• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : قراءة في كتاب .
                    • الموضوع : المتعلقات الشعرية في مجموعة (ياقوت) للشاعر زين العابدين السعيدي .
                          • الكاتب : علي حسين الخباز .

المتعلقات الشعرية في مجموعة (ياقوت) للشاعر زين العابدين السعيدي

 من المعروف أن القصيدة عبارة عن كلمة جوهرها الصورة الشعرية القادرة على ترجمة الأفكار المنتجة لرؤى معبرة عن رسم عوالم الواقع، ويعتمد ذلك على خبرة الشاعر في بناء الصورة الشعرية، والتي هي السمة الجمالية التي تشكل هوية الشاعر.

الشاعر زين العابدين السعيدي في مجموعته الشعرية ياقوت استطاع أن يبني متعلقات جديدة لكل مفردة من المفردات التي يتعامل معها، ويكوّن من هذه المتعلقات مسارات جديدة لبناء شعرية المنجز.
 فقد مثلت مفردة (الباب)
المتعلق الأول... باب من الجهل للنور
المتعلق الثاني... باب من الكذب لآخر صدك ينكال
المتعلق الثالث... باب من المرض للعافية التنشاف
المتعلق الرابع... باب الكل بشر سدوا بوجه الباب
ثم يتوسع بتلك المتعلقات إلى متعلقات جديدة، ليبني من ذلك الباب مساحة واسعة من التعبير... مساحات غالبا ما تكون مبتكرة.
(باب أنت
... وتفز للفقرة جف وصوت... إذا دفعوا عليهم باب)
ستحضر في ذاكرة المتلقي أحداث الباب المفجعة، ربط الذاكرة بالوجع وبالرؤية الذهنية لمعالم (دفعة الباب) ومن هذا المنطلق الذهني لأحداث الباب تتوسع الدلالة لتكون تارة لضلع الزهراء عليها السلام
(طاري الباب يلجم ضلعك مرادف
 يلجمك وأنت داحي الباب)
الفرق كبير بين من يدفع الباب ليكسر ضلع سيدة نساء العالمين، وبين من يرفع باب خيبر لتطل منه رايات الإسلام.
هذه المساحة المتغيرة بأثر تلك المتعلقات تنتقل إلى أحداث المحراب، ليطل على أمل الغد المشرق في ذاكرة السرداب، وإلى جرح التاريخ ليرسم صوره الشعرية تارة الباب هو النهر
(وكت الكيض طاريك نهر ينجاب)
ويصير هو السيف 
(سيوف أعداك يم سيفك تصير ركاب)
(يا غبشة صدك للناس من جان الصبح جذاب)
هو التواضع والنخوة والهيبة
(متواضع...
وأشوفك صاحي من أنخاك
 سلطان.. ودخيل الله شكثر تنهاب)
هذه المتعلقات هي أساسا عناصر تكوينية لبناء الصورة الشعرية، وتعكس مقدرته على التكثيف الشعري، ثم يؤكد حركته بين أحداث التاريخ، يفتح عوالم واسعة تعود إلى الباب، وهذا يدل على تماسكه لوحده الموضوع.
(قرآن ويلوذ بسدك القران
 وابن عمك مدينة وماكو غيرك باب)
تعطي الوحدة التكوينية قيمتها الجمالية والفنية للنص الشعري.
وتنفتح على متعلق دلالي آخر في قصيدة (سمار) ليبني من هذا السمار معنى سمار الرغيف
(بملحه تتعشى وخبز اسمر شعير
 الخزنة كلها بيتك وعندك حصار)
ثم تتحول المتعلقات إلى انعكاسات تكسر أفق الأزمنة، لتوسع الأفق التكويني لتلك الصفات والسمات على واقع الحياة عبر سؤال شيده متعلق من المتعلقات الحيوية (البيت)
(من أدور بيتك إشراح الكه بي؟
 بس حصير ورحى ومصلة وسمار
 هنّ ذني ببيتك اللي ما أدري عاد
 جان ملكك سيدي لو جان أجار)
ليخرج إلى الواقع المعاش عبر تلك المفردة
 (ومو عجيبة وأنت إمام الزاهدين
 عدنا مرجح هسه كاعد بالأجار)

فهو يختار مفردة، ولكل مفردة متعلقات، منها القريبة المألوفة، ومنها الغريبة المدهشة، تتضافر لتبني شعرية القصيدة، أي تكون تلك المفردة مركز يوزع مؤثرات الصورة إلى كل مسامات النص، وهذه المتعلقات تمتلك آفاق فكرية لها صلة بالواقع الفكري والإنساني، وترتقي بذهنية المتلقي إلى عوالم الفكر والشعور، ففي قصيدة (واهس شوف) جعل من هذا العنوان متعلقات دافقة بالمعنى فنجد الإهداء 
(الى ذلك الضوء الذي كان وما يزال مائدة الأضراء) جمع ضرير، ليرفد الصورة الشعرية بالمقومات اللازمة لتشكلها في إنتاج اللوحة الفنية المعبرة عن قوة خيال الشاعر من خلال تلك المتعلقات وتناميها، ليكون الشوف مصدرا تكوينيا وقيمة جمالية ويكون واهس الشوف هو المرتكز
(ما ترضه اليجيك يتيه...
ضريحك بي ضوه يستاهده الانجيل
 ضواك تحوكه المرايات واهس شوف للعميان)
تتعدد المتعلقات لتشكل هوية شعرية ورؤية عامرة بالمعنى
(يسبونك علن بس من تجي يدنكون 
ما عندهم جسارة لجدمك يصدون
 كاسر عينهم بالخوف والزينات)
كسر العين يأتي عبر محورين مهمين، أحدهما الخوف فهو أمير المؤمنين، صاحب السطوة  والمواقف التي زلزلت الأرض تحت أقدامهم
والكسر الثاني، هو المعروف الذي يجعل المروءة والإنصاف وأهل الفكر والرشاد يتبعون هيبة هذا الشوف البهي.
لهذا يكون المنطلق المفردة أو جملة في العنوان، والجميل أن لا يكتفي بالمتعلقات المعروفة، وإنما يذهب لخلق متعلقات جديده تفتح آفاقا شعرية إلى عدد من المواضيع في القصيدة، وهذا التوسع يمنحه مجالا للاشتغال الشعري، فمن قصيدة (دين الحنطة)
(سمارك دين للحنطة
 وعيونك مضيف يناغي المتيهين 
وضواك يفيض بالتاريخ... من تلكه شمس سنطة)
يتوسع عبر الإحالة إلى عدد من المواضيع التي تتنامى عبر هذا الانفتاح ليتواءم مع صور مخزونة في ذاكرة المتلقي، أحداث تاريخية يخلق من أطيافها صورة ومعانيها
(والا كلها تعرف بيك 
أنت أول شرارة تحزمت للطف 
تتعبه الراد زلة اعليك 
آية ومن ظهر مصحف)
وحسنة تلك المتعلقات أنها تسمو لآفاق فكرية
(اليظنك قصرت واهم
 مهدت الطريق بحكمتك لحسين 
وعبرت الإسلام من الفتن سالم
 وفهمت البعض قيمتهم شيسوون؟؟
 من شد شسع نعله بكربلا القاسم)
من أجل أن تحقق الصورة أثرها يعمل على أكثر من أسلوب ولكل صورة استقلاليتها ومع هذا يرتبط تكوينها عبر متعلقات تتوزع على فضاء النص، ففي قصيدة (خذلان السيوف)
 استحضر متعلق التضاد
(أمس سديت عيني بين صحوه ونوم
     اجه راعي الكرم يم قلتي بكبره)
واستحضر أيضا الصورة التوافقية
(ترى بوكتي الضمائر عوزهن تابوت 
ماتن موتة السباح بالصحرة)
تتفاعل تلك المتعلقات الشعرية عند الشاعر زين العابدين السعيدي لتنتج لنا أبعاد دلالية لها قدرة تحريضية تدفع إلى تكوين رؤى استباقية
(لازم ينبنن بجفوف اليحبون 
ويسد عين الشمس كون الضوه البيهن
ومن يظهر المهدي يصلي جمعة هناك 
زحمة نتاني يظهر حتى يبنيهن)

استطاعت مجموعة (ياقوت) أن تقدم لنا صحبة شعرية للولاء الحسيني، ولمنجز شعري موفق




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=197795
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2024 / 11 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15