ليس معقولا أن يموت ياسر، لا أحد يصدقني..
يكون الجواب دائما "كلنا نموت"، وهل ياسر يختلف عن البشر؟
هل لديه صك من الله يستثنيه من الموت؟
كنت أجيبهم نعم، أنا أعرفه عن قرب وأعرف كل تفاصيل حياته
المهم إنه رجل متصالح مع نفسه، قاسي عليها وهي راضخة لمعناه، تنمو وتكبر مع الأحداث الكبيرة التي يعيشها منذ كان مطاردا من قبل ذيول النظام العبثي الخائر
كان ينصحه الناس بأن يترك مدينته البصرة ويبعد عن أولئك الذين يحوكون ضده المخططات المهلكة
سألته يوما أ يمكن أن تجازينا البلاد التي نحبها ونضحي من أجلها بأرواحنا بكل هذا الصدود؟
- يجيبني: وهل قلوبنا من حجر؟
كيف نترك البلاد لهم، ونحن إذا هاجرنا سنعود ليس بيننا وبين البلاد حدود، والطواغيت يقودون البلاد إلى هلاك، هل عرفتم؟
إن الطواغيت أصدروا قرارا بحكم الإعدام الغيابي بحق المواطن ياسر حيدر الياسري،
ويسألونني:
ـ كيف استطاع النجاة:
ـ قلت لكم هو لا يموت، أ تعرفون ياسر؟
إنه رجل طموح جموح ذكي يبصر معنى الأحلام، الإرادة، الفوز، يحدثني عن ذكرياته:
كنا نعرف ونؤمن بان الانتفاضة على وشك الانفجار، لا أحد يعرف شعب العراق مثلنا، نحن أولاد العراق القلب ونعرف كل معاناته، هواجسه، وندرك قيم النهضة الحسينية فيه، لهذا كنا على أهبة الاستعداد للدخول إلى البصرة الأم، عام 1991م ودخلت.
اقول لك مسألة تؤلمني كثيرا، أرى لا أحد استطاع أن ينصف الانتفاضة الشعبانية كونهم قيدوها انتفاضة ضد حاكم سلطة جائر، والحقيقة هي ليست كذلك، مثلما كانت ثورة الحسين عليه السلام ليست ضد يزيد وحده بل هي ضد كل طواغيت التواريخ.
كانت الانتفاضة الشعبانية ضد كل طواغيت الأمة، لذلك ترى أن الدول المتحاربة مع الطاغية هي التي أعانته للقضاء على الانتفاضة الشعبية ولهذا كان اللجوء إلى الأهوار، كانت الحياة عند القائد ياسر لا تهدأ وروح الانتفاضة فيه، لا يحب الحديث عن نفسه لهذا تفاجأت حين عرفت أنهم لا يعرفون شيئا عن مشاركته في حرب لبنان ضد إسرائيل، ذهب إليها مع طاقم خبراء ، ولا يعرفون انه قاتل دفاعا عن حرم مولاتنا زينب عليها السلام في سوريا، وشارك في محطة من محطات الشرف للمشاركة في اليمن خبير في مجال الهندسة وإعطاء دورات في تطوير الصواريخ والقاذفات والأسلحة الأخرى، تحدثت كثيرا مع تلال حمرين، عرفّتها بجميع تفاصيل الشجاعة الهاشمية حين تعتليه الغيرة، قلت لها:
ـ يا تلال حمرين أطبقي أضلاعك حوله لتحميه، وأدركت تلك التلال معناه، وعرفت الرجل الذي قرر ألا يموت، كان من أمهر الخبراء في مجال الهندسة، وله دور في تطوير صواريخ عديدة، مثل تحوير صاروخ قذيفة الهاون بأسلحة أخرى وابتكار الناسف العنفواني وتحويل المضادات الجوية إلى مضادات أرضية، وكنا نتأمل منه الكثير عند انتهاء الحرب فهو خبير بنصب مضخات وأبراج الوقود العملاقة
سألتني تلال حمرين بعدما عرفته وعشقته
-هل أنا الوحيدة التي ازدهت بوجوده؟ قلت:
ـ قاتل في أمرلي إلى بيجي ومنها لحضنك الذي يحمل الكثير من سمات كربلاء
القضية ليست في سيرة حياته بل في المصير، الاصدقاء يسألوني دائما ليعرفوا كيف لهذا الرجل أن يعصي الموت؟
ومن أين استقى هذا البقاء؟
زعقت التلال يوم 1/3/ 2016 وهي تراه يصد هجمات كثيرة، واوقع خسائر كثيرة في صفوف العصابات الداعشية، وأثارت بهذا الزعيق حزن التراب وهو يشرب دم من قرر ألا يموت، فذهب بلوعة عشقه الحسيني إلى ركب الشهادة محملا باليقين، هل صدقتموني حين كنت اقول لكم ان ياسر لا يموت.
|