• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : زعزعة العقيدة وخلخلة اليقين .
                          • الكاتب : صالح حميد الحسناوي .

زعزعة العقيدة وخلخلة اليقين

 كل واحد منا يمتلك عالمين، عالم الخارج، صاحب لسان الدرب الذي يجادل ويناقش ويحاور.
وهناك من يصدر الأفكار الإلحادية الغريبة التي حفظها عن ظهر قلب، ولدينا عالم الداخل عالم الصمت والضمير ومراجعة النفس وحسابها، كأن هذا العالم أشد قسوة وضراوة على أنفسنا، والمشكلة أننا جعلنا من أنفسنا عالما سريا لم نكشفه حتى لأصحابنا من صغار الملحدين، وهذا العالم يجهله الناس الكبار وأهل الدين ممن كان يحاورنا، هو لا يعرف أننا نتعذب في الداخل، أنه يجلدنا بحكمته، لا يرى منا سوى العالم الخارجي الصلف، أي رجل يتعامل مع إنسان قليل الخبرة ضعيف الحجة عليه أن لا يتركه لمجرد أنه عمل بالرفض أو الصد، لا بد من التحمل كل محاورة نواجهها بما نملك من عالمنا الخارجي، وهي تزيدنا وجعا وقلقا وشدة، حساب لا يرحم هذه حقيقة، هي جزء من واقعنا الذي عشناه، كنا نتجاهل من ينصحنا، نكابر في قبولهم ونكتسب منه على مستوى العالم الثاني الأخلاق والعلم والمعرفة والتربية ويجعلنا على أهبة الاستعداد ليقظة دون أن  يدري.
حاورني أحد الشيوخ المثقفين، - قال تسمح لي بسؤال؟ 
- قلت نعم
- قال حين أناقشك أعرف مصادري هي القران الكريم كتاب الله سبحانه وتعالى ونهج أهل البيت عليهم السلام، وسادتنا وعلمائنا، أنت هل تعرف مصادرك؟ 
رفع الزحمة عني وقال، في بداية عصر الترجمة في العصر العباسي ترجمت الكتب اليونانية لتدخل الصفات المختلفة إلى المجتمعات الإسلامية، والقصد ليس تثقيف الشعوب، بل إفساد العقول بمحدثات وشبهات، وصارت عندنا مدارس فلسفية وكلامية.
الغرض الحقيقي كان زعزعة العقيدة وخلخلة اليقين عند الناس، تحول الإيمان إلى مسرح للشبهات، سالت شيخنا
- وأين دور العلماء المسلمين؟ قال
- لقد جاهد أئمة أهل البيت بقضية مهمة الآن غفل العالم عنها، عمل الأئمة بأسلوب أخلاقي، فسحوا المجال للملاحدة حتى طرحوا الأسئلة والشبهات ولم ينتقدوا أي ملحد بشيء فيه، اعتمدوا الدليل والأسباب العقلية في المنهج الاستفهامي والانكاري ووضع الضرر المحتمل والاستفادة من القواعد العقلية والمنطقية والتأكيد على أهل الفكر والاستدلال بالبراهين النفسية بالاستشهاد بالنفس الإنسانية، والرجوع إليها وإقامة الدليل بالاستفادة من العلوم التجريبية لنفي الإلحاد.
القضية أن لا أحد يحاول أن يفهم هؤلاء الشباب فابعدوهم، وكان بالعكس لا بد أن يقربوهم لكسر روح المكابرة فيهم، سألوا الإمام الصادق عليه السلام عن أدنى الإلحاد قال عليه السلام (إن الكبر أدناه) وقال (توارث الإلحاد ذرية الشيطان) والجريمة التي يرتكبها الملحد بحق نفسه أولا أنه ينفي وجود الله سبحانه وهو خالقه، دون أن يقر به، ويرفض الأدلة مهما كانت قوية، الإلحاد يتبع الإفساد.
لماذا يهرب الملحد من الأمور الحسية، لأنه يبني منطقه على معاكسة المنطق، يرفع شعار النظرية الحسية، كل شيء غير محسوس هو غير موجود، ولا يعرف أن المحسوس من مدركات العقل.
قال أحد الراشدين معلومة أقلقت الشباب هل أنت تسمع بأذنك؟
أجاب لا...
الأذن والأعصاب ينقلون ذبذبات كأي طبلة وأسلاك، والمخ ليس هو الذي يسمع، بل هو جهاز ينقل الإشارات إلى السمع، إذا كان السمع موجودا ماديا أين هو؟
- أين مكانه، وأن لم يكن موجودا فلا يمكن أن يسمع، السمع غيبي ليس شيء مادي، السمع قوة من قوى الروح ترتبط بالبدن الذي يفهم منه ويجيبه ليس بدنك، بل روحك بواسطة آلية معينة.
 يبدو أننا كنا مغرورين فعلا الكلمات التي لا تؤثر بنا سرا نرفضها، الآن صرنا نتندم على أشياء كثيرة من الأمور قد فاتتنا، استغفر الله تعالى، هناك قول لأمير المؤمنين عليه السلام (يا من دل على ذاته بذاته) أين كنا عنها، هناك قول للإمام الحسين عليه السلام (متى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك، عميت عين لا تراك عليها رقيبا)، أين كنا عن دعاء مولاي زين العابدين عليه السلام، (بك عرفتك وأنت دللتني عليك ودعوتني إليك ولولا أنت لم أدر ما أنت)، أين كنا عنها.
سأل رجل الإمام الرضا عليه السلام: يا بن رسول الله ما الدليل على حدوث العالم؟ أجابه عليه السلام «أنت لم تكن فكنت وقد علمت انّك لم تكوِّن نفسك ولا كونك من هو مثلك».
توصلت أخيرا إلى قضية مهمة، العلم عصم الإنسان من الخلل، أغلب العلماء الملحدين قد تابوا إلى الله وأعلنوا رجعتهم بعد تمحيص العلم، وقد كان للقنوات الفضائية ومنتديات الانترنت الدور الرئيسي في إفساد عقول الشباب ودعوتهم للتمرد على الدين وأهله، إن خطورة هذه المرحلة تتمثل في سرعة انتقال الفكرة وسرعة انتشارها وتأثيرها، خطورة الفكرة تصل إلى أن هي من تصنع الفكر.
لنتوكل على الله سبحانه وتعالى
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=200997
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 03 / 15
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15