• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : قراءة في كتاب .
                    • الموضوع : حوار مع كاتب وكتاب العلم والهداية .
                          • الكاتب : صدى الروضتين .

حوار مع كاتب وكتاب العلم والهداية

 الكتاب... الإمام جعفر الصادق عليه، السلام زعيم مدرسه أهل البيت عليه السلام

الكاتب... الدكتور محمد حسين الصغير

علم الإمام الصادق عليه السلام بالغيبيات أثار جدلا كبيرا عند علماء الجمهور، البعض أحاله على المبالغة والمغالاة والبعض الآخر أحاله على الحدس والفراسة، والمصادفة والتخمين، ولا يمثل عندهم جوهر الدين وأصل الشرع
 
الدكتور محمد حسين الصغير:
ـ هذا الإشكال مفتعل وإلا فأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وضح الأمر لهم (وإنا أهل البيت من علم الله علمنا، وبحكم الله حكمنا، ومن قول صادق سمعنا، فأن تقتفوا آثارنا تهتدوا ببصائرنا، معنا راية الحق من تبعها لحق ومن تأخر عنها غرق).
المعنى واضح، ربط الإمام علي عليه السلام بين العلم الذي يحملونه وبين الهداية، فمن عنده العلم الناصع بأدلته وبراهينه، اتباعه يوجب المعرفة بحقائق الأشياء، سيما وأن مصدره الله تعالى، تلقائيا بالسماع من رسول الله صلى الله عليه وآله، أما من لا علم لديه فلا هداية، والإمام الصادق عليه السلام في الذروة من أعلام الهدى في قدرته العلمية التي فاقت حدود الإحصاء في الاستيعاب والموضوعية والمنهجية دون أساتذة وشيوخ، من كان علمه من علم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو في غنى عن الأخرين.
وفي تحليل علمي للإمام جعفر الصادق عليه السلام، هلع الطغاة وملاحقة الجبابرة وهم يجدون في الإمام ظاهرة فريده، عسى أن يجدوا عائقا يحول دون هذا الظهور العلمي، كيف لهم ذلك والإمام يصدر في علمه عن ذلك المعين الذي لا ينضب

صدى الروضتين: ـ كتبوا كثيرا عن الملاحقة والتعقب السياسي وهذا أمر مسلط الضوء الإعلامي عليه لكن التعقب العلمي لم يمنحه الإعلام الصورة الواضحة؟
 الدكتور محمد حسين الصغير: ـ لان الخلفاء كانوا يبحثون عن المقدمين علميا عند العروش، وهؤلاء قليلون بالنسبة للمعقبين السياسيين.
مثلا: استعان المنصور بابي حنيفة، فقال: يا أبا حنيفة إن الناس قد افتتنوا بجعفر بن محمد فهيئ له من المسائل الشداد، فهيأت له أربعين مسألة.
ثم بعث إلي أبو جعفر وهو بالحيرة فأتيته فدخلت عليه وجعفر بن محمد جالس عن يمينه، فلما أبصرت به، دخلتني من الهيبة لجعفر بن محمد الصادق ما لم يدخلني لأبي جعفر!!
فسلمت عليه فأومأ إلي فجلست. ثم التفت إليه فقال: يا أبا عبد الله هذا أبو حنيفة.
قال جعفر: نعم - ثم أتبعها - قد أتانا. كأنه كره ما يقول فيه قوم أنه إذا رأى الرجل عرفه. ثم التفت المنصور إلي فقال:
يا أبا حنيفة ألق على أبي عبد الله مسائلك. فجعلت ألقي عليه فيجيبني
سالته أربعين مسالة فكان يجيب نعم أنتم تقولون كذا وأهل المدينة يقولون كذا ونحن نقول كذا.
طبقة من العارفين اتجهوا صوب الإمام الصادق عليه السلام بغية الوصول لمآخذ العلم الإلهي، ومنهم عنوان البصري، لخص الإمام عليه السلام هذا العلم: ـ إنما هو نور يقع في قلب من يريد الله سبحانه إن يهديه، فأن أردت العلم فاطلبه أولا في نفسك بحقيقة العبودية، فسأله: يا أبا عبد الله ما حقيقة العبودية؟ فأجابه
ثلاثة أشياء أن لا يرى العبد لنفسه فيما خوله الله ملكا لأن العبيد لا يكون لهم ملك، يرون المال مال الله يضعونه حيث أمرهم الله به، ولا يدبر العبد لنفسه تدبيرا، وجملة اشتغاله فيما أمره الله تعالى به ونهاه عنه، فإذا لم ير العبد لنفسه فيما خوله الله تعالى ملكا هان عليه الإنفاق فيما أمره الله تعالى أن ينفق فيه، واذا فوض العبد تدبير نفسه على مدبره هانت عليه مصائب الدنيا، وإذا اشتغل العبد بما أمره الله تعالى ونهاه لا يتفرغ إلى المراء والمباهاة مع الناس، فاذا أكرم الله العبد بهذه الثلاثة هانت عليه الدنيا وإبليس والخلق، ولا يطلب الدنيا تكاثرا وتفاخرا ولا يطلب ما عند الناس عزا وعلوا ولا يدع أيامه باطلا، هذا أول درجة التقى.
صدى الروضتين: ـ ما الذي أنتجته لنا محاورة العارفين مع الإمام الصادق عليه السلام من نصائح وصايا
دكتور محمد حسين الصغير: ـ ترك لهم تسع وصايا، ثلاث منها رياضة النفس، ثلاث في الحلم، وثلاث في العلم.
سأل عنوان البصري أن يبين له ما هي فأجابه الإمام الصادق عليه السلام، التي في الرياضة إياك أن تأكل ما لا تشتهيه فانه يورث الحماقة والبله، ولا تأكل إلا عند الجوع، وإذا أكلت فكل حلالا، وسم الله واذكر حديث الرسول ما ملا آدمي وعاء شرا من بطنه، فأن كان ولا بد فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه.
 وأما اللواتي في الحلم، قل لمن يشتمك إن كنت صادقا فيما تقول فأسأل الله أن يغفر لي، وأن كنت كاذبا فيما تقول فالله أسأل أن يغفر لك، ومن وعدك بالخفاء فعده بالنصيحة.
وأما اللواتي في العلم فأسأل العلماء ما جهلت وإياك أن تسالهم تعنتا وتجربة وإياك أن تعمل برايك شيئا، وخذ الاحتياط في جميع ما تجد إليه سبيلا، واهرب من الفتيا هروبك من الأسد ولا تجعل رقبتك للناس جسرا.
في هذا المنحى من التوجيه الهادف نجد الإمام يؤكد أن العلم نور يقذفه الله في قلب من يشاء من عباده ولا شك أن علم الإمام من هذا الجنس، ونلاحظ الإمام في هذه الشذرات الثمينة يراعي مقتضى الحال، يضيف لطالب العلم وهو من السالكين وصايا نادرة واقعية في رياضة النفس، الحلم ومتابعة العلم وكلها تصب في روافد العلم الإلهي فلا علم بلا تقوى ولا علم بلا حلم

صدى الروضتين: ـ إبعاد علم الإمام الصادق عليه السلام وتحدي نواميس الكون؟
الدكتور محمد حسين الصغير: ـ لعلم الإمام الصادق عليه السلام مصادر فوق حقيقة الأشياء، حلم غير خاضع لمقاييس التعليم التقليدية الإمام عليه السلام لم يحضر حلقة دروس العلماء بل حضر العلماء حلقات دروسه،  ولم نعهد له أساتذة وشيوخا، ولم يتدرج بمعلوماته من الأسهل إلى الأصعب، ومعلوماته في شبابه وكهولته وشيخوخته كلها حلقة واحدة مفرغة، لا تفاضل بين أزمنتها، كما هو شأن العلماء في الأخذ المسلكي النظامي ،أشار الإمام عليه السلام إلى أبعاد هذا العلم ليشمل الخوارق ويتحدى نواميس الكون ،فإن سألوه أي شيء من العلم عندكم فقال الإمام ما يحدث بالليل والنهار والأمر بعد الأمر والشيء وبعد الشيء إلى يوم القيامة، وهذا الاستغراق الشمولي يوحي بعدم إحاطة الفكر التقليدي بحيثيات هذا العلم، ويصرح بالبعد الغيبي الذي يمر روافده بهذه الموسوعة  الشامخة
 
صدى الروضتين من أين يستقي الإمام علمه؟ وكيف يعلم بالغيب، وما هي الطرق الموصلة لهذا العلم؟
الدكتور محمد حسين الصغير: ـ كان الإمام عليه السلام دائما يشير إلى ما يفاض عليه من الغيب المجهول، ولا يتردد لحظة في التأكيد على هذه الظاهرة، هذا النوع من العلم لا يتوفر في النظر الفعلي إلا للإمام المعصوم، فهو ظاهرة لم تسبق، وبادرة لا يحيط بها احد،
 ورد في كتاب بصائر الدرجات صفحه 22 محمد بن الحسن الصفار، كان ما يدور من حديث أهل البيت عليهم سلام الله في الدرجة القصوى من الصعوبة إدراكا، لا من حيث مضمونه وطريقة عرضه فهو مفهوم بيسر وسماحه، من حيث روافده وموارده وتحمله في شتى الظروف الدقيقة، والنوازل الحادثة، لأن فيه اختراقا هائلا للحواجز المألوفة، وخروجا من الإدراك المتداول، لهذا قال الإمام الصادق عليه السلام إن حديثنا صعب، مستصعب، شريف، كريم، ذكوان، ذكي، وعر لا يحتمله ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا مؤمن ممتحن، قيل فمن يحتمله؟ أجاب من شئنا..
اللهم صل على محمد وال محمد




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=200979
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 03 / 15
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15