• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : رقية قرة عين الحسين عليه السلام (3) .
                          • الكاتب : خديجة عبدالواحد ناصر .

رقية قرة عين الحسين عليه السلام (3)

 لا أحد يستطيع أن يراه مثلما أنا أرآه ، إنه أبي ، إنه الحسين عليه السلام  كبير قومة وناسه ، لذلك كنت أبكي طوال الطريق   الى الكوفة  ، وإلى  كربلاء لا أعرف ما الفرق بينهما  ، وأنا انظر اليه  بين وقت لآخر ، اشعر أنه حزين وحين  يحزن أبي تتغير ملامحه ، يكثر النظر الى السماء ولا ينظر الى الأرض  ، وأنا ما زلت صغيرة لا استطيع أن أفسر كل ما أراه ، ، لكني  أستطيع  أن أدرك  أن أبي  كان لا ينام الا حين  يقبلني على جبيني  حتى لو كنت نائمة فانا أشعر بقبلته  ، كنا على سفر ولا أعرف متى ينتهي  لكني أعرف متى التقي بأبي ، أبي مبهج الآمال ، يساعد الله قلب كل طفلة  فقدت اباها ، سمعت أن حميدة قد رحل اباها الى الله  ، سألت عمتي ما معنى أن يرحل الانسان الى الله ، السنا  كلنا عند الله ، هل ستحرم ابنة عمي ( حميدة ) من رؤية أبيها ، عمتي  لماذا لا نرى الراحلين  الى الله ، اجواء الصحراء  تنذر بعاصفة رملية  كبيرة ،  لا أستطيع أن أخبر عمتي بمخاوفي فاقلق ، وهي لا تعرف إني افسر ما أسمع أخاف من الاشياء الحزينة ، سمعت أمس أبي يقص لأصحابه عن حلم  أرعبني  ،  قال أبي رأيت في المنام  كلابا تنهش  لحمي ، بقيت أبكي الليل كله  ، أنا أبكي  وأتذكر  الكلب الابقع  الذي سيكون أشد الكلاب نهشا في جسد أبي ، تسألني عمتي زينب :ـ ما الذي أيقظك  ؟ نامي  بنيتي  ، قلت عمتي  لماذا لا نرجع  الى بيتنا ؟ أجابتني العمة هذا أمر الله يارقية ، حينها سألتها:ـ عمة من هو أبن زياد؟  دثرتني  وقالت :ـ نامي  رقية  ، لاعليك  بهم  لنا الله ، 
ومع أيام المسير ، رأيت اناسا غرباء  يطوقون ركبنا  وأحسست انهم  جيشا من الأعداء ، شعوري يبعث بالقلق  ، انا خائفة على أبي ، :ـ عمتي ايمكن ان تكون الصحراء أكثر رحمة من الناس ؟ صار لنا ايام ونحن محرومون من النوم على الأرض لا بيت لنا   سوى الخيام قضينا معظم الاوقات ونحن على هوادج الجمال ، متعبة جدا كانت الرحلة في جوف الصحراء  ، وأخيرا  وصل الى سمعي أسم كربلاء  ، أسم  كربلاء صار كل شيء  ينذر بالحزن ، أنظر الى  السماء  يبدو أن  السماء  تغير شكلها  ، صرت أرى أشياء غريبة  لم ألفها  من قبل وأسمع عمتي  زينب تتكلم  بلغة لم أسمع بها قبل اليوم ، أسمعها تنادي وأثكلاه ، ليت الموت أعدمني الحياة  ، يا الله  ما الذي يجري ، ، يا ألله  أنا ليس لي غيرك لأكلمه واشكو له أموري ، اسمع عمتي زينب تنادي :ـ اليوم ماتت أمي فاطمة وأبي  علي وأخي الحسين ، يا خليفة الماضين ، وثمالة الباقيين ، كربلاء  تظهر لي في الاحلام تارة على شكل مطر  لتخضر به الربوع  ، وتصبح كربلاء خضراء مليئة  بالناس والنخل والشجر ، اشكال من الناس مختلفة الوانهم  ملايين تحمل رايات سود تتوجه الى كربلاء ، كانت اسم كربلاء يصرخ باذني، انها كربلاء ، أنت معي أينما ترحلين ، ، أدركت  أن قبلة أبي على جبيني اليوم  لها طعم آخر  ، أبي  كل يوم يقبلني  ، وقبلة  اليوم  انهضتني من النوم ، ابتسامة على وجهه الصبوح ، فجأة  أنصرف الى  صلاة  الصبح ليصلي بأصحابه في كربلاء ،  بدأت الحرب انها مرعبة ، الحرب حسب فهمي  يعني الموت، الحرب يعني اجتمعوا لقتل أبي ، امور كثيرة مرعبة ، حفر عمي العباس  بئرا كبيرا قرب الخيام ، فلم يجد فيها الماء ، عمتي  حرام على النهر ان يمنع ماءه عنا ، يساعد الله قلب عمتي زينب مع كل ما يحدث هي خائفة علينا ، تجمعنا في حضنها وكأنها تريد أن تروينا الدمع والحنين ، من الاشياء التي اطمأن اليها ، وأشعر بالسكينة  هو وجود عمي العباس  وبقية اعمامي وأخوتي وناسنا ، وتبقى لعمي هيبة  ، كان الاعداء رغم كثرتهم  يخافون من عمي العباس ،  انتهت الصلاة  وبدأ الاعداء يرشقون  فسطاط أبي بالسهام ، وانا ادعو ربي بحق جدتي فاطمة نجي ابي الحسين من سهامهم ، عمتي ماذا يريدون من أبي ؟ كانت تجيبني دمعتها  وتركض الى التل  لترى ما الذي يحدث وتقول  انهم اعداء الله ، ضجت الخيام بالبكاء ، العطش  يأخذ جانبا والخوف على أبي ومن معه  ، وصراخ النسوة  من الحزن ، أرتفعت الأصوات تندب أبي  :ـ يا حسيناه  ، يا الهي انهم يحاربون أبي ، فرحت حين رأيت عمي العباس وأخي علي يدخلان المخيم ، من المؤكد ان أبي بعثهما ليطمئنا علينا ، ومن المؤكد اوصاهما ليقبلاني ، خاطب عمي العباس  عمتي زينب ، يقول لك مولاي الحسين عليه السلام  ،أسكتي النسوة  من الصراخ  ويبدو ان البكاء سيكثر الى حين، شعور طفلة ذبحها الضيم ، يا الهي  كل هؤلاء  القوم يريدون  ان يذبحوا  اهلنا ونا سنا  والجميع يريدون  رأس أبي ، كنت أنظر الى أمرأة  تحمل عمود الخيمة  لتبارز الاعداء ، فقد قتلوا ابنها وزوجته ، قلت لعمتي وانا اسمع حكاية المرأة عمتي هل سنقاتل نحن ايضا ؟ عمتي ماذا لو قتلوا أبي ؟ هل سأحمل السيف  واقاتل ، قالت لي :ـ ابوك الحسين  لم يقبل  ان تقاتل  النساء ، قال لها أرجعي الى الخيمة رحمك الله ،  فقد وضع عنك الجهاد ، رجعت الى الخيام
وهي تدعو الله  :ـ اللهم لاتقطع رجائي ،  ، واحد من الأعداء  ينادونه الشمر يريد أن يحرق علينا الخيمة وهو  يصيح علي بالنار  لأحرقها على اهلها ، تصايحت النساء ، أخذنا الرعب وخرجنا وعمتي من الفسطاط  ، الى أين نذهب والصحراء التي أمامنا عبارة عن جند وسيوف  باشطة ورماح ،  قلت مع نفسي  يا الله رحمتك التي هي اكبر من سطوة الشمر واعوانه ، الخوف انساني حرقة العطش  ، انا خائفة ،




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=197349
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2024 / 10 / 22
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15