: ـ أعذريني ابنتي، قالتها بابتسامة تطيِّب الخاطر، رغم أن الصدمة كانت بسبب الزحام، منذ ثلاثة أيام وأنا لم أنم يا بنيتي، منذ استشهد ابني وأنا ما عدت أبصر شيئا،
- عانقتها بكل ود وسايرتها بمحبة
: - أين استشهد ابنك يا عمة؟
: - كانت علاقة مودة بين ابني جواد علي ديوان الحسناوي وبين مرقد السيد محمد ابن الإمام الهادي (عليهما السلام) كان يزوره دائماً وعنده نبوءة استشهاد وليدي في قضاء بلد مودعة عند أهلنا وكان يحدث ولدي محسن بأمر الشهادة
أجلستها على رصيف مقابل صحن أبي الفضل العباس (عليه السلام)
: - كيف تركوك وحدك وأنت بهذا الحال؟
: - أنا من كربلاء وتعودت أن أزور مولاي كل خميس لهذا أبعدت نفسي من خبصة المأتم وجئت أزور
استيقظت على أنين قلب هذه المرأة وألم جراحي، شعرت أن السماء أقرب لمثل هؤلاء الأمهات، ماذا كان يفعل ماذا كان يعمل ابنك يا عمة
: - ابني جواد خريج كلية الإدارة والاقتصاد وموظفا أداريا في جامعة كربلاء
كنت أنظر إلى عيني المرأة وهي تقاوم الدمع والألم، أشعرها وكأنها جاءت من أقصى التواريخ تحمل تضحياتها هزجاً مقروناً بطلب الشفاعة
: - أنا ابني قاتل في سوريا دفاعاً عن مرقد السيدة زينب (عليها السلام) وقاتل ضد داعش في الموصل والأنبار وصلاح الدين وديالى لقد عرفته جلولاء مقاتلاً مدافعاً عنها وأحبته المدينة وناسها، حين أذكر تلك الأماكن التي قاتل فيها ولدي أشعر بالسعادة، عذوبة النصر الحقيقي عندما تتحدث الأم بهذا الفخر والأب والاهل والناس، يقول ابني محسن كنا حين نرى الحاج جواد في المقدمة نشعر بالطمأنينة
وكنا نستلهم منه الشجاعة وروح المقاومة والفداء وكان يزيد من حماس المقاتلين، جئت لأزور يا ابنتي ولأقول لمولاي الحسين ولمولاي العباس (عليهما السلام) استحلفكما بالزهراء (عليها السلام) وبالسيدة ام البنين خذو ابني عندكم لا تجعلوه يبتعد عن شفاعتكم، ما يسعدني يا ابنتي حين أرى ابني جواد أحد شهداء الطف الحسيني لذلك أنا أزور ابني في ضريح الشهداء فهذا فخر لي وارفع راسي به عالياً،
بلا شعور مني رحت أتبرك بعباءة هذه المرأة امسح بها وجهي تبركًا بعباءة أم شهيد بركة وليس لي إلا أن اشيعها لبيتها ولسانها يلهج بالدعاء قلت مع نفسي يا لمحاسن الصدف التي جمعتني مع ام شهيد بركة الله في هذه الامة.
|