يشيع الخطاب المعرفي عوالم مهمة تعبر عن حاجات الإنسان الروحية وغايات ترتبط بجمال الحقيقة الإلهية المطلقة والتي من خلالها يجسد دعاء أبي الحمزة الثمالي التسامي والارتقاء بالشأن الروحي عبر البصيرة النافذة للدعاء، وبحث سماحة السيد أحمد الصافي عن الجوهر الحقيقي لمضامين هذا الدعاء وقيمه، ولكي أسهل مهمه القراءة جزأت هذه العوالم إلى سلالم ارتقيها عساي أصل إلى المرتقى الروحي للعمل.
(السلم الأول... الميزان)
يكتسب الإنسان مجموعة من الأفكار وقد تضمنت بعض التناقضات سواء كانت من التربية الأسرية أو من المجتمع أو المدرسة أو من العلاقات العامة فيكتسب الإنسان معارف قد تكون سلبية أو إيجابية، يحتاج إلى مميزات لتصويب وتقويم المبادئ، وكلما التفت الإنسان مبكرا في حياته استطاع أن يقوم الدخيل الغير متنامي بعد، قبل أن الى الصورة التي يصعب اجتثاث الدخيل، مذهب أهل البيت عليهم السلام له ثوابت وأبعاد وتوجهات روحية تتعالى نحو عالم الحق، الأمر الذي جعل من عمر الملتزم له حساباته، كلما كان صغيرا نديا كان صلب الإيمان قويا، لأنه لم يكتسب بعد في الحياة سوى نهج أهل البيت عليهم السلام، تربى على هذا النهج سيسيطر على آليات هذا الميزان، الإنسان الذي يكتسب معارفه من مناهل شتى، قد يحور تلك الأفكار من الواقع الفكري عنده، قد توجه الأفكار وفق معتقدات قد تكون بعيدة عن الحق عن منهج أهل البيت عليهم السلام هو الميزان الأصوب للارتقاء بالأفكار إلى معانيها الروحية، تجربة الذات الإنسانية عبر مجاهدات روحية تستبصر ما وراء تلك الأفكار للوصول إلى الحقيقة بواسطة الارتباط الرسالي لمنهج أهل البيت عليهم السلام
***
(حكاية)
يروي لنا سماحة السيد احمد الصافي حكاية ترتبط بالتجربة العلمية وبالمعتقد، ورؤية الدين عبر ذلك الدخيل السلبي الناتج إثر التأثر بمناهج غير صحيحة، حكاية زرارة بن أعين، رجل له متبنيات فكرية اكتسبها من تجارب سابقه، سأل الإمام الباقر عليه السلام بعض الأسئلة فأعطاه الإمام صحيفه ليقرأها وحين سألوه عن الصحيفة أجاب باطل ما جاء فيها، لماذا؟
ـ يختلف عن بعض ما بأيدي الناس من أفكار، ذهل عندما عرف أن الصحيفة بإملاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبخط أمير المؤمنين عليه السلام
***
(السلم الثاني)
(العلم)
قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم العلم النافع، أئمة أهل البيت عليهم السلام قدمهم للعالم منهلا من أوسع مناهل المعرفة لكن العلم يكمن في قضية أساسية ليس كل من يدرك الحق يعمل به، منطق معرفي دقيق، في واقعة الطف المباركة، هناك الكثير من كان يعرف الحسين عليه السلام، فما نفعت تلك المعرفة؟ وما نفع العلم بلا عمل.
***
(حكاية)
منح رسول الله صلى الله عليه آله وسلم المصلين ساعة للدعاء، ووعدهم بإجابة الله لهم، تنوع الدعاء في طلب الرزق، البيت، الزوجة الصالحة، التجارة المربحة، وانتهى الوقت قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لو كان أويس حاضرا لعلمكم كيف تدعون.
المكنون الأول
معرفة من هو أويس؟
أويس القريني رجل من أهل اليمن، لم يدرك النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان بارا بأمه يداري أمه وهذا السبب الذي منعه من المجيء للمدينة
المكنون الثاني
ما هو دعاء القريني لو كان حاضرا؟
حين قدم المدينة في عهد الحاكم الثاني سألوه لو كنت معنا هناك ماذا كنت تدعو؟ أجابهم قال: لدعوت الله سبحانه وتعالى (اللهم ابق لنا محمدا وآل محمد إلى يوم القيامة) هذا ما كان دعائي، منبع الخير هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وبقيه الأمور لا قيمة لها أمام هذا الوجود المبارك.
(السلم الثالث... الاستثمار)
عرفنا الإمام الصادق عليه السلام بعلمية النبي صلى الله عليه وسلم فهي تفوق علمية الأنبياء جميعهم، وانتقل هذا العلم إلى أمير المؤمنين وإلى بقية الأئمة الأطهار عليهم السلام، القضية هي في كيفيه استثمار هذه النعم، استثمار هذا الدعاء يقول (اللهم إني كلما قلت قد تهيأت وتعبأت وقمت للصلاة بين يديك وناجيتك، ألقيت علي نعاسا إذا أنا صليت، وسلبتني مناجاتك إذا أنا ناجيت) (كلما قلت قد صلحت سريرتي، وقرب من مجالس التوابين مجلسي) لو بحثنا في سر العلاقة بين تلك المفردات لوجدنا السمو يتجلى نحو الإله المطلق في جمال الدعاء.
(أ) النوايا
القول يفصح لكنه يخلو من نية، قلت غير نويت، وكلما تدل على استمرارية القرار، ننظر إلى فقرات القرار تهيأت، تعبأت، قمت للصلاة، ناجيتك
(ب) الاستعداد
جعل الإمام عليه السلام للصلاة قيمه عالية علينا أن ننجز التهيؤ وتعبئ لنقف أمام الصلاة بين يدي الله سبحانه وتعالى.
(ج) المناجاة
﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ﴾، هذا تصنيف المطلق، الله سبحانه وتعالى لمعنى المناجاة التي لا بد أن تستند على
مهام روحية اجتماعية، رصيد النجوى مع الله سبحانه وتعالى المعروف والإصلاح، هذه هي الأهمية الروحية التي تتجلى في البحث.
(د) السريرة الصالحة
هذه العبارة تقوم على مجموعة من الأفكار والعناصر المتداخلة في تكوين السريرة الصالحة، النية، والدعاء، المكانة والأخلاق صلاح السريرة الاطمئنان، وصلاح السيرة مغنم ولا قيمه لأي عمل دون إصلاح السريرة وهو من المطالب الكبيرة التي يسعى لها المؤمن، إصلاح السريرة يجعل الدعاء يسمع عند الله، ويخشع القلب وتقبل الصلاة، والصلاة على محمد وال محمد.
|