تنفتح الرؤية عبر الأحاسيس والمشاعر ليكون مضمونها مضمونا روحيا، هناك إمكانية قراءة هذه المضامين قراءة فكرية عبر عنها سماحة السيد أحمد الصافي بـ (المضامين المنجية) لأدعية الصحيفة السجادية للإمام السجاد عليه السلام، وإمكانية الاستفادة من هذه المضامين بما يماثل بجودها الروحي
- الاستعانة بها بشكل يومي وجدي.
- تحثنا على التحلي بالأخلاق التي أرادها الله سبحانه وتعالى.
- تعرفنا بقيمة الدنيا التي نعيش فيها، وأهمية أن نعاشر الناس بالحسنى.
- معرفة علاقتنا بالله تبارك وتعالى، ومديات العلاقة مع الشيطان في الأثر الدنيوي.
- نتعلم كيفية التخلص من الصراعات النفسية التي تمر بنا للوصول إلى نتيجة ترضي الله تبارك وتعالى.
ويشكل هذا المحتوى استنهاضا للقيم الروحية، وتنبيه وتذكير لطريق الإرشاد أو لطريق معاينة الذات، وخير واعظ يتخذه الإنسان من نفسه، وحسن اختيار الرفقة قال رسول الله "صلى الله عليه وآله" سأل الحواريون عيسى "عليه السلام":
ـ يا روح الله من نجالس؟ قال من يذكركم الله رؤيته، ويزيد من علمكم منطقه، ويرغبكم في الآخرة عمله.
يمثل الأدب الدعائي آليات الإدراك الروحي في مخاطبة الله سبحانه وتعالى شعورا وجدانيا بوعي حقيقي يتجلى في منطق الدعاء وفكرته وهدفه التقرب إلى رضا الله سبحانه وتعالى واستعمال صيغ التفضيل (واستعملني بما هو أرضى) الرضا درجات والدعاء يسمو إلى أفضلية الرضا الإلهي، وشرح مضمون هذه الصيغة التفضيلية ولتوضيحها هناك مكان له فضيلة، هناك الزمان الذي له فضيلة.
مثلا المكان الأفضل الكعبة المشرفة والزمان الأفضل زمان الحج أو الدعاء تحت قبة سيد الشهداء، أيام الزيارة كليلة القدر يوم الجمعة، ومطلق الزيارات، والمعنى استثمار أفضلية الزمان والمكان، أن يدعو بما يتناسب مع هذه الفرصة، وهذا الأمر ينتج أثر في الدعاء، وأثر في القبول وحضور الزمان المناسب والمكان المناسب، يضيف لخاصية الدعاء روح معنوية وعاطفية وإحساس.
واستخدام لغة دعاء الإمام السجاد عليه السلام الرصينة تمنحنا التعبير الأنسب، يقرب لنا مفهوم مراتب الرضا، يطرح مفهوم المراتب، أفكار معرفية لها معانيها ودلالاتها وتأثير تلك المراتب في الدعاء، مراتب رضا الرحمن كثيرة ومواطنه واسعة، ولا بد للإنسان أن يستثمر هذه المواطن وموارد الرضا من المنازل الكثيرة عند محاولة فهم المراتب، علينا أن نقرأ الفقرات التي استشهد بها سماحة السيد أحمد الصافي ونقف عند ثلاث مفردات مهمة
(النطق/ الإلهام/ التوفيق)
ثلاثة مطالب يعززها الفكر الإنساني لتقويم السلوك بما يقربنا إلى رضا الله تعالى
(أنطقني بالهدى/ وألهمني التقوى/ ووفقني للتي هي أزكى)
عمق الموضوع عبر سؤال يستعرض الفضيلة بشكل تحليلي.
من الطبيعي أن نقول إننا نتكلم في سبيل الله ونعمل لوجه الله لكن هل في هذا القول والعمل أصبنا الواقع أم لا؟
نقدم الصورة المعبرة عن الجواب الأمثل، هناك شرط لا بد منه كي نجتاز ونتجاوز العوامل المنغصة للقرب والعوامل المعيقة، وننتصر على الشيطان الذي يريد أن يجعل عملنا منحرفا، ويكمن هذا الشرط في أن نبدأ بنية صالحة وننهي العمل بنية صالحة.
نجد أن طلب الدعاء بمثابة تفسير وتحليل الكثير من الأمور التي تترك أثرا بالغا في علاقة الإنسان مع ربه سبحانه وتعالى وعبر الدعاء الطلبي (اللهم اجعل عواقبنا على خير) لأننا لا نعرف العاقبة، وهذا أسلوب من أساليب تقديم الإرشاد الوعظي بطريقة غير مباشرة، أي بمعنى أن على الإنسان أن يفكر بعاقبة الأمور كونه معرض إلى الفتنة أو الابتلاء، ولا بد من تمحيص الذات على الثبات، ويحمل الدعاء سمات المنظور الاجتماعي المعرفي.
يرى سماحة السيد أحمد الصافي أن طريقة الإسلام طريقة واضحة وهي الطريقة التي تكون مقبولة عند لله تبارك وتعالى، الاهتمام بأمور الآخرين على وفق ما أمر الله سبحانه وتعالى حتى وصل الأمر أن يكون (صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصوم)
وتحدث عن تجربة اجتماعية انطلقت من صلاة الجمعة (الصندوق الخيري لزواج الشباب وللمرضى وللمحتاجين) وحث الناس على إقامة صناديق خيرية في الدائرة أو في السوق أو في المحلة، يعاني الكثير من الناس من الخسارة مهما كان نوعها، فيصلون إلى حالة اليأس ويعطينا الإمام علي "عليه السلام" المفهوم الأصلح لمعنى الخسارة (من قصر في أيام أمله قبل حضور أجله فقد خسر عمله).
ويقول (لا تصلح دنياك بمحق دينك) فتكون من الأخسرين أعمالا، ويرى سماحة السيد الصافي قد يخسر الإنسان مالا أو يخسر صحة أو قد يخسر دارا لكن لا يخسر دينه، هذا الشيء الوحيد الذي لا يقبل المساومة، عندما يصل الأمر إلى مسألة الدين لا يفرط الإنسان في دينه.
لهذا قتل الأنبياء بسبب الدين، وقد يوجد فينا من يبيع دينه لكن غير ظاهر، وفينا من لو يقطع جسده لا يبيع دينه ولله الحمد.
|