• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : السفارة المهدوية .
                          • الكاتب : محمود قاسم .

السفارة المهدوية

تأخذ الفكرة أشكالا كثيرة في راس المحتال، لذلك يحاول أن يجعل من بعض الأمور التي يراها مهمة أزهي من الأمور التي يسعى إليها حافزا لفاعلية نشاط صعب المنال، الكذاب بعدما نال نصف الميراث من الإمام الحسن العسكري عليه السلام، راح ينشر دعوته بين الشيعة، فهو ما زال يأمل منهم أن يتقبلوه إماما، هو يعمل على الحصول على ما لا يستحق وما ليس له، وعنده الأمر في هذه المرحلة تتعلق بالأمور المعنوية وهي الطريق المؤدي إلى الماديات والحياه التي يحلم. 
دائما أفكر في أمر جعفر الكذاب من أين له هذا الأمل؟ 
وكيف يستطيع أن يخادع نفسه؟ 
فهو لا شك يبحث عن كل السبل لتحقيق الكذب وديمومة خداعه لنفسه ويعرف كيف يخدعها لذلك يرى أن نصيبه من ميراث الإمام الحسن العسكري يجعله ينشر دعوته بين الشيعة بيسر، متوهما أن الشيعة ناس سذج تقودهم العواطف، يقدم نفسه لهم بأنه الوريث الشرعي والحقيقي للإمام الحادي عشر وأن له دراية في الدين والعلم، أذهلني هذا الرجل كلما أتفكر فيه، في وضعه النفسي يصيبني العجب، كيف يستطيع أن يبني وجوده النفسي معتمدا على محفزات سلبية؟ 
هل كان يعلم بها سلبية؟ 
و يصر عليها أكان مخدوعا بها لأن الشيعة أنكرته و أنكرت علميته واتهموه بأنه لم يصل أربعة أيام، نصحوا جميع الشيعة بالابتعاد عنه، لهذا يئس منهم تماما، لمثل هذه الشخصية طاقات غريبة فعلا، بعدما خذلته آماله من الطبيعي أن يبحث في شتى الأساليب لإنقاذ نفسه ولحصوله على محفز معنوي حتى لو كان عند الأعداء، لهذا توجه فعلا إلى أعداء الطائفة الشيعية للحصول على مساعداتهم، تفاوض مع أبناء فارس بن هاشم بن ماهويه القزويني وهو رجل زنديق معروف بعداوته لأهل البيت عليهم السلام، لعنه الإمام سلام الله عليه ولم يتخل القزويني عن زندقته، وواصل دعوته إلى الثورة على الإمام عليه السلام، جعل الجنة تبعا لراس القزويني، ثم قتل بطريقة غامضة. 
 عندما يتسخ عقل الإنسان وقلبه فأنه سيعجز عن كسب الناس إلا بطرق ملتوية، بمشاريع هي أساسا ملتوية، لهذا بقي جعفر الكذاب يحوم حول أتباع القزويني بأحاسيس مزيفه تتبع الفرصة والمصلحة، امتدح جعفر الكذاب القزويني ووصفه بأنه مؤمن صادق الإيمان، استطاع أن يكسب أتباع القزويني وراحت عائلة القزويني تشييع خبرا أن الإمام علي الهادي قد عين أخاه جعفرا ليكون خليفته واتخذ جعفر هذه الدعاية، لكشف المتكلم المعروف علي بن الطاهي الحزاز أحد رؤساء  الفطحية من طوائف الشيعة ولكن أتباع جعفر لم يستطيعوا المحافظة على طائفتهم وازدادوا اختفاء حتى أن الطوسي لم يعرف لجعفر أتباعا، الأخبار التي وردت كثيرة عن جعفر ومسارات عمله لكنها لا تعنينا بشيء لأنها غير مجدية، ونسال هل قضية جعفر  تنحصر بالأمور المادية؟ 
أم هناك عوامل أخرى غير المال؟ 
الذي أعرفه أنه يتبع أي ملة وأي قوم من أجل الرئاسة، أن يستولي على منصب الإمامة، كان مقر جعفرا سامراء و الإمام العاشر والحادي عشر مقيمين فيها أيضا تحت الإقامة الجبرية، وكانت سامراء أرضا رديئة بالنسبة للشيعة، لقد أنشأت سامراء بوصفها مستعمرة عسكرية للأتراك حتى لا يعاني سكان بغداد من عبث الجنود الأتراك والجيش التركي منذ بداية تواجده هو ضد الشيعة، المشكلة التي يعاني منها جعفر وغيره من المحتالين أنهم يتصورون أنفسهم يمتلكون مقدرة خاصة بالذكاء والفراسة والتحليل والتعليل وكأن الخصوم لا يمتلكون البدائل، ويرون أنفسهم أذكى من غيرهم، ولا أعرف كيف كان وجه جعفرا حين عرف بأن السفير الأول انتقل إلى بغداد وأقام بجانب الكرخ الذي لا يسكنه غير الشيعة وأصبحت بغداد هي مركز الحركة الشيعية، والناحية المقدسة التي كان الشيعة يحملون المال إلى السفير فيها من مراكز بعيدة ويقدمون له أسئلتهم. 
بالمناسبة، جعفر الكذاب ليس وحده بالساحة ممن استعانوا بالحيلة لتمثيل الإمام عليه السلام، وبهذا ستكون هناك شراكة لأكثر من محتال، ولأكثر من عدو يزاحم السفير فظهر الشريعي الحسن أبو محمد هو الآخر سبب للسفير المتاعب ومصائب كثيرة، كان الشريعي صديقا حميما مقربا للإمام العاشر والحادي عشر وشعر هو الآخر من حقه أن يطالب بمنصب السفير، ومن صفات المحتال أنه لا يلتزم بعرض أو قانون وإنما تقوده مصلحته لأي جهة يذهب، لهذا الشريعي طالب بالسفارة المهدوية، أما الشيعة دربتهم المصائب وخبرتهم الحياة رفضوه ولعنوه، وتبقى القضية المهدوية لها رجالها وقادتها وناسها ولهم وسائلهم في الدفاع عن الحق.
السفير الأول للمهدي عليه السلام كان يخفي نشاطه الوظيفي على الحكومة ببراعة حتى أن الأخبار عنه قليلة، لا تعرف الوسائل التي كان يستعملها لمكافحة أعدائه من الداخل والخارج، الأسئلة التي وجهها الشيعة مثيرة وكثيرة والأجوبة التي ولدت عنها موجودة لكنها للآسف معظمها ضاع، وجمعها عبد الله بن جعفر الحميري وآخرون لكن معظمها ضاع أيضا، ولم يبق إلا القليل في كتب، وردت حكايات مدونة غير موثوقة ولذلك أهملناها، والذي يدهشنا عند السفير هي القراءة 
 قراءتنا نحن عن الموقف الجهادي،

كيف تفسر المشاهد التي تمر على السفير والسفارة والأسئلة دائما تطرحها عن الإمام هل تعرف الإمام السؤال يوجه للسفير، هل تراه على السفير أن يجيب على هذه الأسئلة وإلا لأصبحت سفارته مشكوك فيها الأسئلة عن اسم الإمام فكان من الممنوع التلفظ باسم الإمام في حينها ويعلل السفارة، بأن معرفة الاسم يعرض الإمام لمطاردة أعوان الحكومة، هذه الأمور تعرض السفير إلى الخطر إذا ادعى معرفة المهدي والحكومة تجد في طلبه، مات السفير الأول، أرسل الإمام الحجة رسالة إلى ولده يعزيه وتعين ابنه جعفرا خليفة له ويقال أن له ابن ثاني يدعى أحمد فتولى الابن السفارة ودفن الأب رضوان الله عليه في جانب الكرخ من بغداد، بمسجد يسمى مسجد درب، والذي يقع بتقاطع مع شارع الميدان.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=201153
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 03 / 18
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 19