في عصر تتداخل فيه الحقائق مع مظاهر التضليل، حيث يسعى البعض إلى تشويه الواقع لتدعيم رواياتهم المبتكرة، نجد أنفسنا أمام مشهد مليء بالتناقضات. تُرفع شعارات البطولة على أكتاف التضحيات الحقيقية، وتُرسم صور زائفة تعتم على قصص الألم والفداء. ولكن، ماذا عن أولئك الذين بذلوا أرواحهم بصدق؟ وماذا عن الدماء التي أروت الأرض دون أن تنتظر من يزيفها أو ينكرها؟
يظهر هؤلاء الجهلة وكأنهم يمثلون صوت الإعلام، في حين أنهم يتجاهلون الحقيقة. لقد ادعوا بأن دماءهم غير حقيقية، وأظهروا أن لهم الفضل في استعادة أرضهم.
أحسنتم، أنتم أبطال حقًا. ولكن، ماذا تعكس هذه الصور التي تزين كافة أنحاء العراق؟
تمر أمام أعيننا صور لأحدهم على كل درب نعبُره، مع كلمة 'شهيد' تبرز تحتها. فهل يصبح موتهم زائفًا أيضًا؟
بعض الملابس الملقاة هنا وهناك، مُلطّخة بدماء أعمالهم الصالحة، تُعبّر عن أنين يستنطق قسوة أولئك الشياطين عليهم.
تصدح هواتفهم بأسماء أحد أفراد أسرهم، مثقلة بمشاعر القلق والخوف.
بينما تنتظر بعض الزوجات عودة أزواجهن مستبشرات بخبر قدوم المولود الجديد.
إن الطفل الذي سيأتي إلى الحياة دون أن يسمع صوت والده، ألا يحمل في طياته معنى عميقًا؟
فهل يُمكن شيء أن يُلين قلوبكم المتحجرة؟
وأطفالكم الذين كبروا واصبحوا رجالًا
بفضل أولئك الذين تخلوا عن شبابهم
قد يُسعى من قِبل البعض إلى طمس الحقيقة، إلا أن صدى التضحيات سيظل مترددًا، لا يمكن للزيف أن يخمده. فالأوطان ليست مُصاغة بالخداع، وإنما تُبنى بجهود وتضحيات من عاهدوا على الإخلاص لها حتى آخر أنفاسهم. ستبقى صور الشهداء بمثابة شاهد على الحق، وستظل دماؤهم تُروى أرضًا وفية، بينما ستواصل الأجيال القادمة سرد حكايات الأبطال الذين منحوا لها الحياة. ليبقى السؤال مُعَلَّقًا: هل يُمكن لأي شيء أن يُلين القلوب المتحجرة؟
|