإصرار .
والبعض يرفض حتى الاستماع لكل التساؤلات فيقول إن التسامح والمكرمات في التربية والتعليم خطوط حمراء يجب عدم اجتيازها بأي حال من الأحوال ، ولهم نقول إن القرار لم يتضمن أية مكرمة وإنما منح الفرصة للطلبة في أداء امتحانات البكالوريا بغض النظر عن نتيجة السعي السنوي إي إنها لا تشمل حالات الرسوب بالغياب او الغش او غيرها من الحالات ، وان هذه الفرصة تم تقييدها بشرط من خلال السماح بأداء امتحانات البكالوريا في الدور الثاني لإعطاء كامل الفرصة للمشمولين في التهيئة للامتحانات منذ اليوم ولغاية موعد الدور الثاني أي بعد أربعة شهور ، والقرار لم يعطي وعودا بإيجاد دور ثالث لامتحانات البكالوريا رغم إن الطالب بموجب التعليمات الامتحانية لديه كامل الحق في التمتع بمحاولتين امتحانية لعامين متتاليين ، كما يخلو القرار من التطرق لأية إشارات لمعالجات خاصة للمستفيدين من هذه الفرصة ( بإضافة درجات او كيرفات ) التي منحت للعام الحالي وليس كسياق مستمر في قادم الأعوام فالقرار وان لم يتضمن نصا إلا انه واضح في إن الممتحنين سيعاملون على حد سواء في تصحيح الإجابات ووضع الإجابات فالاستثناء ينحصر في الدخول لا غير ، وإصدار القرار اليوم يجعله موضع تشكيك من فبل المشككين الذين يسالون لماذا تمنح هذه الفرصة والبلد يعيش بوضع ( مستقر ) ربما أفضل حالا من الأعوام السابقة التي لم يتم فيها إصدار مثل هذا القرار ، والإجابة عن معظم تلك الأسئلة كان المفروض أن يسوغها قرار مجلس الوزراء استنادا إلى حيثيات مقترح وزير التربية ، إذ كان بإمكانه أن يعرض عدد ونسبة الحالات للمستفيدين والأسس التي استندت لها التربية في تبرير وجود عدد من غير الداخلين للبكالوريا من حيث نقص الكوادر او المناهج او الخلل في انجاز العام الدراسي وغيرها على سبيل الإقناع ، ولا نعتقد إن التربية ستجيب عن ذلك لان تصريحاتها أشارت إلى الدور الثاني وعدم التطرق للدور الثالث بعد .
وبعزل عن تلك لتساؤلات فمن الممكن الجزم بعدم صلاحية القرار للدعاية الانتخابية ، أولا لان عدد المستفيدين قليل ولا يعادلوا مقعدا في البرلمان وثانيا لان القرار ترك انطباعات وانتقادات أكثر مما يجنيه من ايجابيات ، فالبعض اخذ يتمادى في التفسير فيطرح تحليلات خارج الموضوع بمسافات ، ولو كان التركز قائما على التبرير الإنساني وبشكل مرافق للبيان لما شهدنا تلك التأويلات ، ونركز على الجانب الإنساني للموضوع لان البكالوريا تشكل عقدة للبعض وبسبب هذه العقدة يصعب دخولها واجتيازها ، والطلبة في سن البكالوريا ( المتوسطة والتعدادية ) يكونوا بعمر مبكر وحرج والكثير منهم لديهم مختلف الظروف ، وتمكينهم اجتماعيا ودراسيا واجبا يجب أن تشترك فيه الدولة والجهات ذات العلاقة ، وفي ذلك لا نقصد أن اجتيازهم الامتحانات بنجاح حقا مكتسبا او واجبا ملزما على الجميع وإنما القصد منحهم الحق في التمتع بالفرص ( الممكنة ) للانتقال لواقع أفضل يشعرهم بالأمان وتحقيق الانجاز ، ولطمأنة البعض فان الطلبة الذين سينجحون من هذه القناة سوف لا يكون بمقدورهم منافسة المجتهدين والجادين من حيث المعدل ونسبة النجاح ، فربما هناك أملا بان يحققوا النجاح بعدد من مجموعهم ، ولا نعتقد إن بإمكانهم منافسة المجدين على معدل او مجموع الدرجات ، وفي كل الأحوال فان قرارا من هذا النوع لا يحتمل قدرا كبيرا من التأويل والتفسير والاتهام وبالإمكان إعادته لمحتواه الإنساني كونه تبرير معقول ومن الممكن ان يكون مقبول .
|